المفتي قبلان: أحسنت الحكومة في موقفها من قرار الجامعة العربية

اقامت التعبئة التربوية في حزب الله برعاية المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان احتفالا في ذكرى يوم الشهيد في قاعة الاحتفالات الكبرى في الجامعة الإسلامية في لبنان، في حضور رئيس الجامعة د. حسن الشلبي وأمينها العام سميح فياض وعمداء ومدراء الكليات والأساتذة والطلاب.

وبعد ايات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني اللبناني القى المفتي قبلان كلمة قال فيها: { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم}.

اضاف:"ولأن إحراز رضا الله تعالى موقوف على الشروط، ولأن الاتجار مع الله مركون على أبوابها، فقد عرب الله دم القتيل في سبيله عن سائر الدماء، وأثبت باب الشهيد دون سائر الأبواب، وخص الشهيد بسبع هن الرفعة ساعة الموت، وساعة القبر، والسؤال، والميزان، والصراط، فإن هو قتل قبض الله دمه بيده، وإن هو حمل كان الله أنيسه، وإن هو نزل قبره تلقاه الله بخاصة رحمته وعفوه، فأفرج له عن خزائن الجنان، وملكوت الأمان، وإن هو نشر كان الله كافله ومجيره، وإن زين دمه كان الله هو الوازن. فإذا أكمل طريقه إلى الصراط، تفتحت له الجنان من أعاليها، وخصه الله باب تتطاول له أعناق الخلق يوم القيامة، فإذا هو دخل الجنة نودي به أميرا فيها دون موت أو فناء أو انقطاع.لذلك من تتبع المجاميع وجد الحديث المشهور "الشهداء أمراء أهل الجنة، وسادة عالم الثواب الأعظم، وإن الله عز وجل لا يأذن لخلق بعد الأنبياء والأوصياء حتى يلج الشهداء من بابهم، فإذا ولجوا استقبلتهم أعظم ملائكة الله، تقول لهم: "سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين". وتلك هي أولى كرامات الشهيد على الله تعالى وما أعظمها وأشرفها.أما لماذا هذا النحو من الكرامة المخصوصة للشهيد؟ بكل بساطة، لأن الشهيد من الشهادة والشهادة هي رؤيا وجود ونمط معرفة وغاية وصول".

وتابع: واليوم نحيي ذكرى الشهيد في الجامعة، وكم هي عظيمة تلك الصلة الوثيقة بين الشهادة والعلم، هذا العلم الذي يعيد بناء الذات على نحو من الأسرار الإلهية، وهذا ما تتقاطعه العلوم الطبيعية مع العلوم الدينية والمعنوية، والتي تؤسس لهذا النحو من الشهادة بكل ما تعنيه من عظمة. فإذا كانت العلوم الطبيعية مهمتها عمارة الأرض واستثمار الطاقات، فالثانية مهمتها بيان الوظيفة الوجودية للفرد العابر إلى الله تعالى.ولأن العبادة هي قلم وعمل ومختبر واستثمارات، فإنها أيضا دم وتضحيات وأشلاء وبلاء، ومن يتتبع التاريخ يجد أن سيادة القلم والجامعات ظلت مدينة لدم الشهداء الذين بلغوا أعلى مراتب الجود ليحفظوا الأوطان، ويحققوا الأمان. فهذه حرب تموز ما زالت الشاهد على دم الشهيد والأثر العظيم في حفظ الوطن وأهله وجامعاته، ففي تلك اللحظات التي حشد فيها حلف واشنطن وتل أبيب وجملة من عرب الأميركان في المنطقة أكبر ترسانة لحرب لا سابق لها، تترس أهل الجهاد وفرسان المقاومة بميثاق العهد الأول من عالم الأنوار فكرسوا مدرسة جهادية قالت عنها تحقيقات البنتاغون النهائية بأنها أول مدرسة قتالية تستطيع أن تكسر ميزان ردع استراتيجي ظل يتم بناؤه طيلة ستين سنة، بذراع تقنية اسطولية لا نظير لها، وعلى أثر هذه الحرب خرج لبنان بأهم الانتصارات التي حولت محور الشر الأمريكي إلى خائف هارب مع ذعر طال عرب الأميركان فدفعهم ولأول مرة لأن يجاهروا بصداقة تل أبيب".

اضاف:" ومع دم الشهيد الذي شكل أسطورة حرب تموز، فقد تحولت المقاومة إلى مدرسة فكرية وقيمة علمية مستمدة روحانيتها من مدرسة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين(ع)، مما دفع أكبر المراكز الاستراتيجية في العالم إلى إعادة قراءة النظريات القتالية على ضوء نظرية القتال الأسطوري الذي خاضه المجاهدون في أخطر وأهم حرب على الإطلاق منذ أكثر من خمسين سنة".

وقال:"وأما ما يحصل اليوم ما هو إلا انكشاف للعجز والشلل الذي يطال الأميركي وحلفاء الاميركي، فواشنطن تلعب بكل الأوراق بهدف إعادة ترميم ميزان الردع الاستراتيجي وأهم ما في أيديهم في هذه المرحلة هو ورقة سوريا، ولأن روسيا أجهضت بكاء السيدة كلينتون على أعتاب اليهودية الجديدة، وهو الاسم الجديد لمفهوم الوسطية العربية الإسرائيلية، فإن واشنطن لم تجد إلا عربها طريقا لتحقيق سياسة المكاسب ".

ورأى ان "ما جرى في الجامعة العربية من تجميد لعضوية سوريا ثم ما تلاه في الرباط ما هو إلا دليل على تحول الجامعة العربية إلى غرفة عمليات أميركية – إسرائيلية بقناع عربي يدفع أثمان حماية أنظمة واستبداد العائلات الحاكمة ببصمة من دم الفتنة السورية التي يتلاعب بها المال العربي والطموح التركي والعقل الأمريكي -الإسرائيلي – الأوروبي".

ولفت الى ان "المنطقة اليوم على تقاطع استراتيجي خطير، وأحسنت الحكومة اللبنانية في موقفها من قرار الجامعة العربية، لأنها أدركت حجم المخاطر والأهوال، ونؤكد عليها اليوم أن تقدم مصلحة لبنان دائما على سمسرة بقية مقاولي العرب، لأن ما حققه لبنان بالدم المقدس لن نقبل أن يقدم هدية على أطباق الأمراء في السهرات الحمراء".

وختم : "الحذر كل الحذر في التقديرات الخاطئة، لأنه لن يكون مقبولا أبدا أي خطأ يؤدي إلى الانفجار، بخاصة على الساحة اللبنانية، ولن نقبل لمن تسلم البلاد من دون حرب أن يهون عليه تسليمها بفعل التهويلات الفارغة إلى مسترهنين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا مطية لمن يريد إخضاع المقاومة في لبنان وهدر دماء الشهداء الذين وازنوا بين الذلة والكرامة فاختاروا العزة والفخار".  

السابق
القادري: نرفض تقييد دور النواب الرقابي
التالي
انور الخليل:الاعتداء على مطرانية الروم لن ينال من المواقف الجامعة للقادة الروحيين