الجمهورية: لبنان يتأهب لشهرالاستحقاقات وسليمان سيلتقي اوباما

تدخل البلاد بدءا من مطلع الاسبوع المقبل شهرا حافلا باستحقاقات كبرى داخليا وخارجيا، تبدأ بملف الكهرباء الذي يهدد عقد الحكومة بالانفراط في حال عدم إقراره في مجلس وزراء 7 ايلول وظل الخلاف مستحكما حوله، ومرورا بالتطورات المتوقع ان يشهدها الوضع السوري وما يمكن ان يطرح بشأنه في مجلس الامن في ظل رئاسة لبنان الدورية له الشهر المقبل، وصولا الى الامم المتحدة التي سيشارك رئيس الجمهورية ميشال سليمان، في جمعيتها العمومية التي ستصوت علتى دولة فلسطينية كاملة العضوية.

وعلمت "الجمهورية" أن سليمان سيزور واشنطن على هامش مشاركته في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وسيستقبله الرئيس باراك اوباما في البيت الابيض، وتجري حاليا لترتيب برنامج هذه الزيارة. وأكدت مصادر مطلعة لـ "الجمهورية" ان الجانب الاميركي سيُبلغ الى سليمان خلال الزيارة مواقف سياسية أميركية جديدة حول مستقبل الوضع اللبناني تأخذ في الاعتبار التطورات التي تشهدها الساحة العربية عموما، والساحة السورية خصوصا.

وفي إنتظار تلك الاستحقاقات مدد رئيس الحكومة ميقاتي عودته من مكة حيث أدى مناسك العمرة الى بعد غد الاحد، علم انه يُجرى اتصالات هناك لعقد لقاءات مع عدد من المسؤولين السعوديين الكبار.

وإذ دخلت البلاد أمس في مدار عطلة عيد الفطر، فإنها ستمضي مطلع الاسبوع المقبل إجازة سياسية قسرية بفعل هذه العطلة، لكن شبح أزمة الكهرباء سيظل خلالها يقض مضاجع الأكثرية بفعل منسوب التوتر المرتفع الذي خلفته ارتداداتها في جلستي مجلس الوزراء الاخيرتين، وسط خشية من ان تصيب وحدة الجسم الحكومي في الصميم، وتصدّع التضامن الوزاري، في ضوء تشبث رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون بت"موقفه الكهربائي" على رغم من الشرخ الذي احدثه في العلاقة بينه وبين اهل البيت الاكثري، وخصوصا مع رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط وكتلته النيابية.

وتحت جنح هذا الوضع الحكومي المتوتر مضت المعارضة في حملتها على الحكومة لتهشيم صورتها مستغلة كوة الخلافات التي تعصف بالمكون الحكومي، فشن نواب تيار "المستقبل" وقوى 14 آذار هجوما مركزا عليها. فيما واصل وزراء تكتل"التغيير والاصلاح" ونوابه هجومهم على خطين مستهدفين نواب المعارضة من جهة ونواب جنبلاط من جهة اخرى، وملوّحين بالانسحاب من الحكومة من دون ان يقرنوا قرارهم بخطوات تنفيذية. واعتبروا "ان هدف جنبلاط من عرقلة اقرار خطة الكهرباء هو الحصول على مكاسب سياسية من خلال مناورات يعتمدها".

وأعلن وزير الطاقة جبران باسيل "اننا اليوم امام شلل حكومي ونيابي في انتظار حل مشكلة مشروع الكهرباء"، قائلا:" "نريد انقاذ الحكومة ومشروع الكهرباء، لكن هذا المشروع اهم من الحكومة على رغم انه يهمنا ان تنجح الحكومة"، معتبرا ان مشروع الكهرباء بكل نواحيه التقنية والمالية واضح ولكن معارضته سياسية"، متسائلا "بأي غباء تم نقل الخلاف الى داخل فريق الاكثرية الاّ اذا كانت هناك امتدادات للاقلية داخل الحكومة؟"، معلنا "اننا سنكسر أي حكومة لا تريد ان يسير موضوع الكهرباء الذي سيُقر من دون محاصصة، ولن ندفع أي ثمن لتمريره".

الحادث والحديث

وقال عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ابراهيم كنعان لـ"الجمهورية": "لا نبني مواقفنا انطلاقا من شيء شخصي، ولا نتحرك من خلفية ردات فعل او خلفية سياسية من الماضي، بل نتحرك بخلفية اصلاحية وبخلفية مشروعنا للمستقبل". ولاحظ "حصول تأخير غير مبرر لمشاريع تم الاتفاق عليها وأقرها مجلس الوزراء واحالها الى مجلس النواب كخطة الكهرباء ومنها مواضيع انمائية اخرى مهمة للبلاد"، وقال:" شرحنا خطتنا تقنيا وبالقانون وبيّنا الاصول السليمة التي يجب ان تتّبع". واكد "ان الفرصة ما تزال سانحة للجميع من الآن وحتى جلسة 7 ايلول فإذا تأكّد لنا وجود ارادة سياسية حقيقية تتناقض مع المشروع الاصلاحي الذي يتناول عددا من القضايا الأساسية، وراء هذا التأخير، فعنذئذ سيكون لنا موقف جذري وحاسم".

وإذ رفض كنعان "استباق الامور"، قال:"كما نحترم خيارات الآخرين ومواقفهم اذا قرروا الانسحاب او المقاطعة او الاستقالة او المشاركة، فعليهم ايضا احترام مواقفنا وخياراتنا، نحن لا نهدد بل نقول: نريد ان نكمل، ولدينا النية، بشراكة مع هذا الفريق او مع هذه الاطراف السياسية لتحقيق المشروع الذي اتفقنا على اساسه. ولكن اذا رفض الآخرون وبدّلوا ولم يكن لديهم رغبة، عندئذ سيكون لكل حادث حديث". واكد "ان الخيار يمكن ان يذهب في اتجاهات عدة، لكننا ضنينون بهذه الحكومة ونريد ان تنجح وسنساعدها في ذلك، ولكن الامر يتطلب ارادة كل الأطراف وتضافرهم وتعاونهم".

وعن علاقة التيار مع جنبلاط، قال كنعان: "في السياسة يحصل اختلاف وتباعد احيانا، لكن المهم هوعندما نكون حلفاء في حكومة ان يكون سقف خلافاتنا مشروعنا السياسي وليس أمرا آخر، لا شخصيا ولا اي خلفية سياسية. نريد ان تستمر العلاقة على هذه الخلفية وسنذهب الى النهاية في الحفاظ، ليس فقط على العلاقة معه، بل مع جميع الاطراف في الحكومة، ولكن تحت سقف المشروع السياسي الذي نطرحه وتحت سقف الاصلاح". ووصف علاقة عون برئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأنها "عادية.

التقدمي يرد

وقال احد مسؤولي الحزب التقدمي الاشتراكي لـ"الجمهورية" ان عددا من المسؤولين في الحزب سيسجل مواقف واضحة في الساعات المقبلة إنطلاقا من التهديدات التي أطلقها باسيل مساء اليوم (امس)، مستغربا الطريقة التي اعتمدها، خصوصا لجهة اتهامه عددا من الوزراء والنواب الذين يناقشون مشروعه بأنهم من الأغبياء ولا يدرون عما يتكلمون، كذلك بالنسبة الى تهديدات أخرى تارة بكسر الإحتكارات وتارة أخرى بأن لا حكومة من دون ان تقر قانون الكهرباء". وأضاف: "لا يمكن لوزير تسلم مهماته قبل فترة قصيرة ان يتهم من يتابع هذا الملف منذ سنوات عدة"، لافتا الى "ان أحد كبار المسؤولين السابقين في مؤسسة كهرباء لبنان ومعه عدد من الخبراء المتخصصين في هذا الملف يعدون دراسة وافية حول المشروع "، ومصرا على التأكيد "ان مواقف الإشتراكي لها خلفيات تقنية وفنية ومالية وإدارية فحسب، بعيدا من منطق السياسة الذي يصر عليه باسيل". وختم: "ان التسييس أمر يضيع الموضوع ويطيح التفاهم الذي رعاه رئيس الجمهورية قبل انعقاد جلسة الدقائق العشرة لمجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضي".

موقف 14 آذار

وفي خضم هذا العراك الحكومي لفت مصدر قيادي في قوى 14 آذار إلى أن الخلاف المستحكم بين مكونات الحكومة حول الكهرباء "لا يعني الحركة الاستقلالية من قريب أو من بعيد، لأن هذا الخلاف هو تقني بين فريق وزاري تقاطع على إسقاط الحكومة الحريرية وتشكيل الحكومة الميقاتية التي يرعاها حزب الله". وقال "أن المشكلة في البلد ليست من طبيعة تقنية، إنما من طبيعة وطنية في ظل وضع حزب الله يده على الشرعية اللبنانية، وهذا ما كان ليحصل لولا انضمام الثلاثي سليمان وجنبلاط وميقاتي إلى 8 آذار، وبالتالي لا أحد يمنن 14 آذار بقيادة مواجهة ضد عون وحزب الله، لأن المواجهة المطلوبة ليست في ملف الكهرباء، إنما في ملفي السلاح والمحكمة الدولية". وشدد المصدر نفسه على أن "من غير المسموح تخلي 14 آذار عن موقفها الأساسي من الحكومة كونها صنيعة انقلابية، والانزلاق إلى تأييد هذا الفريق الحكومي ضد ذاك"، متسائلا "هل يستطيع جنبلاط الخروج من الحكومة أو عون الاستقالة أم أن أكثر ما في استطاعتهما فعله هو التهديد والتهويل، لأن مفتاح إسقاط الحكومة هو بيد حزب الله وحده اليوم؟" وقال: "الحزب هو ضابط إيقاع هذه الحكومة ولا أحد يستطيع الخروج عن قراره في مشهد يذكّر اللبنانيين بحقبة الوصاية السورية عندما كانت دمشق هي ضابط إيقاع الحكومات اللبنانية!"

واعتبر القيادي نفسه "أن حزب الله هو الطرف الأكثر تضررا من الانقسامات الحكومية الراهنة، لأنه يريد إرضاء ميقاتي للحؤول دون استقالته، وإرضاء جنبلاط للحؤول دون خروجه من الأكثرية، وإرضاء عون للحؤول دون انقلابه على وثيقة التفاهم، وهذا ما يجعل الحكومة في حكم المستقيلة وتصريف الاعمال".

حزب الله

في هذا الوقت، وفي اطار الحملة التي يشنها على المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي، وعشية المواقف الجديدة التي سيدلي بها أمينه العام السيد حسن نصر الله من الجنوب عصر اليوم في مناسبة "يوم القدس العالمي"،اعلن حزب الله على لسان نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم ان المحكمة "هي مؤامرة مسيَّسة تستهدف وجودنا كمقاومة… وليست صالحة للحقيقة، وبطبيعة الحال لن نسلم لها رقابنا، ولا نقبل بأن تستخدم أداة لمواجهة عزنا وكرامتنا أي لمواجهة المقاومة".

وفي الإطار نفسه، عقد رئيس لجنة الاعلام والاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله مؤتمرا صحافيا حضره وزير الاتصالات نقولا صحناوي، والى جانبه اعضاء الهيئة الناظمة للاتصالات ومتخصصين وتحدث فيه عن النقاط الأساسية التي ارتكز عليها القرار الاتهامي. سائلاً "لماذا الاصرار على داتا إتصالات مطعون بصدقيتها؟" مؤكدا أنه "لا يمكن الاعتماد على دليل الاتصالات علمياً لا سيما الاقتران المكاني منه في قضية حساسة وخطيرة مثل قضية إغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري، حيث من الممكن أن تدفع البلاد الى شفير هاوية بالاستناد الى مجرد شك والى إفتراض وإستنتاج وكلها مصطلحات وردت في القرار الاتهامي".

"دفاع فاشل"

وقال عضو كتلة "المستقبل" النائب غازي يوسف لـ"الجمهورية" ان "المتهمين هم متهمون من المحكمة الدولية وبدل ان يضيع حزب الله وقته ويدافع عن نفسه في مجلس النواب، فيا ليته يضع جهده ويصرف وقته ويدافع عن نفسه في المحكمة، لا في المجلس". واكد ان الحزب "لم يطلعنا على اي امر جديد يتحدث عن اختراق اسرائيلي وعن مؤامرة اسرائيلية، لكنه لم يعط دليلا الى ذلك. انها محاولة دفاع فاشلة في مجلس النواب، ونصيحتي له هي ان يفتش عن اشخاص يفهمون في الاتصالات اكثر من الذين أتى بهم الى المؤتمر، وان يأتي بقضاة واختصاصيين وأن يُحضّر دفاعا افضل مما يطالعنا به هذه الايام، والاّ نعتقد ان تهمة الاجرام ستثبت على المتهمين اذا كان هذا هو نوع الدفاع الذي يدافع عنه "حزب الله" عن اتباعه. انها محاولة دفاع فاشلة والدفاع لا يكون هنا، بل في لاهاي، فإذا كان الدفاع على هذا المنوال فليرحم الله المتهمين".

حبيش

من جهته استغرب عضو كتلة "المستقبل" هادي حبيش حضور صحناوي المؤتمر الصحافي لفضل الله، وقال لـ"الجمهورية": "هذا الأمر يؤكد ان صحناوي يزج بوزارته في المهاترات السياسية، ويؤكد انه ليس وزير الاتصالات، بل وزير يسخّر وزارته خدمة لاهداف حزب سياسي. ولذا ادعو رئيس الحكومة الى اتخاذ موقف في هذا الصدد، لأنه لا يجوز تحويل الموظفين في الدولة رجالا يتدخلون في الشؤون السياسية ويعطون استشارات تقنية تخدم مصالح سياسية لأفرقاء، علما ان وزير الاتصالات هو رجل سياسة ولا يحق له تسخير الوزارة لاهداف ومآرب سياسية".

واضاف حبيش: " يجب على رئيس الحكومة اتخاذ موقف وأن نسمع رأيه في ما جرى، اذ لا يجوز لوزير أن يتخذ من دون إذنه، موقفا له علاقة بملف حساس مثل القرار الاتهامي والمحكمة الدولية ويناقض موقف الحكومة المعلن بأنها ستتعاون مع المحكمة وتؤمن كل المتطلبات. فاما هذا الوزير هو وزير في الحكومة واما أنه يتصرف على اساس رأيه الخاص من دون العودة الى القرار السياسي للحكومة".

من جهة ثانية كشف شربل لـ"الجمهورية" أن مخابرات الجيش أوقفت المعتدين على الشمّاس أنطوان حكيّم في بلدة لاسا الجبيلية قبل أسبوع.

السابق
البناء: اتصالات مكثَّفة لحلّ أزمة الكهرباء والعمالي يتهيّأ للإضراب والتظاهر
التالي
السفير: خبراء الاتصالات.. أساس القرار الاتهامي باطل