تمويل المحكمة أو عدمه قرار إقليمي

دخلت مسألة تمويل المحكمة الدولية عملياً في نفق الصراع السياسي اللبناني المحتدم حول المحكمة، وبات ينظر للأمر من زاوية تداعياته المرتقبة على مستقبل الوضع الحكومي.
لا تقف المسألة عند هذا الحد، «لانه من السذاجة اعتبار المحكمة الدولية كياناً قضائياً مستقلاً عما يجري في المنطقة، فهي جزء من مشروع يستهدف المحور الممتد من ايران الى سوريا وصولاً الى «حزب الله» في لبنان و«حماس» في فلسطين، اي انها جزء من الاستهداف الساعي الى تدمير منظومة معينة متكاملة، لذلك، اذا تمكن النظام السوري من تجاوز الازمة الخطيرة التي تمر بها سوريا، عبر معادلة الاصلاح والاستقرار، عندئذ لن يكون هناك من تمويل للمحكمة» على حد تعبير مصدر ســياسي بارز مواكب للملف.
ويضيف المصدر «أن المحكمة الدولية لجهة تمويلها من عدمه، ولجهة سرعة عملها او التباطؤ ووضع ملفات في الادراج الى حين يأتي التوقيت المناسب، كل ذلك يدخل في اطار السياسة وليس في البعد القضائي الصرف، بمعنى أنهم إذا أرادوا اتهام هذه الشخصية او تلك الآن وليس لاحقاً، فان من يقرر ذلك هو المصلحة السياسية وليس المعطيات والوقائع القانونية الصرفة».
ويتابع المصدر «ان المحكمة لجهة البتّ بمسألة تمويلها ولجهة تجديد البروتوكول، وهما مترابطان، لن يحسما الا وفق قرار اقليمي كبير، ولن يستطيع لبنان اخذ هذا القرار بمفرده، والى حين الوصول الى نقطة اللاعودة في مسألة التمويل، علينا النظر الى واقع المنطقة، فإذا استمرت الأزمة في سوريا وحقق النظام نجاحات جزئية أمنياً وسياسياً، سيكون هناك تمويل لان المال ليس هو المشكلة، وحينها يتمّ تأجيل المواجهة إلى آذار المقبل، حيث موعد تجديد البروتوكول بين لبنان والأمم المتحدة. اما اذا كان استطاع النظام السوري الخروج نهائياً من الأزمة، فيمكن الجزم بـ«لا» كبيرة أن لا تمويل للمحكمة».

ويرى المصدر «ان قرار التمويل من عدمه يخضع لتطورات الوضع في المنطقة ووقف التمويل لن يستطيع لبنان اتخاذه بمفرده وسيكون وفق آلية تنسيق بين «حزب الله» وسوريا وايران، فإذا تمكن هذا المحور من وقف الخطة الاميركية لضرب دول المنطقة واحتلالها فسيتوقف التمويل وستكون المواجهة مع المجتمع الدولي الذي كما تعوّدنا، يحترم القوي والمنتصر، وحينها يذعن لإرادة القوي، ولكن تبقى المحكمة تسير وفق سياق جديد وبطيء، اما اذا لم يحقق هذا المحور انتصاراً حاسماً في ضوء المحاولات القائمة لتأمين اعتراف بالمجلس الانتقالي السوري، فإن التمويل يحصل وفق عملية مهادنة مع المجتمع الدولي وتؤجل عندها المواجهة الى آذار حيث معركة تجديد بروتوكول المحكمة».

ويؤكد المصدر «أن واقع الامور يؤشر الى ان المحكمة الدولية، لم يعد لها دور اقليمي حاسم، فطالما كان الهدف هو محاصرة سوريا وحزب الله وايران عبر قرارات اتهامية تصدرها المحكمة، وبما ان الذي يحصل الآن تحت مسمى الربيع العربي يتوقع الاميركيون منه ضرب النظام في سوريا و«حزب الله»، حينها لا ضرورة لاستخدام المحكمة، فالمطلوب منها هو اتهام النظامين السوري والايراني وحزب الله على ان يتبع ذلك بقرارات تصدر عن مجلس الامن والدول الكبرى تتمثل بعقوبات وضغط دولي وتلويح بتدخل عسكري للحلف الاطلسي والاعتراف بالمجلس الانتقالي، وكل ذلك كان متوقعاً بعد صدور الاتهام عن المحكمة، الا ان هذا يحصل حالياً من دون الحاجة لاستخدام المحكمة، مما يعني ان الحاجة اليها ستنتفي اذا انتصر المشروع الاميركي – الغربي».
ويختم المصدر بالقول إن اي حرب ضد سوريا تعني دمار اسرائيل واحتراق المنطقة لا سيما الخليج وهذا يفترض حسابات اميركية وغربية مغايرة وأية محاولة للتسلل من خرم الاتهام الأميركي لإيران بمحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، لتوجيه أية ضربة عسكرية ضد ايران ستؤدي أيضاً الى اشعال المنطقة وهذه الرسالة يدركها الأميركيون جيداً..  

السابق
رسالة قلقة الى رجب اردوغان
التالي
تحصينات إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة