تمويل المحكمة أم حماية المجرمين؟

من حق الاكثرية الحالية الاعتراض على المحكمة الدولية. رغم تمسكنا القوي بها، ليس لاسباب شخصية وعائلية فقط، وإن كنا لا نستحي بتلك الاسباب لاننا تعرضنا لاعتداءات وحشية لم تكتف بالتخريب المادي، بل حصدت الاعز والاغلى، فاننا ننظر الى المحكمة على انها المدخل الى محاسبة المرتكبين والمجرمين ايا تكن هوياتهم، بعدما تمادى هؤلاء في ارتكاباتهم على مدى سنين طويلة من دون ان يتمكن احد من ردعهم، وخصوصا انهم تلحفوا بغطاء اقليمي اولا، وبغطاء اجهزة عدة دخلت على خط الصراعات اللبنانية.
إن ما يجري حاليا من مزايدات في موضوع المحكمة، وباعادة الملفات الى القضاء اللبناني، يكشف حقيقة مرة لا بد من قولها، وفيها تمكن نظام الوصاية بعد زوال الوصاية العسكرية، وبقوى الداخل، من وضع اليد على معظم القضاء، إن بالتخويف والترهيب، او بالحاجة المادية التي كانت فاقعة لدى القضاة الاوادم، او بالتعيينات واعتماد اساليب النكايات والانتقام فيها. بعد كل هذا تضاعفت المطالبة بالعودة الى القضاء اللبناني، وخصوصا من النائب ميشال عون الذي قال عام 2005، وقبل عودته الى بيروت، إن لا ثقة لديه بالقضاء اللبناني وان لا قضاء في لبنان، فهل ضرب الاصلاح الحالة القضائية من دون علمنا؟
إن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ، وإن يرى البعض انها قامت في ظروف سياسية معينة، وفي ظل حكومة جرى اتهامها بانها غير دستورية، الا انها تحولت فرصة للبنان، ولقضائه كي يخرج من حالة الوهن التي تصيبه، وللبنانيين جميعا كي يروا بأم العين أن العدالة لا بد ان تتحقق يوما، وان ينال المجرم جزاءه العادل.
 
إن تمويل المحكمة، وقد تعهده في الامم المتحدة الرئيس ميشال سليمان، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ونص عليه البيان الوزاري من باب التزام لبنان تنفيذ القرارات الدولية، تحوّل ضرورة محلية ودولية.
محلياً، إن محاولة تعطيل المحكمة من "حزب الله" وإن عبر حلفائه، دليل اضافي على التوجه الى الهروب من العدالة، وتأكيد لـ" التهم" بحق كوادر ناشطين في صفوفه. فرفض قرارات المحكمة يكون بالدفاع امام القضاء الدولي لا بتعطيل كل المسار والتواطؤ مع المرتكبين وتوفير الغطاء لهم. وايضا لا يجوز للحزب المقاوم ضد ظلم اسرائيل واحتلالها ان يساهم في ظلم اللبنانيين من ذوي الضحايا الشهداء وغيرهم ممن تكبدوا الخسائر المختلفة، وكيف له ان يسأل عن الكيل بمكيالين تجاه البحرين فيما هو يمضي بعكس ما ينادي به؟ فهل لاهل البحرين الشيعة اولوية على مواطنيه من خارج الطائفة الكريمة؟
اما دوليا، فهل يريد افرقاء الحكومة وضع لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي واستجلاب العقوبات الاممية وتعريض لبنان لهزات اقتصادية واجتماعية من اجل حفنة من الناس قد لا يتجاوز عددها العشرة؟ هل هكذا تدار الدول وتبنى الاوطان وتقوم المؤسسات؟ 

السابق
إسرائيل وسلاح حزب الله… وجعجع
التالي
عروض قتالية للمجوقل في برج الملوك_مرجعيون