الحرية

 تعدّت الحرية كونها قيمة فردية منذ قرون خلت لتصبح قيمة جماعية فالاستعباد الفردي والرق الذي عرفه العالم منذ القدم والذي انقرض في عصرنا الحاضر، لم يخمد جذوة الحرية، إذ تلقفتها الشعوب في أصقاع الأرض وأصبحت مطلباً شعبياً يعبّر عنه تارة بالتوق إلى التحرر من الاحتلال الخارجي أو التحرر من نظام مستبد، والمفكرون المعاصرون يستخدمون تعبير الحرية في التحرر من أفكار وتقاليد بالية تقيّد الشعوب وتسترقها وتمنعها من التطور والتقدم.
– فقديماً صرخ المعلم بوذا في وجه العبيد قائلاً: «ألم تشرق عليكم شمس الحرية بعد، ألم يحطم إله الحرية قيودكم، أما كفاكم رقادكم الطويل من تأثير المخدِّر الخبيث الذي يبثّه في عروقكم القديسون»؟
– ولمّا تقدم الإسلام الذي حمل مشعل الحرية وأنار بها مسيرة الشعوب، كان لا بدّ من تكرار تلك الصرخة التي أطلقها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب عندما قال: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمّهاتهم أحراراً»؟
أما الإمام علي بن أبي طالب فقد أيقن أن الاستعباد أساسه رذيلة الطمع عندما قال: «الطمع رقّ مؤبَّد».
– وفي الربع الأول من القرن الماضي قال المفكر السياسي والإسلامي المصري أحمد لطفي السيد: «إذا طلبنا الحرية لا نطلب بها شيئاً كثيراً، إنما نطلب ألاّ نموت». ثم أردف «إني لأعجب من الذي يظن الحياة شيئاً والحرية شيئاً آخر، ولا يريد أن يقتنع بأن الحرية هي المقوم الأول للحياة، ولا حياة إلا بالحرية».
– أما الأديب اللبناني العالمي جبران خليل جبران فقد قال: «يقولون لي إذا رأيت عبداً نائماً فلا توقظه لئلا يحلم بالحرية. وأقول لهم: إذا رأيت عبداً نائماً أيقظته وحدثته عن الحرية».
– قالوا لي: «من علمك حرفاً فكن له عبداً، لذلك بقيت جاهلاً جرّاً.
– وعن علاج مساوئ الحرية قال ماكولي: «هناك علاج واحد للمساوئ التي تنجم عن الحرية، حين تكون في بداية عهدها، هذا العلاج هو الحرية نفسها».
– والفيلسوف الهندي طاغور يقول: «ثقيلة هي قيودي والحرية كل مناي، وأشعر بخجل وأنا أحبوا إليها».
– أما مدام رولاند فتتحدث عمّن يستغل الحرية لمنافعه الخاصة أو من يستعبد شعوباً باسمها وينصب نفسه مدافعاً عنها مرتكباً الجرائم وشانّاً الحروب المبيدة للإنسانية والحرية منها براء، فقد عبّرت بكلمة خالدة: «أيتها الحرية كما من الجرائم ترتكب باسمك».

 

السابق
فتاة تبكي أحجاراً بدلاً من الدموع
التالي
“كلنا للوطن .. بصوتنا أعلى نشيد.. بصوت 1000 تلميذ