الاخبار: جلسة الحكومة غداً رهن مشاورات اللحظة الأخيرة

كل الاحتمالات واردة بالنسبة إلى جلسة مجلس الوزراء غداً: فإما يجري إرضاء العماد ميشال عون وتنعقد الجلسة بنحو عادي، أو يقاطعها وزراء تكتل التغيير والإصلاح، وبالتالي تكون الحكومة أمام تأجيل آخر أو أزمة مفتوحة
حتى ساعة متقدمة من مساء أمس، لم يكن مصير جلسة مجلس الوزراء المحددة بعد ظهر غد في قصر بعبدا، قد اتضح، وخصوصاً لناحية مشاركة وزراء تكتل التغيير والإصلاح فيها أو مقاطعتها، وإمكان تأمين النصاب اللازم لعقدها إذا أصر جميع وزراء التكتل على التضامن وعدم ترك وزراء التيار الوطني الحر وحدهم في ميدان المقاطعة. وإذا أضيف إلى ذلك غياب وزراء آخرين، فإن الجلسة ستكون عرضة للتأجيل مرة أخرى، رغم أن لقاءً جمع مساء أمس رئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي، أوحى بأن الأمور «ماشية»، حيث جاء في الخبر الموزع عن هذا اللقاء أنهما عرضا التطورات الراهنة وجدول أعمال جلسة الغد.
على جبهة الرابية، تشير المعطيات إلى أن التيار الوطني الحر بات كأنه «يبلع الموس»؛ فمن جهة لا يريد مشاركة وزرائه في الجلسة ما لم يُتجاوَب مع مطالبه. ومن جهة، يحرص على البقاء في الحكومة وعدم تطييرها. وبحسب مصادر تكتل التغيير والإصلاح، أشارت الوقائع المسجلة حتى ليل أمس، إلى عدم وجود تجاوب كاف مع مطالب التيار، «ما يدل على صعوبة المشاركة في الجلسة». وأكدت هذه المصادر أن التواصل يجري بين التيار وحلفائه في التكتل وحزب الله لدرس كل الخيارات المتاحة أمام التكتل لجلسة الغد.
وبحسب المصادر، يبحث التكتل ما هو أبعد من مطالبه، ليلامس قضية إدارة الدولة، وخاصة بعد ما جرى في الزهراني خلال الأسبوع الماضي؛ «فما يجري في لبنان عبارة عن تهديم ما بقي من أثر للدولة، وما لم يجرؤ أحد سابقاً على تهديمه». وتضيف مصادر بارزة في التيار الوطني: «نحن مصلحتنا الخروج من الحكومة، لكن علينا النظر إلى أبعد من مصلحتنا المباشرة»، لافتة إلى أن «وزراء التيار اقترحوا على زملائهم في التكتل مقاطعة جلسات مجلس الوزراء، على أن يحضرها باقي وزراء التكتل (وزراء المردة والطاشناق)، بما يضمن انعقاد الجلسة. لكن حلفاءنا في التكتل يصرون على اتخاذ موقف موحد».
وإذ أكدت مصادر التكتل، أن المشاورات استمرت حتى ليل أمس، لفتت إلى أنها لا تشمل قصر بعبدا أو السرايا الحكومية أو عين التينة، علماً بأن حزب الله يتولى التواصل مع الرؤساء الثلاثة. وتركت مصادر التيار الباب مفتوحاً بالقول إن كل الاحتمالات لا تزال واردة بالنسبة إلى المشاركة أو عدمها «ولا يزال لدينا الكثير من الوقت للتوصل إلى نتيجة». وعُلِم ليلا أن نصاب الجلسة لن يكتمل، لأن حزب الله سيتضامن مع عون إذا لم تتم الإستجابة لمطالبه.
وكان ميقاتي قد التقى ظهراً رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، واستبقاه إلى مائدة الغداء في حضور شقيق رئيس الحكومة طه ميقاتي، وقد وصف اللقاء بالإيجابي. لكنه لقاء، بحسب مصادر «المردة»، لم تكن له علاقة بالأزمة الحكومة، لأن فرنجية «مع مطالب التيار الوطني الحر، وليس في وارد القيام بوساطة بين التيار ورئيس الحكومة».
لكن الموضوع الحكومي ومصير مطالب عون وملف شهود الزور، لم يلق أدنى اهتمام لدى الدبلوماسيين الغربيين الذين كادت مواكبهم تتصادم وهم يتوزعون على مقري الرئاستين الثانية والثالثة للتهنئة والترحيب «الحار» بقرار تمويل المحكمة الدولية، وإعلان فتح أبواب بلادهم أمام رئيس الحكومة، وخزناتهم لدعم «استقرار لبنان»… وكل ذلك لأن التمويل حصل.
فسفير فرنسا دوني بييتون زار ميقاتي أمس، وسلمه رسالة رسمية من رئيس وزراء بلاده فرنسوا فييون، تتضمن دعوة رسمية لزيارة باريس قريباً. وقال بييتون إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيكون «مسروراً بلقاء الرئيس ميقاتي في خلال هذه الزيارة لتهنئته على القرار الذي اتخذه في شأن تسديد حصة لبنان من تمويل المحكمة»، وأضاف: «نأمل في خلال هذه الزيارة التي سيحدد موعدها لاحقاً، أن يجري التطرق إلى عدد من الملفات الثنائية بين لبنان وفرنسا».
السرور لم يتوقف عند إحدى ضفتي المانش، بل شمل سفير الضفة الأخرى، أي سفير بريطانيا طوم فليتشر الذي زار السرايا أمس مسروراً، كما قال، لينقل إلى ميقاتي «ترحيباً إيجابياً» حيال اقتراحات كان قد قدمها رئيس الحكومة اللبناني لنظيره البريطاني «في كيفية دعم بريطانيا للاستقرار في لبنان». واللافت أن الترحيب البريطاني جاء بعد شهر كامل من زيارة ميقاتي للندن وتقديمه للاقتراحات المذكورة، وأعلنه فليتشر مباشرة بعد قوله إنه عبّر لميقاتي خلال لقائه به أمس عن الترحيب بقرار تمويل المحكمة «الذي اتخذه والحكومة اللبنانية»، من دون أن يوضح من أين تكون لديه انطباع أن الحكومة اللبنانية اتخذت القرار! إضافة إلى ذلك، ذكر المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة أن سفير بريطانيا شرح خلال اللقاء «ما تعرضت له السفارة البريطانية في إيران من اعتداء. وأبدى الرئيس ميقاتي شجبه للحادث ولأي تعرض للسلك الدبلوماسي».
وإلى عين التينة، توجه نائب ممثل الأمين العام للأمم المتحدة روبرت واتكنز، ليعبّر عن الترحيب الحار بدور رئيس مجلس النواب نبيه بري «لإيجاد حل لتمويل المحكمة الخاصة بلبنان. وقد كان دوره مقدراً جداً من الأمم المتحدة». وقال إنه اتفق وبري «على أهمية أن يكون هناك استقرار وأمن في لبنان، وفي هذه المرحلة من التغيرات الديموقراطية في المنطقة من المهم للغاية أن يقوم لبنان بكل الجهود لضمان الاستقرار في ربوعه»، معلناً تشجيع الأمم المتحدة على عقد الحوار الوطني برعاية رئيس الجمهورية، وأملها «أن يقرّ مجلس الوزراء في جلسته هذا الأسبوع مشاريع تتعلق بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية للبنانيين، التي أدت إلى ارتفاع حال التوتر في الأيام الأخيرة».
ومن الصيفي، أشاد سفير روسيا ألكسندر زاسبيكين بتمويل المحكمة، وقال بعد لقائه الرئيس أمين الجميّل، إنه من خلال هذه الخطوة «أكد لبنان تمسكه بالتزاماته الدولية. ونتمنى مواصلة هذا النهج لأنه أصبح مكسباً لجميع اللبنانيين»، مردفاً: «نريد الاستقرار في لبنان وتحقيق العدالة. ونتمنى استئناف الحوار الوطني لفتح الطريق الأوسع أمام تطور لبنان الديموقراطي كدولة ذات سيادة».
كذلك زار السرايا الحكومية أمس، لكن لأسباب أخرى، كل من سفيري إيران غضنفر ركن آبادي وسوريا علي عبد الكريم علي، حيث أعلن الأول أنه سلم ميقاتي رسالة من النائب الأول للرئيس الإيراني محمد رضا رحيمي «بشأن التطورات في المنطقة»، وأن الحديث تناول موقف طهران «تجاه لبنان وجميع اللبنانيين بالتشديد على الاستقرار والوحدة الوطنية والتضامن والتكاتف، وخاصة في مثل هذه المرحلة الحساسة»، إضافة إلى التطورات الإقليمية والدولية وما يجري في سوريا. فيما ذكر علي أنه أثار مع ميقاتي قضية الحدود بين البلدين وضرورة صيانتها «ومنع كل مظاهر الخلل وتهريب السلاح، والعبث بالأمن الذي ينعكس على البلدين الشقيقين، وكنت مطمئناً إلى تشديده على تطبيق الاتفاقات المعقودة بين البلدين».  

السابق
وساطة حزب الدعوة السورية!
التالي
ميليشيا جعجع تصبح حزباً:ربيع القوات