بطركان لكنيسة واحدة: “جنبلطة” المسيحيين!

تبدو الكنيسة المارونية في لبنان، للمرة الأولى في تاريخها ربما، برأسين، أوعلى الأقلّ برأسين فاعلين في الوقت نفسه.

الصورة كانت فاقعة جدا في اليومين الفائتين. البطريرك الجديد، بشارة الراعي، يجول في الجنوب مع نواب حركة "أمل" و"حزب الله"، ويمدّ يده إلى ممثلي الطائفة الشيعية ويمتدح المقاومين الذين صمدوا وانتصروا، بعدما كان دافع عن سلاح المقاومة في باريس: "أشعر بالعيش المشترك في كل القرى التي زرتها والجنوب طوى صفحة الماضي".

وفيما كان الراعي يتحدث عن زمن جميل، كان البطريرك السابق مار نصر الله بطرس صفير يحضر ويبارك مهرجان شهداء المقاومة في جونيه، الذي أحيته "القوات اللبنانية، ويتحدث عن زمن آخر: "نحيي الشباب ونتمنى أن يرزقهم الله أياما خيرا من هذه الأيام البائسة". 

وقبله كان رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع يفكّك كل خطاب البطريرك الراعي من دون أن يسمّيه: "الرد على التطرف لا يكون بالسماح بجرائم أخرى وأي تشدد أكبر من الذي أدى الى قسم ظهر المسيحيين واضعافهم عشرات السنوات في لبنان وكيف يكون تشدد أكبر مما نشهده في كل قرى ومدن ودساكر سوريا؟ وإذا سلمنا جدلا بأن تطرفا ما سيظهر في مكان ما فإن موقفنا منه لن يكون أقل حدة وشراسة إنطلاقا من قيمنا نفسها ولنا في هذا النجال صولات وجولات".

في زيارته هذه إلى الجنوب ذكّر الراعي بمشهد صفير في الشوف قبل عشرة أعوام. يومها أخذ صفير المسيحيين وراءه في مصالحة الدروز والتحالف معهم وصولا إلى ثورة الأرز بالتحالف مع السنّة. يومها شعر الشيعة أنّ "الإستقلال" الجديد يستهدفهم ويستهدف مقاومتهم.اليوم يذهب الراعي إلى الجنوب متحالفا مع الشيعة، ومعه جزء من المسيحيين، ويبعد السنّة عن المشهد، بخطاب الخوف منهم".

ربما يكون "توزيع أدوار" في ما سيعرف بـ"جنبلطة" المسيحيين، تمهيدا لـ"جنبلطة" الحياة السياسية اللبنانية كلّها. هناك اليوم بطريرك مع "السنّة" و14 آذار، وآخر مع الشيعة و8 آذار. وربما تكون الكنيسة مقسومة فعلا، بين بطريرك يريد الإلتحاق بالشيعة في لحظة فشل مشروعهم الإقليمي، وبطريرك يريد الحفاظ على "ثوابت بكركي" الإستقلالية في لحظة سقوط النظام السوري، وما بينهما تكون "الجنبلطة" قد اكتملت. 

السابق
عبود: اتوقع خيرا من القمة الروحية
التالي
حمار بدلاً من الباص السريع في الأردن