الأضحوكة العربية

ها هي دولة الحزب الواحد والرجل الواحد تشهد خلال هذه الأيام المباركة المزيد من الشهداء والأسرى، فالمدن السورية المختلفة حصدت خلال يوم عرفة وأول أيام عيد الأضحى المبارك أكثر من 47 شهيداً أغلبهم من حمص ليضرب صانع القرار السوري بذلك عرض الحائط المبادرة العربية التي تقضي بوقف العنف ومظاهر التسلح في المدن السورية كافة وبدء الحوار مع المعارضة.

لقد أخطأت الجامعة العربية في إطلاق المبادرة العربية فهي أعطت هذا النظام الدموي مزيدا من الوقت لزهق أرواح الشعب، وتناست أن كل بنود هذه المبادرة قد طرحت على النظام السوري مرارا وتكرارا من دون أن تجد لها آذاناً صاغية قبل أن تتم الموافقة عليها لاحقا، وذلك بعد أن ضاقت الحلول ووجد النظام نفسه في مأزق لا يستطيع الخروج منه ولكن عن أي مبادرة يتحدثون ودماء الشهداء والأسرى لم تجف ودموع أمهاتهم وآبائهم لم تتوقف عن فقدان فلذات أكبادهم، علما بأن عدد الشهداء منذ بدء الثورة السورية قد بلغ أكثر من 3000 شهيد وفق لما جاء على لسان مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحده كيف لا وهي أكثر الدول قمعية ووحشية في الوطن العربي.
فالمبادرة العربية تضمنت وقف مظاهر العنف والتسلح كافة لكن ها هو ذا النظام السوري يقتل ويبطش المواطنين ولم يفرق بين صغير وكبير أو بين رجل وامرأة، كما تضمنت السماح لوسائل الإعلام العربية والأجنبية التجول بحرية بين المدن السورية، وها هو ذا التعتيم الإعلامي مستمر ويقتصر فقط على ما هو مسموح نشره من قبل شبيحة النظام، ولذلك يبدو مصير «المبادرة العربية» أو وفقا لرأي البعض الأضحوكه العربية هو مصير المبادرة الخليجية نفسه لمعالجة الوضع في اليمن والتي مازالت حتى يومنا هذا تحصد الآلاف من القتلى والجرحى.

ويبدو أن بشار يعيد شريط ذكريات الروؤساء المخلوعين فتارة يصرح بأنه لن يسلك طريق العناد التي شهدته ثورات الربيع العربي الأخرى ليذكرنا بما فعله الرئيس حسني مبارك بشعبه، وتارة أخرى يصرح أن أي تدخل أجنبي في الشأن السوري سيحدث زلزالا يحرق منطقة الشرق الأوسط بأكملها ليكون بذلك نسخة طبق الأصل من المجنون معمر القذافي الذي هدد وتوعد حلف الناتو، وعندما وجد الرئيس السوري أن نهايته باءت قريبة بدأ يطلق التصاريح العشوائية بأن ما يحدث في سورية هو أطماع استعمارية، وأن كل ما يحدث سيؤدي إلى تحويل سورية إلى أفغانستان أخرى وهي في الواقع إسطوانة مشروخة وحديث زائف لا يراد منه سوى الباطل، والأمثلة السابقة في ما حدث بالدول العربية الأخرى هو خير دليل على ذلك. إن الأجدى من جامعة الدول العربية بدلا من إطلاق المبادرات والدعوات إلى الحوار، ونشر التصاريح الصحافية الفارغة، واخراج بيانات التنديد بالقتل والتي لا تستطيع أن تطلق سواها أن تقوم بدرورها المنشود وأن تكون قدر المسؤولية في مواجهة طاغية لا يسعى سوى البقاء في منصبه بقوة السلاح لعل وعسى أن توقف هدر مزيد من أرواح الشهداء، ولتعيد إليها جزء من ثقة الناس بها والتي هي في الواقع فقدت بالكامل.  

السابق
فآل 11/11
التالي
لقاح سرطان الثدي والمبيض يظهر نتائج واعدة