وساطة حزب الدعوة السورية!

لعلها من عجائب الدنيا "الثمانية" وسط أجواء الحيرة القاتلة التي تضلل المعسكر الفاشي أن يتنطع أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي المدعو علي الموسوي ليحشر نفسه في وسط أظهر و أنبل وأروع ثورة شعبية في الشرق القديم وهي الثورة السورية التي ستطيح برقاب المجرمين والقتلة, وستصحح تاريخ الشرق بأسره , وستكون علامة من علامات التغيير الحقيقي والتاريخي في المنطقة , فالسيد الموسوي عبر علنا عن رغبة سيده وزعيمه نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية التائهة والمحصورة ضمن أسوارها الطائفية العالية بالتوسط بين النظام السوري القاتل المجرم ( الفئة الباغية ) , وبين معارضيه الأحرار الذين يناضلون لتحرير سورية من الإحتلال الفاشي العائلي الطائفي؟

وهذه الوساطة تثير القرف فضلا عن مجافاتها لأبسط متطلبات الواقع وهي أن الوسيط لايحظى باللياقة أصلا لتلك المهمة لأنه منحاز و بشكل فج لنظام القتلة , إضافة إلى كون الكثير من رموز النظام العراقي الحالي ومن أعلى المستويات ماهم في الحقيقة إلا وكلاء لفروع المخابرات السورية وإن معلمهم الأكبر وعرابهم المعروف ورئيس جمهوريتهم هو اللواء الإستخباري السوري محمد ناصيف خير بيك ( أبو وائل )! إضافة إلى عدد من ضباط مخابرات القوة الجوية السورية , ونظام على هذه الشاكلة الرثة والوضعية الهزيلة إضافة إلى الروح والمنهج الطائفي المقيت لايمكن أن يكون وسيطا نزيها وعادلا , فضلا عن أن الوساطة لا معنى لها أبدا في ظل إستمرار النظام السوري في منهجية القتل الشامل وتوسيع مساحات الإرهاب السلطوي وصم الآذان عن جميع النداءات العربية والإقليمية المخلصة للقبول بمجرد دخول مراقبين عرب لمتابعة الموقف الداخلي عن كثب والإطلاع على صدقية إتهامات النظام لما يسميه العصابات المسلحة التي لاوجود لها إلا في مقرات مخابراته وجرائم زعرانه من خطف وقطع للرقاب والألسنة وإقتلاع للعيون والحناجر وغيرها من وسائل الترهيب والإرهاب القصوى ضد شعب أعزل كل ذنبه أنه يطالب بالحرية والكرامة و العدل وإسترداد الشام العظيمة لروحها الحرة الخلاقة التي صادرها الفاشيون القتلة, عن أي وساطة يتحدث حواشي الخنوع في العراق وهم الذين فشلوا فشلا ذريعا في قيادة الشعب العراقي لبر الأمان ؟ أليس من الأجدى والأجدر أن يحتفظوا بوساطتهم لأنفسهم ويرمموا حكومتهم الناقصة أصلا, ويحلوا مشكلات الإحتقان الطائفي والعرقي التي تهدد بتمزيق العراق بدلا من مد حبل الإنقاذ لنظام فاشي إرهابي يسير بخطى حثيثة نحو مزبلة التاريخ , أي مصداقية وأي حيادية تلك التي جعلت الحكومة العراقية تفكر بالوساطة ؟

هل إعترفت حكومة حزب "الدعوة" الإيراني بالمعارضة الوطنية السورية كي تستطيع مد حبال الوصل؟ هل إعترف النظام العراقي بالمجلس الوطني السوري ورئيسه البروفيسور برهان غليون كان من أكبر الداعمين للمعارضة العراقية السابقة في صراعها ضد نظام البعث العراقي البائد ؟ ألا تشكل مواقف الحكومة العراقية في الجامعة العربية المؤيدة لنظام دمشق وصمة عار في جبين الديبلوماسية العراقية ? ألم تخالف حكومة الطائفيين الإيرانيين في العراق رغبات الشعب العراقي وإنحازت إلى جانب نظام القتلة ? هل شعر نوري المالكي وهو الذي رفع شعارات المظلومية المزعومة طويلا بحجم معاناة أهالي شهداء الشعب السوري وهم بالآلاف? وهل شعر بأنين المعتقلين والمغيبين في مخابرات النظام والتي يعرفها حق المعرفة بحكم عمله السابق مع جهاز المخابرات السوري أيام "الحجيرة"? لماذا يكون الحق له ولاتباعه ولبقية الجوقة الطائفية الحاكمة في العراق بالإستعانة بالقوى الدولية لتخليصهم من نظام بعث العراق بينما يحجبون هذا الحق عن الشعب السوري للتخلص من نظام هو نسخة طبق الأصل لنظام العراق البائد ؟ ماهذه المعايير المزدوجة؟ وماهذا الظلم البين ؟

وكيف يمكن القيام بوساطة بين أحرار يريدون الحرية وإنتزاعها من عيون الطغاة و بين مجرمين قتلة يعتقدون أن سورية مجرد ضيعة يتوارثونها كابرا عن كابر ؟ وساطة نظام نوري المالكي في العراق هي محاولة يائسة للسباحة في الهواء وقد ولدت ميتة لأنها فاقدة للمصداقية ومخالفة للمنطق , لربما تكون الوساطة الحقيقية التي يمكن أن يقوم بها العراق الطائفي هي إستيراد الرئيس السوري و زبانيته و إستضافتهم كلاجئين في المنطقة الخضراء أو لربما قم وطهران لاحقا ولربما كاشان حيث يجاورون الضريح المزعوم لأبي لؤلؤة فيروز! وأي حديث للوساطة بين الشعب وجلاديه هو حديث خرافة ودجل , فليلتفت حكام العراق لوسيط يصالحهم مع شعبهم أولا قبل أن يكونوا وسطاء لنظام قاتل ومجرم أشر جاءت نهايته مهما إبتدع من وسائل القتل والإرهاب , النظام السوري يسير حتف أنفه نحو الحجيم , أما وساطة حزب الدعوة وشركاه فهي مجرد نكتة بايخة في الزمن الطائفي الأسود.  

السابق
الراي: الأجواء المكهربة ترفع التوتر العالي بين مكوّنات الحكومة اللبنانية
التالي
الاخبار: جلسة الحكومة غداً رهن مشاورات اللحظة الأخيرة