حكومة ميقاتي هل تستمر وكيف؟

تستغرب أوساط الأكثرية التجييش من قبل المعارضة على الحكومة ومحاولة تأليب الرأي العام عليها، وهي لم تجتز بعد عتبة المائة يوم وهي فترة السماح المتعارف عليها. وتتساءل الأكثرية: لماذا تريد المعارضة استباق الأمور واستعجال الخطوات والإملاء على الحكومة ما يجب عليها القيام به؟ ولماذا لا تنتظر المعارضة لترى إذا كانت الحكومة ستلتزم تسديد مساهمة الدولة في المحكمة الدولية. وترى أوساط وزارية ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي شكلت لمهمة محددة، وجاءت في ظروف معروفة وضمن معادلة واضحة، وهي لم تنجز المهمة التي جاءت من أجلها رغم انها لم تلق فور تشكيلها الدعم الخارجي المتوقع كما حصل لسواها من الحكومات. إلا ان هذا لا يعني ان هناك تخليا عن لبنان وعن دعم الحكومة وتأييدها، بدليل ان حكومات غربية أعلنت دعمها حكومة الرئيس ميقاتي واستمرار مساعدة الجيش اللبناني بما فيها حكومات واشنطن وباريس. وتؤكد الأوساط انه بإمكان حكومة ميقاتي ان تتجاوز القطوع وان تستمر.

فأمر رحيلها يحتاج الى قرار له جذوره وتشعباته الداخلية والخارجية، كما كان قرار وتوقيت تشكيلها، وهذا أمر غير متوافر حتى الآن. من جهة أخرى، يشير قطب بارز في الاكثرية الى انه في ضوء ما يسود بين بعض أركان الأكثرية من تباينات، فإن هناك خشية من صيرورة الحكومة حكومة تصريف أعمال من دون الحاجة الى ان تستقيل لتصبح بهذه الصفة، بحيث يقتصر عملها على معالجة الملفات غير الخلافية وترك المختلف عليها جانبا عل الظروف تتبدل لاحقا وتتيح معالجتها. كذلك هناك خشية حصول «استقالة حكومية». لكن هذا القطب يرى أن أي استقالة حكومية دونها كثير من المحاذير، إذ سيكون من الصعب على الأكثرية تأليف حكومة جديدة، خصوصا إذا خرج من صفوفها بعد الاستقالة من كان بانضمامه اليها قد جعلها أكثرية، وفي مقدم هؤلاء رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط الذي بات يشكل الآن «بيضة القبان» بالنسبة الى ميقاتي. 
ويرى أن الظروف الراهنة لا تسمح باستقالة من هذا النوع، خصوصا في ضوء حال الانتظار التي يعيشها الجميع لمعرفة ما ستؤول اليه الاوضاع في سورية والمنطقة، وكذلك ما سيؤول اليه ملف تمويل المحكمة. ويرى ان خروج ميقاتي من السلطة، في حال حصوله، يمكن أن يؤدي الى انقلاب الأكثرية الحالية أقلية، وهو ما تحاذر هذه الأكثرية الوقوع فيه، ما يفتح المجال لتكليف الحريري، أو ربما الرئيس فؤاد السنيورة، تأليف الحكومة الجديدة، ولكن سيكون متعذرا عليه تأليفها، ولكنه في هذه الحال يصبح رئيسا مكلفا في ظل حكومة مستقيلة تصرف الأعمال إلى أمد طويل. أما على صعيد التعامل الخارجي معها، فتقول مصادر ديبلوماسية مطلعة ان الإدارة الأميركية حتى الآن مازالت تدعم استمرار المساعدات للبنان، وتعتبر ان التواصل عبر المساعدات والتشاور السياسي يبقي على خيوط قادرة من خلالها واشنطن على السعي للتأثير في لبنان وأوضاعه. وتعطي الادارة فرصة للحكومة اللبنانية وبالذات لرئيسها ميقاتي لمعرفة كم باستطاعته ان يذهب بعيدا في الوعود التي يطلقها حول الوفاء بالتزامات لبنان حيال المحكمة الخاصة به، وحيال تمويلها.

ولكن «الكونغرس» يتجه الى التشدد في شأن التعاطي مع الملفات اللبنانية ذات الصلة بالمساعدات والمخصصات الأميركية للبنان. فقد طرح في الكونغرس أخيرا، مشروع قانون وضع شروطا على تمويل المساعدات للبنان وطرحت المشروع رئيسة اللجنة الفرعية للمخصصات الخارجية فيه، وحتى الآن لم يدرس المشروع ولايزال مجرد مشروع في الكونغرس، إذ لم تحصل اجتماعات في خصوصه، ولا يعتبر مسألة ملحة هناك. لكن الديبلوماسية اللبنانية تسعى الى توقيف هذا المشروع أو إعادة النظر به، لتجنب التأثير على تمويل المساعدات للبنان. ذلك ان الكونغرس يبني مواقفه على خلفية معينة، تنامت منذ العام الماضي، عندما اشتبك الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي على الحدود الجنوبية، الى ان جاءت حكومة في لبنان يسيطر عليها حزب الله، الأمر الذي عزز قناعة الكونغرس بأنه من غير اللازم مساعدة لبنان، وان لبنان ليس صديقا للولايات المتحدة، وان سلوك لبنان في التزاماته الدولية ملتبس وغير واضح. 

السابق
محمود درويش: مِنْعة الرَّمز وفَيْضُه
التالي
نتنياهو يتوعّد بإفشال المسعى الفلسطيني