أعطني حريتي أطلق يداي

أثبت طبّ النفس، انّ الكبت هو أساس الإنفجار و العقد النفسية المجتمعية التي تقضي على أسس المجتمع الصحي السليم، فالطفل المكبوت يكبر ليتمرد على واقع كبته بفعل ما كان بالأمس خطا” أحمر بغض النظر إذا ما كان صائبا” أم لا، و لا شك أن هذه الحالة التي توصّف الجنوب في عهد الإحتلال الجديد.

الإحتلال الجديد؟ أعرف أن لهذه العبارة وقعها ثقيل و صداها كفيل بهزّ جدران المحتل الذي و في كل يوم يفقد صوابه أكثر فأكثر، فيضرب بعرض الحائط كل قيم الديمقراطية و الحرية الشخصية، حتى أنّي لن أستغرب غدا” إذا ما جاء منهم هيئة قيادة و قاموا بإختيار زوجتي المستقبلية أو نسّقوا لي ملابسي حتى يطغى عليها اللون الأسود، حتى أن سيدات المنازل سترى نفسها مجبرة على سؤالهم عن طبق اليوم الذي على الأرجح سيكون “تخوين و تشهير” فيما إذا لم يعجبهم.

من يقرأ ما سلف، يظنّ أن في الكلام مبالغة أو خلفية حقد تهدف فقط إلى تشويه صورة المذكورين و تهشيمها بأمر و دعم من الأمريكان و فيلتمان، لكن من يزور الجنوب، يتأكد من المكتوب الذي هو أبسط بألف مرة من الواقع، فبعد منع المشروب و محلاته وصولا” إلى التعدي على أصحابها و كراماتهم بحجة تدمير المجتمع و حرف أبنائه، جاء دور الحفلات، حيث أن الحفلات لا تعجبهم مثلها مثل صلاة العيد في غير يوم عيدهم فيغلقون المساجد و يمنعون الحفلات و يوصدون على الجنوب أبوابه بأقفال الرجعية و التخلف المجتمعي، في إنتهاك واضح لأبرز ما يتغنون فيه، فالإسلام بنبيه محمد كان يحترم و يكرس للمسحيين و اليهود خصوصية و حرية في الطقوس و العادات لقاء جزية مالية في وقتها، و إيران من يتبعون تعطي حرية لمجتمعها كل في منطقته، حتى ولاية الفقيه تفرض إحترام التنوع و حمايته و حماية لبنان من التقسيم، لبنان الرسالة كما سمّاها البابا السابق، فأين هم من ذلك؟ صيدا سجينة منذ أعوام و هذا باقي الجنوب يسير على خطاها، أولا” بمنع محلات المشروب و جديدهم منع الحفلات و قريبا” المقاهي و طريقة الملبس. سأعود لكلمة الإحتلال الجديد، و كيف يحتّل الأرض من هو إبنها أصلا”؟ يحتلها بفرض فكره و أيديلوجيته الخاصة على الباقين رغما” عن أنوفهم فمن يخالفه ينبذه من المجتمع و يخونه بأبشع الأساليب و الصور و هذا ما يجري اليوم، فمن يخالفهم ينبذ و يمسي عميلا” من دون حتى أن يعرف السبب، مع الإصرار و التمسك بفصل المقاومة عن التصرفات الشائنة داخليا”، فالمقاوم هو شرف الجنوب و حاميه و الساهر ليلا” كي تنام باقي العيون لأي حزب أو طرف إنتمى، لا بل هو أنبل و أرفع من أي إنتقاد أصلا”، لكن للأسف، إذا ما قلنا أنكم وقعتم هنا في الخطأ، تسارعون إلى الإختباء به و وضعه متراسا” لما تفعلون و للحضارة التي تغتصبون، لقد عشنا تجربة محال المشروب كما عشتموها أنتم، ماذا يجري اليوم؟ ألم تفتح المحال مجددا” لا بل زاد عددها و خسرتم أنتم صورتكم البراقة التي صورت على أساس إحترامها للتعددية؟ لا يقنعني أحد أنكم أحرص علينا من مصلحتنا أو حتى أن دخول الجنة أصبح فرضا” واجبا” و بالإجبار، حسب ما أذكر، مسلسل المسيح الذي ألغيتم عرضه على شاشاتكم لأنه أثار حفيظة الحليف و المسيحيين، وقتها رفعنا القبعة لكم لإحترامكم معتقدات الغير، أما اليوم فتسقطون علينا مسلسلات تحكي تاريخنا بغير ما كان و لستم الملامين على تقاعس أصحاب التاريخ عن أرشفته قبلكم، لا بل و ترغموننا على عيش نمط حياتكم فقط لأننا ندعم المقاومة؟ لن أطيل الكلام أكثر، لكن، هل من المقبول تقييد الحريات بإسم أشرف القضايا أي المقاومة؟

لن أختم مقالتي إلاّ بقول للإمام الصدر لعله يلامس ضمائركم إذا ما وجدت :” الدفاع عن الوطن و عن حرية الإنسان و الموت من اجلهما هو دفاع عن الله”. 

السابق
شربل:تمويل المحكمة الدولية غير مطروح ضمن بنود جلسة مجلس الوزراء
التالي
اعتصام لعاملي الاونروا