«Miss Farah» .. على الإنترنت

يحضر الأستاذ، أو المعلمة، أحيانا على موقع الـ«فايسبوك»، باعتباره شخصا عاديا يرغب بالحصول على حساب خاص به على الموقع. إلا أنه سرعان ما سيكتشف أن بعض رواد الموقع لا يرحبون بوجوده، حين يجد اسمه ضيفا على مجموعة أنشأها تلامذة من مدرسته. فمع بداية العام الدراسي، ينشط هؤلاء، وبعضهم لا تتجاوز أعمارهم الـ10 سنوات، في «حملات» الكترونية مناهضة للمدرسة والمعلم، مظهرين براعة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن هذا الاستخدام لا يأخذ بالضرورة شكلا سلبيا، خصوصا مع بعض العلاقات الودية التي تنشأ بين الأساتذة وتلامذتهم على هذه المواقع. تنطبق هذه الحالة على معلمة اللغة الإنكليزية فرح غزالي (27 عاماً) التي نجحت في كسب ثقة ومحبة تلامذتها، واعتمدتهم كأصدقاء لها تتواصل معهم على مدار السنة.

تخرّجت فرح من الجامعة اللبنانية الأميركية، مع شهادة في التربية والتعليم، وبدأت مزاولة مهنتها منذ تسع سنوات، قبل سنتين من تخرجها. حينها ظهر شغفها الكبير تجاه حبّها للتعليم، فارتأت ابتكار أفكار جديدة تسهم في ترغيب التلميذ بالمدرسة. من هنا جاءت فكرة فرح بإنشاء مدوّنة خاصة بها على الانترنت تحمل اسم «Miss Farah». وسرعان ما تحوّلت هذه المدوّنة إلى وسيلة تواصل أساسية بينها وبين تلامذتها الذين تتراوح أعمارهم بين السادسة والسابعة، وكذلك أولياء أمورهم. وتعتبر مبادرة فرح التي انطلقت منذ عامين الأولى من نوعها على صعيد التعليم.
هذه العلاقة لم تعد تقتصر على فترات الدراسة. فعلى المدونة، كذلك على مجموعتها الخاصة على موقع «فايسبوك»، تحضر المئات من التعليقات بين فرح وتلامذتها. فخلال العطلة الصيفية لم ينقطع هؤلاء عن معلمتهم، بل أخبروها بيومياتهم وظلّوا على تواصل معها، الأمر الذي يجعل منهم أصدقاءها كما تقول، فهم الذين يلهمونها لابتكار وسائل تعليم جديدة على مدونتها، قد تستفيد منها معلمات أخريات.  
تتحدث مدونة فرح عن حياتها اليومية كمعلمة. وتتشارك فيها مع تلامذتها الأفكار حول الدروس التي تعطيها، فتقدم للأهالي نصائح تتعلق بمعاملتهم مع أبنائهم. والاهم من ذلك كله، تلجأ إلى وسيلة جديدة خاصة بها، تعتمدها لمساعدة تلامذتها من التخلص من الشعور باليأس وتجنّب الروتين.
تطبق هذه الوسيلة عند صباح كل يوم خلال العام الدراسي، حيث تقرر فرح قبل المباشرة بإعطاء الصفوف تشغيل موسيقى خاصة تساعد على تأمين الراحة للدماغ، من خلال التأمل لمدة خمس دقائق في أشياء تجعل التلامذة أكثر سعادة. كذلك تخصص لهم ساعة كاملة تعتمد على الضحك المستمر للتخلص من اليأس.

وتحضر فرح أيضا إلى الصف الفلسفة الصينية، وهو عبارة عن تعليم فن التناغم مع الفضاء المحيط وتدفقات الطاقة من خلال البيئة والتصالح مع النفس ومع الطبيعة المحيطة بالإنسان.
ومع المعلمة فرح، أصبح بوسع الأهالي أن يكونوا على علم بكل شاردة وواردة تحصل في الصف، إذ تتولى فرح بعد انتهاء الدوام الدراسي نشر كل ما تضمنه صفها من نشاطات، وتقييم أداء تلامذتها. بدورهم، يعرب الأهالي عن امتنانهم للمعلمة وأدائها. تكتب والدة أحد التلامذة على المدونة: «لا يتوقف طفلنا الصغير عن التحدث عمّا يجري معه في الصف، أنا مطمئنة اليوم لوجود معلمة تسعى إلى تطوير وتعليم التلامذة، ولا يهمّها فقط الحصول على راتبها الشهري».
ومع العودة إلى العام الدراسي الحالي، أعلنت فرح على مدونتها أنها ستستقبل تلامذتها الجدد بحلّة جديدة. هي لا تريد صفاً تقليدياً، لذا قامت بتلوين الجدران، بإذن من إدارة المدرسة طبعًا، واستفادت من الأماكن المتاحة ليضع فيها التلامذة حقائبهم بدلاً من إبقائها إلى جانبهم.
كل هذه التغيرات أعلنت عنها فرح في مدونتها التي استفادت من الإمكانات التي يتيحها الفضاء الالكتروني، لتضع بين أيدي تلامذتها وسيلة تساهم في زيادة رغبتهم في الدراسة. 

السابق
مروان فارس: الدعوة لكل طائفة لانتخاب ممثليها تعيد لبنان الى الوراء
التالي
نجاة وزير الدفاع اليمني من محاولة اغتيال بسيارة مفخخة في عدن