توتر شيعي من “العميل الوطني”

3 سنوات مخففة إلى سنتين: من أهم نتائج ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر التي كان لها أثر كبير، ولا زال، في نفوس الشارعين المسيحي والشيعي. فقد ساهم هذا "التفاهم" بحقن الدماء ومنع التصادم المسلح والكلامي بين الطرفين، وبرز بعدها الدعم العوني للمقاومة في مواجهة عملائها ومن يعمل على اسقاط سلاحها، الى حين فوجىء كلا الطرفين باتهام المرشح العوني والعميد السابق فايز كرم بتعامله مع الاستخبارات الاسرائيلية، إلا ان هذه الحادثة لم تعكر صفو التوافق الذي استمر بتشكيل حكومة يتقاسمها الطرفين، والمفترض ان وزراءها يعملون تحت راية التغيير والاصلاح لما فيه صلاح لبنان واداراته.

بعد سنة من التحقيق مع "العميل الوطني" فايز كرم، اصدر القضاء العسكري قرارا تجريمه بتهمة التعامل بعد ثبوت النية الجرمية فحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات مخففة لاسباب صحية الى السنتين!!

وقد جاء هذا الحكم، المستغربة مدته من ناحية قصرها، بناء لافادة المحكوم عليه امام قاضي التحقيق العسكري والنيابة العامة واعترافاته بأنه تواصل مع احد الديبلوماسيين في السفارة الاسرائيلية في لندن لتجنيده للعمل ضدّ المقاومة من جهة، ومن جهة ثانية لم يستطع الدفاع توضيح الاتصالات التي كان يجريها من الرقمين النمساوي والالماني المستخدمة مباشرة من قبل الاستخبارات الاسرائيلية، والتي يفترض أنها، وفقاً لاقواله، تابعة لصديقه الوهميّ جو حداد.

كان لقرار المحكمة العسكرية ردّة فعل قوية على الشارع اللبناني اتخذ طابعا سلبياً ورافضاً له، فالتيار الوطني الحرّ اعتبر الحكم ظالماً وأنّه صدر "ليحمي فرع المعلومات"، ولا زال ينتظر أن يستأنف ويخرج العميد كرم بريئا، اما تيار المستقبل وحلفاؤه فقد استغربوا هذا الحكم وتبعاته بانتظار موقف حزب الله الذي لاذ بالصمت ولم يصدر أي قرار رسمي، إما لأن القضية قضائية والحكم صادر عن جهة يعترف بها الحزب، وإما لأن موقفه حرج من حليفه المسيحي الاول، وبالتالي عليه أن يبقي امتعاضه ورفضه تحت الطاولة للحفاظ على مصالحه السياسية مع العونيين.

أدين العميل كرم وفقاً للمادة 278 من قانون العقوبات، واستنادا للمعلومات والمعطيات الاستخباراتية السابقة التي أدت إلى محاكمة العديد من العملاء ما بين عشرين عاما إلى مؤبد، فالاعدام، تطرح تساؤلات عديدة في الشارع اللبناني بشكل عام، وفي الشارع الشيعي بشكل خاص، منها: هل المصالح السياسية سبب كافي للتغاضي عن عميل قد يكون من العناصر الاسياسية الذين جنّدوا من قبل العدو لنقل احداثيات بيوت مقاومين في الضاحية الجنوبية لبيروت وكان السبب في استشهاد المئات في تلك المنطقة؟ وهل من المقنع ان هذه المدة القصيرة نتيجة توقفه عن التواصل مع الاسرائليين منذ العام 2009 اي قبل توقيفه؟ وما هي هذه الضرورات الصحية التي تزيل سنة كاملة من الحكم المقلص والمخفف في الاصل، مع العلم أن سجن رومية يحوي المئات من الموقوفين بلا تحقيق او احكام في حقهم، وهناك العشرات ممن يموتون لاسباب صحية وغير صحية أيضاً.

العميد فايز كرم تلعثم وحاول تشتيت القضاة بالرسائل المتناقضة التي وجهها إلى عائلته، وسعى إلى إستغلال منصبه القديم ومعارفه السياسية والأمنية للخروج من هذه الأزمة، لكنه اعترف في النهاية بجريمته وبالتالي هو عميل من الدرجة الأولى، وبسبب معلوماته التي نقلها، أكانت بسيطة ومتداولة أم خطيرة، فإنّ ما قام به خيانة للدولة اللبنانية، سيادة ورئيساً وشعباً، وعليه فمن غير المألوف أن يقبل هذا الحكم ببساطة وبرحابة صدر. لأنّ العميل عميل ووفقاً للقانون الدولي المتعامل ضدّ دولته مع أي دولة اجنبية يجرم بالخيانة العظمى ويحكم عليه بالسجن المؤبد او الإعدام، فكيف إذا كان قد تعامل مع عدو دولته الاوحد؟

وعليه فمن غير الطبيعي أن تصبح محاكمة من يتعامل مع عدوّ المقاومة ويهدد أمنها وشعبها انتقائية، فيصبح بيننا عميل "بسمنة" وعميل "بزيت" وآخر "بزبدة"، فإن كان العميد كرم عميلا فليحاكم كغيره من العملاء، أما إذا كان بريئاً فما جدوى وجوده سنتين في السجن.

السابق
عن المنتجعات في الجنوب: الشاطر…طلع مش شاطر
التالي
المفتي: لقد حرروني المستقبل !!