المهندسة رولا فارس: تقصير إعلامي تجاه الزراعة العضوية

بدأت الزراعة العضوية في لبنان عند بداية تسعينات القرن الماضي، بعد تزايد استخدام المواد الكيميائية الزراعية التي أدت إلى تلوث كبير في التربة وفي المياه. مما دفع بعض المهندسين الزراعيين للمبادرة رداً على تردي وضع الزراعة والتأثير السلبي للطرق والوسائل المستخدمة.
تُعرف ممثلة مركز الابحاث للزراعة العضوية (سويسرا) في الشرق الأوسط المهندسة رولا فارس الزراعة العضوية بأنها "زراعة متكاملة تأخذ كل عناصر العملية الزراعية بعين الاعتبار ولا تستعمل مواداً كيميائية تحوي سموماً في الإنتاج، وهي زراعة مراقبة من قبل شركات مختصة يعتمد على تقاريرها وذات صدقية محلية ودولية".
وتركز فارس على أهمية المراقبة التي "تبدأ من لحظة بدء اختيار الأرض وإخضاعها للفحوصات وصولاً إلى بيع المنتوج إلى المستهلك. والمزارع العضوي يجب أن يحصل على شهادة تطبيق القوانين المتعلقة بالزراعة العضوية، وعليه تطبيقها وفي حال خرقه للقوانين تلغى شهادته".

وضع الزراعة العضوية في لبنان
في العام 2001 بدأ نحو 17 مزارعا بالانتقال إلى الزراعة العضوية من خلال استخدام 250 هكتار من الأرض، بعدها بدأ عدد المزارعين بالازدياد وكذلك مساحة الأرض المستخدمة. وتشرح فارس ذلك قائلة "ازداد عدد المزارعين ومساحة الأرض المزروعة وخصوصا بعد بدء تنفيذ مشروعين اساسيين لدعم الزراعة العضوية من خلال مؤسسة الرؤية العالمية والجامعة الاميركية في بيروت، ووصل من خلالهما عدد المزارعين إلى 321 مزارعا بأرض مساحتها 2465 هكتار".
لكن فارس تستطرد لتقول "لسوء الحظ لم يبق الوضع على ما هو عليه، إذ أن العدوان الإسرائيلي عام 2006 عاد ليؤثر على الزراعة فهبط عدد المزارعين ومساحة الأرض المستخدمة. لم يكن ذلك السبب الوحيد ففي نفس الوقت انتهى المشروعان المشار إليهما، وتوقف دعمهما للزراعة مما دفع عدداً من المزارعين للعودة إلى الزراعة العادية".
وعن الوضع الحالي تجيب فارس " اليوم ينظر للزراعة العضوية كقطاع ينمو ولو ببطء مع وجود 302 مزارعين في الأراضي اللبنانية يعملون على مساحة 9444 هكتار منها 3332 هكتار جرى إصلاحها (بداية عام 2011).
 شركات المراقبة
تعمل في لبنان 3 شركات لمراقبة الزراعة العضوية وهي تمنح الشهادة للمزارعين وتراقب الإنتاج. وهي:
1- Liban cert وهي شركة لبنانية تراقبب الإنتاج في لبنان، الاردن والعراق.
2- Imc وهي شركة ايطالية تراقب الانتاج في لبنان وسوريا.
3- Icea وهي شركة ايطالية تراقب الانتاج في لبنان.
وهي شركات تتقاضى اتعابا من المزارعين لقاء مراقبة الأرض والتربة والإنتاج وتمنح المزارع وثيقة تثبت أن انتاجه عضوي بالكامل.

الثقافة حول الزراعة العضوية
تقول فارس: "هناك جهل فعلي لأهمية الزراعة العضوية، وينظر البعض اليها وكأن انتاجها لا يحوي سكراً وبالتالي صالح للتنحيف، حتى أن حملات التوعية في وسائل الإعلام غير كافية. وأريد أن أركز على أن الزراعة العضوية تعتمد على طريقة الإنتاج ومراقبتها، ولها مميزات يجب التركيز عليها".
وعن هذه المميزرات تذكرها فارس بالآتي: "إن الزراعة العضوية تحافظ على البيئة حيث يعيش الإنسان، وهي تحسن من وضعه الاقتصادي، حين ينجح بتسويق إنتاجه، وتساعد على تطوير العلاقات الاجتماعية، إذ تحتاج إلى يد عاملة وعلاقة مع الموزعين وأحياناً مع المستهلكين مباشرة".
وتضيف فارس: "الزراعة العضوية تحافظ على التربة وتحفظ سلامة المياه الجوفية ونضع حدوداً لاستخدام السماد الطبيعي وهو 17 كلغ/دونم من الازوت.

تحديات تواجهها
تشير فارس إلى عدد من التحديات التي تواجه الزراعة العضوية في لبنان "أول التحديات غياب الوعي حولها عند المستهلكين، كما أن الكثير ممن يظهرون على شاشات التلفزة لا يعطون الموضوع حقه وشرحه للمشاهدين، وثاني التحديات عدم الدعم الفعلي من قبل الدولة لهذا القطاع. ثالث التحديات، عدم توفر البذور العضوية والأعلاف العضوية بشكل دائم، مما يؤدي إلى رابع التحديات، وهي أن الكلفة تصير مرتفعة وبالتالي الإنتاج مرتفع الثمن مما يمنعه من أن يكون بمتناول الجميع.

الالتفاف على التحديات
وعن كيفية الالتفاف على التحديات وتجاوزها، ترى فارس "أنه من الضروري تنظيم حملات في وسائل الإعلام يقوم بها اشخاص يعرفون بشكل كاف الزراعة العضوية وأهميتها في حياة الناس، كذلك سن فانون للزراعة العضوية، وبالمناسبة هناك مشروع قانون موجود في إدراج مجلس النواب منذ عام 2003 ولا يوجد من يحركه أو يعيد طرحه. كما أنه من الضروري دعم المزارعين وخصوصاً أن الزراعة العضوية هي في الريف لذلك تشكل عاملاً اساسياً في تأمين فرص عمل للمقيمين في القرى".

العوائق الموجودة
ويشكل نقل المنتوج وتسويقه وارتفاع سعره عند وصوله للمستهلك من أهم العوائق التي تواجه الزراعة العضوية لذلك ترى فارس "أن على وزارة الزراعة تأمين البذور العضوية والاسمدة العضوية بشكل دائم وبأسعار مدروسة. كذلك العمل على اقناع المزارع بعدم ترك هذه الزراعة عند مواجهة أية مشكلة، وخصوصاً أن تحضير الأرض يحتاج من 6 أشهر إلى عام كامل إذا كانت الارض عذراء، وبحاجة إلى عامين إذا كانت لزراعة الخضروات وثلاثة أعوام لزراعة الأشجار المثمرة".

العودة إلى الزراعة العادية
ويلاحظ أن عدداً من المزارعين قد عاد للزراعة العادية بعد سنوات من ممارسة الزراعة العضوية وتلخص فارس الأسباب بالآتي: "أسباب عدة لعبت دوراً في عودة المزارعين للزراعة العادية ومنها أن مشروعي الجامعة الأميركية في بيروت والرؤية العالمية انتهيا وكانا قد قدما مساعدات جمة في التحضير وفي التسويق ودفع رسوم المراقبة. كما أن هذه الزراعة بحاجة إلى اهتمام كامل ووجود دائم لصاحب المشروع بالإضافة إلى عدم تمرسهم بممارسة هذا النوع من الزراعة بشكل جيد".

نصائح للمستهلك
توضح فارس أن على المستهلك، وعند شرائه منتوجات عضوية الاطلاع على لوغو شركات المراقبة وإذا كان يتعامل مع المزارع مباشرة عليه الاطلاع على شهادة المراقبة التي تعطى للمزارع سنوياً.

السابق
مروان فارس: سورية ستجعل العرب يدفعون الثمن وهي قادرة على مواجهة الأتراك
التالي
بين دمشق والجامعة: تعليق..التعليق