اللواء: إرتياح إقتصادي ومالي لتجاوز قطوع التمويل·· والحسابات السورية قيد المراقبة

فتحت المواقف الجديدة – القديمة، للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والتي ساقها مساء امس في ما يشبه دفاعاً ونصف هجوم، وغلفها بسرد تطورات الساعات الاخيرة للوساطة العربية – الدولية والتي انتهت باسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، وجمعت بين البراغماتية والذرائعية، مشمولة بالتفاتة شكر للحلفاء الذين دعموا موقف الحزب في وجه المحكمة الدولية التي عاد السيد نصر الله وكرر المنطلقات الرافضة ولائحة المآخذ منها، في ما يشبه ربط نزاع مشدد مع تيار المستقبل وقوى 14 آذار، البلاد والوضع الحكومي نفسه امام حفلة مقبلة من شد الحبال وعض الاصابع، في ظل حكومة رفع تمويل المحكمة من منسوب الحذر منها، من قبل الاطراف المشاركة فيها، ومع دخول لبنان ساعة الحسم في ما يتعلق بالتزام العقوبات العربية التي تدخل غداً حيِّز التنفيذ ضد سوريا، والموقف الذي استبقته المصارف اللبنانية بتشديد الرقابة على الحسابات العائدة لسوريين، حيث تقدر المصادر المصرفية مجموع المبالغ التي دخلت لبنان منذ بدء الانتفاضة الشعبية في سوريا بـ34.1 مليار دولار بينها 8.1 مليار دولار في شهر نيسان فقط، مع قناعة مالية دولية، ان هذا المال معظمه سوري·
لكن الاهم في المواقف السياسية التي صدرت عن السيد نصر الله كجزء من حزمة مواقف ستبلغ ذروتها يوم الثلاثاء المقبل، هو تجدد السجال حول النقاط الخلافية، لا سيما وان مهرجان طرابلس بدا انه ازعج حزب الله، حيث اتهم تيار <المستقبل> وحلفاءه باستخدام لغة التحريض الطائفي والمذهبي، داعياً للاقلاع عنه لانه سيؤدي الى الفتنة، وذهب ابعد من ذلك حين قال: <اذا كان احد يخطط للدخول في معركة معنا، من خلال المراهنة على التطورات الاقليمية، فهم واهمون ويستطيعون ان يعرفوا من الآن نتيجة المعركة>·

وفيما اقتصرت تسميته على الرئيس سعد الحريري في معرض ما وصفه بالصفقة التي عرضت على المعارضة السابقة، مقابل بقاء الحريري في رئاسة الحكومة واسقاط المحكمة، وجه انتقاداً مبطناً لرئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع حين وصفه <احد جهابذة 14 آذار>·

والاهم في السياق السياسي التصويب على الرئيس نجيب ميقاتي، في مقاطع وفقرات طويلة من الخطاب، من دون ان يقطع <شعرة معاوية> لا مع رئيس الحكومة، ولا مع الحكومة الحالية التي تتقدم المصلحة العليا على ما عداها، معتبراً <الاستقرار فوق كل اعتبار>، وذلك عبر النقاط الآتية:

1- خالف السيد نصر الله حول اعتباراته لتمويل المحكمة لجهة الحرص على العدالة ووطنيته وسنيته، معتبراً المسألة وطنية والمحكمة غير دستورية وتمويلها لا يمسُّ طائفة·

2- كشف عن عتب على الرئيس ميقاتي عندما ألزم نفسه بتمويل المحكمة فأحرجها، واوصل نفسه الى ازمة حادة عندما هدد بالاستقالة·

3- كشف انه لو عقدت جلسة مجلس الوزراء لصوت الحزب واغلبية الوزراء ضد التمويل وليكن ما يكون·

4 – خاطب نصر الله الرئيس ميقاتي بما يشبه الاحراج، ومن منطلقاته نفسها، من الحرص على العدالة والوطنية والسنية، داعياً اياه إلى ما وصفه <بانصاف المظلومين> في إشارة إلى الضباط الأربعة، وبما يشبه الاملاء <ان تقوم دولتك بوضع نقطة على جدول مجلس الوزراء تتعلق بفتح ملف شهود الزور، وأن كنت تعتبر نفسك انك امام امتحان، فهذا امتحان لك>·

هذا في التصريح، اما في التلميح، فلم يخف نصر الله وقوفه إلى جانب مطالب تكتل الإصلاح والتغيير، معتبراً انها <محقة>، وفي هذا رسالة لرئيس الحكومة أيضاً، مشيراً إلى أن الأزمة الحكومية لم تنته وإن كان الحزب غلب وضع المصلحة الكبرى فوق كل اعتبار·

وإذا اعتبر أن التمويل الذي قرره الرئيس ميقاتي على مسؤوليته من أموال الهيئة العليا للاغاثة، شكك بدستورية الاجراء، مشيراً إلى ان التمويل سيكون من هبات وتبرعات من أفراد ودول، متجنباً الإشارة إلى أي دور للرئيسين ميشال سليمان ونبيه برّي·

<المستقبل> في المقابل، ساق عضو كتلة <المستقبل> النائب عمار حوري ملاحظات سريعة على كلام نصر الله، معتبراً انه كان خطاباً دفاعياً، وكان المقصود منه التوجه إلى جمهوره، وتبرير أسباب عدم ممانعته تمويل المحكمة، متسائلاً عن توقيع الرئيس سعد الحريري على الورقة التي ابرزها وقال انها من نتاج وساطة الوزيرين القطري والتركي، <خصوصاً وأن هناك من يقول بأن هناك ورقة في المقابل، وضعها <حزب الله>، ويتعهد فيها بتسليم سلاحه>، مشيراً إلى ان الورقة ليست جديدة، وسبق ان أعلنت في مناسبات سابقة·

وأوضح حوري لـ?<اللواء> اننا لا نستطيع أن نقول أن تمويل المحكمة تمّ من تبرعات أو من هبات خاصة، لأن الدستور اللبناني واضح في هذا الشأن، وهو أن أية هبة تحتاج إلى موافقة من مجلس الوزراء، وبالتالي فان سداد المبلغ الذي أخذ من <هيئة الإغاثة>، سيكون من أموال الخزينة اللبنانية، أي من الدولة اللبنانية·

ولاحظ أن نصر الله سبق أن أعلن انه لا يفاوض ولا يقايض، لكنه في هذه المرة يقايض تمويل المحكمة على ملف شهود الزور، لافتاً إلى انه (أي نصر الله) أعطى تعليمات مباشرة عبر الهواء لرئيس الحكومة، في شأن فتح ملف شهود الزور، وضرورة تحقيق مطالب النائب ميشال عون التي تبناها بالمطلق·

وأشار إلى أن النقطة الأساسية التي لم يقلها، هي أن الرئيس بشار الأسد، كان قد أبلغ موفدين لبنانيين، بضرورة تمويل المحكمة التي يعتبرها نصر الله إسرائيلية، لأن بقاء الحكومة ضرورة للنظام السوري·

أوساط ميقاتي اما أوساط الرئيس ميقاتي، فلم تشأ التعليق على مواقف نصر الله، والتي لاحظت انها لم تخف عتباً على رئيس الحكومة، لكنها أعادت الىالأذهان بأن الرئيس ميقاتي سبق أن أعلن أمام نقابة المحررين منذ شهور أن ملف شهود الزور مفتوح، وأنه ينتظر أن يبادر وزير العدل إحالة هذا الملف إليه، مشيرة إلى أن هذا الموضوع ينتظر تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي يعمل منه عون أزمة·

ولفتت إلى أن الرئيس ميقاتي الذي توجه أمس إلى طرابلس للمرة الأولى بعد تمويل المحكمة، ستكون له كلمة يتوقع أن تكون مهمة لدى رعايته افتتاح معرض الكتاب العربي – الدولي في البيال، ربما يتطرق فيها إلى ما جرى خلال اليومين الماضيين، لا سيما بالنسبة لردود الفعل على التمويل، سواء من قبل فريق 14 آذار، أو من <حزب الله> والتيار العوني، كما سيكون له لقاء على غداء سيقيمه غداً السبت في السراي الكبير، مع الشيخ محمد رشيد قباني، ينتظر أن يكون موسعاً وشاملاً·

ونفت المصادر أن يكون موضوع التعيينات على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي تقرر أن تعقد يوم الأربعاء المقبل في بعبدا، لكنها لفتت إلى أن مجموعة مطالب حملها الوزير جبران باسيل إلى الرئيس ميقاتي الذي استقبله أمس في السراي، للمرة الأولى منذ إعلان وزراء تكتل عون اعتكافهم عن حضور جلسات الحكومة، وتركزت هذه المطالب على تفعيل السياحة وموضوع المياه، والقضاء الأعلى إلى جانب الموازنة والنفط والأجور، مشيرة إلى أن الجو كان إيجابياً، لكن أولويات الحكومة في هذه المرحلة، بحسب مصادر السراي، ستكون حول الأجور والموازنة وقانون الانتخاب، وذكّرت بأن موضوع السياحة كان قد أدرج على جدول أعمال إحدى الجلسات لمجلس الوزراء، والتي أرجئت في حينه بسبب وفاة ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز·

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس ميقاتي، كان قد أكد، وقبل إعلان نصر الله موقف حزب الله من التمويل، ثقته بالحزب وحكمة قيادته في تفهم خطوة التمويل وتقدير دقة الظرف الذي نمر به وحراجته· وجدد ميقاتي الذي تلقى مزيداً من الدعم الدولي لحكومته، أبرزها اتصال من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مهنئاً على دفع حصة لبنان، ومؤكداً دعم جهوده في تعزيز الاستقرار والسلام فيه، دعوته للأطراف المعنية بالحكم على الأفعال، وتقييم خطوة التمويل من زاوية المصلحة العامة، والمساهمة في إقفال هذا الملف وعدم تركه عرضة للتساجل·

إرتياح اقتصادي وأعربت اوساط اقتصادية عن ارتياحها لتجاوز قطوع المحكمة، مشيرة إلى ان هذه الخطوة اعادت الثقة إلى الاسواق اللبنانية التي شهدت دفقاً في الحركة النقدية والمالية، سواء في الداخل او مع الخارج· وتوقعت هذه الاوساط ان يشهد لبنان حركة تجارية وسياحية خلال فترة الاعياد، تكسر الجمود الذي تفاقم من المخاوف من ازمة حكومية لو لم يتم تجاوز قطوع التمويل·

في المقابل، نقلت وكالة <فرانس برس> من مسؤولين مصرفيين قولهم ان المصارف اللبنانية اتخذت تدابير مشددة تماشيا مع العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، تتضمن رقابة صارمة على معاملات الزبائن السوريين وحذراً كبيراً في التعامل مع سوريين يرغبون بفتح حسابات جديدة·

مشيرة إلى ان كل <الحسابات التي يملكها سوريون في لبنان هي تحت المراقبة، على اساس ان المصارف لا تريد ان تعرض نفسها لعقوبات محتملة في حال خرقت الحظر المفروض على سوريا>·

جنبلاط على صعيد آخر، علم ان رئيس جبهة <النضال الوطني> النائب وليد جنبلاط سيطلق يوم الاحد سلسلة من المواقف السياسية، لمناسبة احياء ذكرى ميلاد مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي الزعيم الراحل كمال جنبلاط حيث يتم الاعداد لمشاركة شعبية حاشدة، الى جانب حضور وفود ممثلة للاحزاب والتيارات والقوى السياسية، والنواب الذين كانوا يشكلون مع جنبلاط <اللقاء الديموقراطي> لاعادة احياء هذا اللقاء من جديد·

وتوقعت مصادر مطلعة ان يركز جنبلاط في كلمته على عناوين المرحلة الراهنة، وكيفية تجنيب لبنان تداعيات التطورات العربية الجارية، خصوصا في سوريا، وصولا إلى ما يتعلق بالمحكمة الدولية وعملها بعد خطوة التمويل من جانب لبنان·  

السابق
10 آلاف يورو غرامة لزوج لم يمارس الجنس مع زوجته لعدة سنوات
التالي
الحياة: تمويل المحكمة يمدّد فترة السماح الدولية للحكومة والتعاون معها تحت المراقبة … وميقاتي يسجّل نقاطاً