Street dance في النبطية: هل ستكتب له الحياة؟

من رحم الكبت، وربما الحَجر على مواهب قيل إنّها "شاذة"، خرج نوح وعباس من قوقعة منغلقة إلى الانفتاح على رياضة "رقص الشوارع"، غير الموجودة في مدينة النبطية.

هواية وُلدت وهي تنزف، وقُيد لها أن تموت على أعتاب التقاليد الجنوبية، في مدينة تحكمها قوى الأمر الواقع المتديّنة، المانعة حرية التعبير: فهل سيكتب لهذه الرياضة أن تخرج من دار فراسة الاحلام إلى منطق الواقع؟ وهل سيتمكن نوح وعباس من إقناع المجتمع النبطاني بهوايتيهما التي ذنبهما فقط أنها "بريك دانس"؟

منذ أربع سنوات إنطلق حلم نوح وعباس بـ "STEET DANCE". هذان الشابان اللذان التقيا صدفة. صدفة قلبت حياتهما 180 درجة، وتحولت الى نوع من التناغم الراقص: حركات"جنبازية" تلاقت مع أنغام" الراب"، وتقطيعات الجسد، الذي وحده تكلم في حضرة موسيقى قد لا يأنس سماعها أحد غيرما في المدينة، ربما تشد آخرين لتذوّق خيوطها "التي تحمل أفكارنا نحن الشباب هواة الرقص غير المألوف، القريب من أذهاننا، فالرقص رياضية والرياضة "بلسم الجسد"، يقول نوح عبد الله الذي يواصل تتبع حركات "مغناطيسية"، يتشاركها وعباس "دون أن نفكر فيها أو نتدرب عليها، فالانسجام الذي يجمعنا، أعطانا دفعا لنكمل المشوار الصعب، الذي للأسف لا يتقبله مجتمعنا المنغلق"، يقول عباس الذي يشير الى أنه يعمل "اليوم على تدريب شباب جدد لإدخالهم الى الفرقة التي أنشاناها".

 
قد لا تتعدى هواية نوح وعباس حدود منطقتها الجغرافية اللذين ابتدعاها، لكنها اخترقت جزءا من حاجز الصمت غير المألوف عند أحد هناك في نواصي المدينة.

يقول نوح: "هناك من يألف رقصنا وهناك من يسجل الملاحظات ولكن شيء واحد آبه له، هو أنني أمارس هوايتي ليس أكثر ولا اتحدى احدا".
وقد ألف نوح وعباس فرقتهما " face2 face" رغم أنف مجتمع يرونه "متحجر الافكار والرؤى". فرقة ستثير جدلا قد يخلق بلبلة لا تحمد عقباها، بيد أن نوح يعول "على هذه الفرقة كي تفتح لنا أفق الإنطلاق" الى عالمهما الذي اختاراه. عالم يبدو بعيدا عن واقع المدينة"، ولكن "عَشقنا ما نقوم به، لن نتراجع، حين نرقص على الطريق، تشد حركاتنا العابر للتمتع بحركات هندسية ترسمها اجسادنا"، يقول نوح ومع ذلك "يصنفنا المجتمع على أننا منحلين اخلاقين"، يقول عباس، الذي يشي كلامه بشيء من التساؤل: متى كانت الرياضة انحلال، لَكم عارضوا الجنباز وانتقدوه وحرموه وها هو اليوم من أهم الرياضات في العالم؟
"ما نطمح له هو ان نتمكن من فتح نافذة نطل بها على عالمنا، عالم الرقص الرياضي"، يفصح نوح، الذي يتابع تقطيع لحنا رابياً بواسطة الفم: "لو تقدمنا الى برنامج هواة لربما تقبلنا الآخر،الذي لا يرى شواذات المجتمع ولا يلتفت لها".

ولكن هل ستتقبل المدينة عبور حركاتهما على أرصفتها، أم ستعلن العداء للفكرة، وتصدر التعاميم بقتل الحلم قبل أن يولد؟ وهل سينجح نوح وعباس في فتح أبواق هواية جديدة؟ وهل سعبّدان الطريق أمام كل من يعشق هذا النوع من الهوايات؟ 

السابق
نصف قرن من الفشل
التالي
انغولا تطرد 140 اجنبيا بينهم لبنانيون