العالم يكمل ملياره السابع: ماذا تغيّر؟ (4): بعد الخوف من “الإنفجار السكاني”… العالم يرتعب من “إنقراض البشر”!

غالبا ما كان البشر، في أنحاء الكوكب كلّه، يتخوّفون من "الإنفجار السكّاني"، أي وصول أعداد البشر إلى ما يزيد عن موارد الغذاء والطاقة، لكن خلال سنوات قليلة، سوف يظهر خوف معاكس تماما: إنقراض البشر.

هذه هي خلاصة التقديرات والإحصاءات الجديدة حول معدّلات الخصوبة والولادات والوفيات حول العالم. الخبير الدكتور رياض طبارة عمل في مؤسسات الامم المتحدة المعنية بالسكان نحو ثلاثين عاما: "كيف يرتفع معدل العمر في كل البلدان بسبب انخفاض الخصوبة ونسبة الاطفال والشباب وزيادة في نسبة كبار السن؟ ماذا يعني في المستقبل؟… مشاكل كثيرة وحسنات ايضا لكن المشكلة الكبرى التي تواجهها اوروبا حاليا هي عدم وجود كفاية من القوى العاملة لان الكثير من الشعب خرج من قوة العمل، والشيء الآخر هو ان النمو السريع في الـ20 سنة الاخيرة بدأ يتباطأ والنمو السكاني يخف كل سنة عن سنة وبرأيي ورأي الديمغرافيين سيصل الى قمته في 2050 وسيبدأ بالانخفاض وقد حصل هذا الانخفاض في بلدان عديدة في الوقت الحاضر".

كلام طبارة تدعمه أرقام الأمم المتحدة الصادرة حديثا.
ففي العام 1980 كان الذين تخطوا الـ60 من أعمارهم لا يزيدون عن 384 مليونا، واليوم باتوا نحو 893 مليونا، وفي العام 2050 ينتظر أن يرتفع الرقم إلى مليارين و400 مليون، ما يعني أن البشرية تسير نحو شيخوختها السكانية، بالتزامن مع شيخوختها الإقتصادية والبيئية. وتحديد سنّ التقاعد عن العمل بـ60 أو 65 يجعل العالم أقلّ إنتاجية.

عزام حوري، مدير دار العجزة الاسلامية في لبنان يعتبر أنّ "تحديد وقت ما لشخص كي ينهي عملية الانتاج خاصته في مرحلة معينة قد تكون وقد لا تكون في مكانها الصحيح، ليس كل انسان لديه رغبة في متابعة الانتاج، وهناك العكس، في كندا مثلا الغي سن التقاعد، وفي بريطانا انشأوا جمعية للمتقاعدين ليستفيدوا من خبراتهم الطويلة، وفي لبنان هناك تفاوت من 55 سنة الى 64 سنة تبعا للجهة التي ينتسب اليها، لكن هناك اشخاص لا تتقاعد، مثل ارباب العمل وربات المنازل الذين يحتاجون الى رعاية في سن محددة".

كما أنّ الذين تخطوا الـ80 من أعمارهم كانوا نادرين جدا في القرن الماضي، أما اليوم فهم في زيادة مستمرة.
  
فهل يشكلون عبئا طبيا وماليا وإجتماعيا على المعمورة؟

رئيسة مركز الدراسات لكبار السنّ الدكتورة عبلا سباعي ترفض هذا المنطق: "لا يمكن القول انهم عبء اذا استطعنا الاستفادة منهم لان كثيرين يعملون بعد التقاعد لان الشريحة العظمى من المسنين في العالم اجمع والعالم العربي خاصة لا يحصلون على ضمان الشيخوخة لهذا يعملون بعد سن التقاعد لايفاء متطلباتهم المادية".

ويضيف حوري: "الانتاج وعدم الانتاج لا يرتبطان بكبار السن، اي شريحة قد تكون منتجة او غير منتجة، لكن كبار السن نقول انهم خرجوا من سوق العمل للذهاب الى الاستراحة او التقاعد: الا يشكلون عبئا طبيا وماليا على محيطهم؟ هناك حكومة ودولة ومقابلها مواطن وحق، هنا يجب ان نقيم معادلة بين الطرفين، عندما كنت منتجا كان لي حقوق معينة وحين اصبحت غير منتج راحت حقوقي! كلا، المفروض ان يكون لدي حق متواصلة من اول حياتي الى نهايتها ".

وفي العام 1950 كان هناك 12 عاملا مقابل كل شخص فوق الـ65، اليوم هناك 7 وفي العام 2050 لن يزيدوا عن 3. لسباعي رأي هنا: "الشيخوخة واطالة امد الحياة قصة نجاح، ومع كل قصة نجاح هناك تبعات، والنجاح هو التطور الطبي والاقتصادي والاجتماعي والتبعات هي ان المسن نقول له: تقاعد".

يبقى أنّ ثلاثة أرباع سكان العالم بين سنّي الـ24 والـ49 يعملون، لكن أقلّ من 60 % ممن بين الـ50 والـ64 يعملون، ما يعني أنّ العالم يزداد كسلا، في طريقه إلى الشيخوخة، وربما إلى الإنقراض. 

السابق
الحريري وبري.. وسياسة اللعب على شفير الهاوية
التالي
صيغة تمويلية للمحكمة لا تحرج حزب الله ولا تقضي سياسياً على ميقاتي