إضاءة.. الإسلاميون في مصر و صراع السلطة

 صعود الاسلاميين الى السلطة ليس بجديد، ففي السودان مثلا فازت الجبهة الاسلامية عام 1994 وحينها كان هنالك مؤتمر في الولايات المتحدة عن خطر "الاسلام الأصولي على منطقة شمال افريقيا" حيث قيل إن إيران تحاول نشر أيدلوجيتها المتمثلة بشعارات وقيم الثورة الاسلامية الايرانية في افريقيا عن طريق الاسلاميين في السودان، وكذلك فهنالك مثال آخر وهي حركة المقاومة الاسلامية حماس التي تتبع ايدلوجيتها الاسلام والتطبيق الاسلامي في ادارة الحكومة وشؤون الدولة على حد زعمهم، كما ان هنالك المثال الاكبر وهي ايران التي تتبع المنهج " الخميني" الاسلامي من وجهة نظرهم وهاهي اليوم الدولة التي خاضت الربيع العربي او تبلورت منها حكومات جديدة مثل المغرب التي فاز فيها حزب العدالة والتنمية وتونس التي فاز بها الاسلاميون ايضا، هنا يجب ان نتذكر ان هنالك لبسا حاصلا بين مصطلح الاسلاميين والاسلاميين المتطرفين حيث اطلق المصطلح الاخير بعد ما حصل من عنف واقتتال في التسعينات في الجزائر وبقي هذا المصطلح كما هو عليه بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر حيث يستخدمه الاعلام الغربي واحيانا العربي على كل من وضع عباءة الدين الاسلامي من السياسيين ولكن لم يستطيعوا توصيل رسالتهم إلا بقمع الآخر وتهميشه او عن طريق التسليح وفي الجزائر مثال على هذا :الحركة الاسلامية المسلحة التي دأبت على القتل والعنف وأصبحت الجزائر في دوامة حرب العصابات حينها ولعلي أتذكر منذ سنة من السنوات قالت لي إحدى المعلمات الجزائريات للغة الفرنسية انها تعرضت لمحاولة قتل من بعض افراد تلك الجماعة فقط لأنها تدرس "لغة العدو" ، هنا نصل الى ان التطرف بدا سمة غالبة على تلك الجماعات التي ظلمت جماعات اخرى تتخذ من الايدلوجيات الاسلامية والتشريع الاسلامي مصدرا لها.

نأتي الى مصر التي تشهد انتخابات للمرة الاولى منذ فوز الرئيس المخلوع حسني مبارك آنذاك، فقد حصل ما لم يكن متوقعا وهو تقدم الاسلاميين وحصول الاسلاميين السلفيين والاخوان المسلمين على اغلبية الاصوات وهو ما يثير قلق الكثير من الاحزاب والتيارات الاخرى في مصر وكذلك يثير حفيظة وخوف اسرائيل من مستقبل علاقاتها بمصر ومدى محافظة الاسلاميين على المعاهدات التي تربط مصر بإسرائيل فالجميع خائف ومتوجس وكل له اسبابه، لكن هل فعلا هذا الخوف له داعٍ ؟ ام انه مجرد خوف من المجهول وخوف من الغير متوقع حدوثه اي حدوث مفاجأة قد تقلب الموازين كلها ان فاز فعلا التيار السلفي او الاسلامي في مصر؟

هنالك من يعتقد في مصر ان الاسلاميين لا يمكن الوثوق في كلمتهم حيث اتخذوا موقفا شديد اللهجة حين بدأت الثورة المصرية فرفضوا الخروج الى الشوارع ورفضوا التجمهر والاعتصامات بسبب انها خروج على الحاكم اي مبارك فهم يرفضون مبادئ الديمقراطية الغربية التي تتمثل في حكم الشعب وترى ان يحكم حاكم واحد افضل من جعل الحكم في ايادي مجموعة من الاحزاب والافراد المختلفين بانتماءاتهم السياسية والدينية وغيرها،لكن ما لبث ان تغيرت تلك الصورة بالطبع لم يأت هذا التغير من الفراغ فبعد ضغط الرأي العام والشارع المصري بالاضافة الى موقف الاعلام من السلفيين والاسلاميين خرجت مجموعة كبيرة منهم الى الشوارع وانضموا الى المظاهرات ورفعوا اللافتات والظاهر مؤخرا ان الجماعات الاسلامية بما فيها الجماعات الموجودة في مصر قبلوا الحلول السلمية وابتعدوا عن العنف الذي بقي سمة بارزة وظل يلاحقهم طوال عقود مضت فهم اتجهوا الى صناديق الاقتراع وحق الفرد في التصويت والاختيار وهذه بادرة حسنة لم نكن لنراها منذ سنوات . 

السابق
واشنطن وعزلة “إسرائيل”
التالي
ماذا يحدث لبريدك الإلكتروني بعد وفاتك؟