أية احتمالات للتمويل بعد لاءات نصر الله؟

داود رمال
برغم إبقاء الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الباب مفتوحا أمام إمكان تحقيق توافق إجماعي حول بند دفع حصة لبنان في تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قبل الوصول الى خيار التصويت في مجلس الوزراء، الا انه قطع الشك باليقين عبر تأكيد رفض المحكمة من أساسها.

امام هذا الموقف الذي يستنتج منه صعوبة تمرير التمويل عبر مجلس الوزراء في ظل موازين القوى داخل الحكومة، يطرح السؤال عما اذا كان الرئيس نجيب ميقاتي سيقول في نهاية المطاف بأنه قام بما هو عليه لتمرير التمويل وأن وزراءه صوتوا لصالح التمويل مع آخرين مصنفين ضمن الكتلة الوسطية، ام انه سيحاول فرض نتيجة تترجم التزامه بالتمويل علما ان نتيجة كهذه ليست بيده حتى الآن.

يقول مصدر رفيع المستوى «اذا كان موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بشأن الالتزام بالمحكمة الدولية مبدئيا وعبّر عنه في غير مناسبة، الا ان رئيس الحكومة ذهب ابعد من ذلك عبر الالتزام بتمويل المحكمة، لكنه لم يجزم انه قادر على اقناع كل مكونات حكومته بذلك، لأن الالتزام بالتمويل يكون عبر قرار يصدر عن مجلس الوزراء لكن الاكثرية ليست بمتناول يده، او يتم ذلك عبر مجلس النواب الا ان الآلية غير موجودة. وكان هناك تفكير بأن يتم التمويل عبر مرسوم عادي، على ان يصدر هذا المرسوم و «يطنش» من يجب أن «يطنش»، على اساس ان لبنان رئة ضرورية لسوريا يجب ان تبقى صحتها جيدة، وإذا زادت العقوبات على سوريا وظل لبنان واقفا على قدميه يستطيع المساعدة اما اذا جاءت العقوبات دفعة واحدة على سوريا ولبنان فنكون جميعا خاسرين وهذا على ما يبدو كان موجودا ومحسوبا في ذهن نجيب ميقاتي. كما كان هناك انطباع لدى السفراء الاجانب ان «حزب الله» سيمرر تمويل المحكمة تحت عنوانين: الاول، ان هناك مصلحة للحزب بأن يبقى لبنان واقفا على قدميه وأنه لا يتحمل ضغطا اقتصاديا على البلد، والثاني، انه بكل الاحوال المهم هو موعد التجديد للمحكمة في مطلع آذار المقبل. الا ان الموقف النهائي لـ«حزب الله» والذي جزم به السيد نصر الله برفض التمويل كليا لم يكن في صورته لا ميقاتي ولا رؤساء البعثات الدبلوماسية الغربية في لبنان» على حد تعبير المصدر.

الى ماذا سيؤدي موقف كهذا، وماذا عن التهديد بعقوبات جدية اذا لم تلتزم الحكومة بالتمويل؟ يرجح المصدر ان ميقاتي «لن يصطدم مع «حزب الله» اذا جرى تصويت على التمويل في مجلس الوزراء ولم يمر، وإذا لم يواكب ذلك بعقوبات مؤذية اقتصاديا وماليا، فإن ميقاتي سيتجاهل الأمر، اما اذا كان هذا التصويت ضد التمويل، سيؤدي الى عقوبات تؤثر على الاقتصاد والوضع المالي والمصرفي، فلا اعتقد ان ميقاتي يستطيع التحمل، لان العقوبات اما تفرضها الامم المتحدة او تفرضها الولايات المتحدة وأوروبا، والسؤال هو هل الامم المتحدة ستفرض عقوبات على لبنان اذا لم يلتزم التمويل؟ والجواب: ممكن نعم وممكن لا، فالجزم مستحيل ولكن اذا فرضت العقوبات هناك مشكلة».
وفي حال تم التمويل من مصدر آخر، يرى المصدر «ان القول بأن يتم التمويل من مصدر آخر ممكن ولكن سيسجل ان لبنان لم يلتزم بالتمويل، وعدم الالتزام يفتح الباب امام العقوبات، والارجح ان لا تفرض عقوبات ولكن الامكانية موجودة، باعتبار لبنان دولة لم تلتزم بالفصل السابع مما يجعلنا معرضين لعقوبات، ولنفترض ان الامم المتحدة لم تفرض عقوبات، لكن اميركا وأوروبا فرضوا لائحة عقوبات، وهم الى الآن يجزمون بحصول ذلك، لا سيما تلك التي تطال القطاع المصرفي، فهل يستطيع ميقاتي ومكونات الاكثرية تحمل ذلك؟، لا احد يعرف الجواب، خصوصا في بلد مثل لبنان لديه حساسية عالية على الموضوع الاقتصادي والمصرفي».

وعن الاحتمالات المتوقعة يعتقد المصدر «بأن يُتخذ على اقل تقدير انذار بعقوبات على لبنان، وهذا بحد ذاته قادر على احداث بلبلة على الصعيد الاقتصادي والمصرفي، لذلك فإن الجدل حول قانونية المحكمة او عدم قانونيتها سيؤدي الى الدوران في حلقة مفرغة ولن يستطيع احد اقناع الآخر، فالجدل هو هل هناك عقوبات ام لا، وإذا كان هناك عقوبات هل نستطيع التحمل ام لا؟ وهنا ايضا سنجد من يقول لن يكون هناك عقوبات مع وجود «الفيتو» الروسي والصيني، وسنجد من يقول ايضا ان هذا «الفيتو» غير فعال اذا فرضت عقوبات اميركية وأوروبية، كما سيقول آخر «يبلطوا البحر» وذلك من منطلق سياسي صرف».

وعما اذا كان عدم التمويل سيؤدي الى سقوط الحكومة، يؤكد المصدر «ان الترويج لمقولة انه اذا لم يقر التمويل فإن ميقاتي سيستقيل فيه تبسيط ما بعده تبسيط، لان الموضوع يحتاج الى تقييم أدق وأشمل، مع طرح السؤال ايضا، هل هذا التقييم يحصل قبل قرار التمويل ام بعده، اي هل نجلس لنتوافق قبل اتخاذ القرار بالتمويل ونتوصل الى نتيجة بأن لا خيار امامنا الا التمويل، ام ننتظر عدم اقرار التمويل ونرصد ذيول قرار كهذا؟ خصوصا أن هناك هامشا من الوقت للنقاش اذ ان التمويل يستحق منطقيا قبل نهاية العام».

وحول طرح ان يتم التمويل من جيب رئيس الحكومة الخاص، يسارع المصدر الى القول «ان هذا الامر لا تقبله الامم المتحدة التي تريد التزاما لبنانيا مؤسساتيا، وسبب عدم قبول تمويل كهذا يعود لكونه لا يشكل وفاء بالتزام لبنان باعتبار انه يدخل في اطار التمويل عبر مصادر اخرى، ولكن هناك مخرجا لذلك يتمثل بإمكان ان نأتي بالمبلغ المطلوب عبر طريقة كهذه ونعمد الى وضعه كهبة في خزينة الدولة ليتم الدفع للمحكمة عبر الخزينة وهذا حل ممكن ولكن هل يقبل رافضو التمويل ذلك؟ لان السؤال المطروح هل الدولة ستمول أم لا؟. نعم بإمكان ميقاتي ان يدفع عبر وضع المبلغ المطلوب في خزينة الدولة التي هي تدفع للمحكمة ولكن هل هذا يؤدي الى قبول القوى الرافضة للتمويل عبر خزينة الدولة بأي شكل من الاشكال؟».
وعن امكان ان يواجه ميقاتي الوضع المأزوم على صعيد تمويل المحكمة بالاستقالة؟ يجزم المصدر «ان ميقاتي يستقيل في حالة واحدة وهي اذا فرضت عقوبات على لبنان وأدت الى انهيار الاقتصاد، ولكنه لا يستطيع الاستقالة لان مجلس الوزراء لم يصوت لصالح التمويل فهذا سلوك ديموقراطي، ولا يستطيع رئيس الحكومة ان يقابل عدم تصويت الوزراء على موضوع معين وفق رغبته بالاستقالة، ويكفي الاستشهاد بما فعله الرئيس سليم الحص في العام 2000 عندما عارض ما وصف في حينه بقانون غازي كنعان للانتخابات النيابية الا ان الاغلبية الساحقة من الوزراء صوتوا الى جانب القانون فعمد الى تسجيل تحفظه لكنه دافع عنه امام مجلس النواب انطلاقا من مبدأ التضامن الحكومي».  

السابق
زهرمان: لبت تمويل المحكمة من خلال سلفة خزينة
التالي
الاخبار: جعجع يدعو إلى توقيف حامل العصا أو ما يشبهها