السحلب والقطايف أميرا الحلويات في رمضان

يتألق مشروب «السحلب» الساخن في رمضان وسط عشرات أصناف الحلوى كما هي حال «القطايف» التي تعتبر حلوى لذيذة و«خفيفة» تناسب جميع الطبقات الفقيرة والشعبية.
يحافظ الحاج زهير حنقير على صناعته منذ ستة عقود بالتمام والكمال حين ورث المهنة عن والده، منذ كان فتى صغيراً في محل متواضع في أحد أحياء مدينة صيدا القديمة، فلم تعد مجرد مهنة يعتاش من مدخولها، إنما بعض تراث يجب المحافظة عليه من الاندثار أمام «ثورة» الحلويات بأنواعها المختلفة والشهية.

والسحلب كما يروي زهير هو عبارة عن «مشروب دافىء مكون من الحليب ومادة السحلب ـ النشاء والسكر وماء الورد، تغلى في وعاء على نار هادئة لمدة نصف ساعة حتى تتماسك، وتسكب عليه القرفة أو المكسرات، وهو مغذٍّ يمكن أن يكون بديلاً عن وجبة الإفطار لاحتوائه كافة العناصر الغذائية، ففي الشتاء يزداد الاقبال عليه مع حاجة الجسم إلى كوب دافئ من مشروب لذيذ الطعم مغذٍّ، يبدّد برودة الجو ويمنح الدفء والنشاط في العمل أو في المنزل، وفي شهر رمضان يعتبر تحلية يزود الانسان بما يحتاج إليه من حلوى».

ويقول حنقير وهو ينهمك في سكب السحلب في أوعية، أنه ما زال في المحل ذاته منذ العام 1950، حين ورث المهنة عن والده، قبل أن يضيف: «تطور كل شيء في صناعة الحلويات إلا السحلب فقد بقي على حاله، فهو لا يحتاج إلا إلى الخبرة ومعرفة المقادير، الفارق الوحيد ناره، إذ كنا نغليه على الفحم قديماً، ثم تطور إلى «بابور» الكاز وصولاً إلى الغاز اليوم وفي كل الأحوال نبيعه على اسم شهرة الوالد «ابو زهير» حنقير الذي كان مقصداً للناس بمختلف طبقاتهم الاجتماعية.
ويؤكد أن «كلمة السر» في السحلب اللذيذ تكمن في كيفية صناعته بدءاً من المقاديير، مروراً بالنار ووصولاً إلى الوقت، مشيراًَ إلى أنه يصنع في اليوم ما يكفي لحوالى 200 إلى 250 شخصاً.
وجبة مغذية
ويضيف أن «الاقبال على مشروب السحلب يكون عادة في الشتاء، لأنه ساخن ويزوّد الإنسان بالدفء والطاقة اللذين يحتاجهما جسده، وفي رمضان لأنه يعتبر وجبة مغذية وتحلية كاملة كما باقي أنواع الحلوى، بينما في الصيف فإننا نعمل على الطلب، حيث تتصل بنا عادة شخصيات وفاعليات لتأمين كميات منه لضيوف وافدين أو لتحلية بعد وليمة»، مشيراً إلى «أن كثيرين من الرؤساء والوزراء والنواب اللبنانيين والعرب وغيرهم شربوا السحلب الذي نصنعه أثناء زيارتهم مدينتنا» .
وقال: «لست نادماً على احترافي المهنة، هي في الأصل لم تعد مجرد مهنة نعتاش من مداخيلها، إنما تراث نحافظ عليه.. ربما أندم لاحقاً لأن أولادي لا يريدون أن يتعلموها كي تبقى في اسم العائلة وشهرتها، علماً أنها تسدّ رمق العائلة وتكفي الانسان ما يحتاج إليه، لأن موادها ليست باهظة الثمن وهي تحتاج إلى الجهد والخبرة أكثر من التكلفة، بل يمكن التوفير من مدخولها».

القطايف
يعتبر أبناء مدينة صيدا حلوى «القطايف» أميرة الحلويات في رمضان، حيث تتربع هذه الأميرة على موائد الصائمين فطوراً وسحوراً. وقد كانت الحلوى المفضلة لدى الصيداويين منذ عقود طويلة، كما كانت الأبرز عندهم، ولكنها ما زالت صامدة، تدخل بيوتهم من دون استئذان. بسبب إنتشار أنواع مستحدثة من الحلويات.

داخل الأحياء القديمة في المدينة تنتشر بسطات القطايف ومعها الروائح الزكية التي تعمّ المنطقة بأسرها قبل أن تختفي مع نهاية شهر رمضان بنسبة 90 في المئة .

ويشرح المعلم حسن عن القطايف فيقول: «هي فطيرة مختلفة الأحجام، منها ما هو صغير مثل كف يد الإنسان، ومنها ما هو كبير، تتكون من عجين الطحين «الدقيق» و«السميد» بنسبة ثلثين طحين وثلث سميد، ويضاف إليها الحليب والزيت والمياه، تخفق جيداً وتخبز على فرن حديدي ثم تحشى بالمكسرات أو الجوز أو الجبنة أو القشدة، وتخبز، وتغمس بـ«القطر»، أي ماء العسل أو السكر، ويحب الصائمون تناولها بعد الإفطار».

ثم يضيف أن «الاقبال على شراء القطايف كثيفٌ كونها زهيدة الثمن بالنسبة إلى باقي الحلويات المعروفة في شهر رمضان، وتحديداً في ظلّ تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الذي يعانيه المواطنون. لكن المواطنين باتوا يواجهون صعوبة في تناولها، إذ أن سعر القشدة ارتفع وقد بات يساوي أكثر من اثني عشر آلاف ليرة لبنانية في الحد الأدنى، كذلك حال الجبنة، وهذا ما يدفعهم إلى حشوها بالجوز أو «المهلبية» للتوفير على أنفسهم مزيداً من الأعباء المالية».

العصائر: الجلاب
وخلال رمضان، تكثر العصائر، ولا نتحدث هنا عن عصير الجزر أو التفاح أو البرتقال، إنما عن الجلاب، والتمر هندي؟، وعرق السوس، والتوت وحتى الخروب، حيث تطفئ هذه الأنواع من الشراب ظمأ الصائمين.
ويعتبر الصيداويون التمر هندي والجلاب والسوس الشراب المفضل لديهم في رمضان، فهذه الانواع من العصائر خفيفة على المعدة ولذيذة المذاق كما تطفئ العطش الذي يرافقهم طوال ساعات النهار.

ويتفنن أبناء المدينة في صناعتها كي تُلبّي ذوق شاربيها، كما يشتهر آل السمرا في صيدا بكونهم الأقدم في هذه المهنة، وينهمك الحاج معروف الغربي في صناعة الجلاب في محله المتواضع في زاروب «الايجاصة» قرب ساحة القدس في المدينة، يقف بين عماله وهو يحرك باستمرار «الطبخة» قبل أن يسكبها في دلو معدني كبير تمهيداً لتعبئته في قنانٍ بلاستيكية خاصة.
يقول المعلم الغربي: «منذ 23 عاماً وأنا أزاول هذه المهنة، لقد ورثتها عن عمي المرحوم محمد السمرا «أبو مصطفى» وهي لا تحتاج الى رأس مال كبير إنما إلى جهد وعرق».

وأوضح لنا أن الجلاب عبارة عن مياه مبخرة، دبس الزبيب وسكر وعطورات، فيما تستغرق «الطبخة» الواحدة ساعتين من الوقت، تنتج نحو 200 قنينة أي ما يعادل 350 ليتراً من الشراب، ونتاجه اليومي يصل في رمضان إلى 6 آلاف ليتر أي نحو 4 آلاف قنينة بسبب الإقبال الكثيف عليه من قبل الصائمين.
وقال الغربي: «نبيع القنينة الواحدة وهي عبارة عن ليتر ونصف ليتر بسعر 1500 ليرة فقط بالمفرق والجملة على حد سواء، بينما في المحال التجارية الأخرى تصل الى 2000 ليرة، نحن أرخص بـ500 ليرة».

.
التمر هندي
يحضر التمر الهندي بنقعه في الماء البارد لعدة ساعات أو في الماء المغلي لمدة بسيطة مع إضافة بضعة أوراق الكركدية وبذور الشمّر، ثم نتركه حتى يستقر، بعدها يصفى ويضاف إليه قليل من السكر، يشرب التمر الهندي في رمضان في أي وقت من الليل ويعتبر من المشروبات المفضلة لدى العديد من الناس كما أنه يدخل في بعض المأكولات حيث يضاف إلى بعض المحاشي.

العرق سوس
العرق سوس نبات بري معمّر من الفصيلة البقولية، ويطلق على جذوره (عرق سوس) أو (أصل السوس) وهو مشهور في البلاد العربية منذ أقدم العصور. ينبت في الأرض البرية في حوض البحر الأبيض المتوسط.
ويحتوي على مادة فعالة هي الجلتيسريتسن، وقد ثبت أن عرق السوس يحتوي على مواد سكرية وأملاح معدنية من أهمها البوتاسيوم، والكالسيوم، والمانغانيزيوم، والفوسفات، ومواد صابونية تسبب الرغوة عند صب عصيره، كما يحتوي أيضاً على زيت طيار.

أما طريقة تحضيره فتتم عبر نقع العرق سوس النظيف فى الماء، ويفضل نقعه من الليل حتى الصباح حتى تستخلص خيراته وحلاوته كلها، ومن ثم يحضّر وعاء نظيف وقطعة شاش ويصَبّ السوس فى الوعاء من خلال الشاش وتعصر قطعة الشاش جيداً حتى يتصفى لآخر قطرة، ويصب الشراب الناتج فى الزجاجة ثم يقدّم مثلجاً.

فوائد التمر هندي
وقد أثبتت الدراسات العلمية أن التمر هندي يحتوي على مضادات حيوية قادرة على إبادة الكثير من السلالات البكتيرية المختلفة الضارة بالإنسان، إلى جانب فوائده كمليّن ومضاد للحموضة وملطّف وخافض للحرارة، ولذلك تضيف بعض شركات الأدوية الخلاصة المائية لثمار التمر هندي إلى أدوية الأطفال. ويقال عن التمر هندي بأنه ثمرة صحية منظفة تحسّن الهضم وتطرد الغازات كما تلطف التهابات الحلق وتعمل كمليّن معتدل، يعطى في الطب لفتح الشهية وتقوية المعدة. كما يستعمل لتفريج الإمساك.

وفي الهند يستعمل المواطنون صلصة التمر هندي ضد الزكام والعلل الأخرى التي تنتج نزلة مفرطة، ويعتبر في الطب الصيني عشبة مبردة ملائمة لعلاج حرارة الصيف كما يعطى التمر لفقد الشهية والغثيان والقيء أثناء الحمل والإمساك. ويستعمل ضد زيادة حموضة الدم حيث يستخدم منقوع التمر هندي لتخليص الدم من حموضته الزائدة وطرد ما يحتويه من سموم.

… والجلاب
وحول الجلاب أجريت دراسة مفصلة في جامعة لوس أنجلوس، إذ جرى إعطاء شراب الجلاب بمعدل كوب واحد يومياً لأشخاص مقابل آخرين جرى إعطاؤهم كوب برتقال يومياً، وكانت النتائج بعد خمس سنوات مذهلة، حيث أثبتت الدراسة بأن شراب الجلاب يحتوي على مواد لها فعالية حبّة الإسبرين التي تحدّ من الإصابة بالجلطة الدماغية والقلبية.. كونه يساعد في التقليل من لزوجة الدم، وبالتالي يساعد على سهولة جريانه في جميع أنحاء الجسم.

كذلك أثبتت الدراسة نفسها بأنه يحتوي على مواد مضادة للأكسدة، تتحد مع الجزيئات الحرة المسماة Free Radicles والتي تسبب مرض السرطان عند وجودها داخل الجسم البشري، وعند اتحادها تتكون مواد غير ضارة تطرح خارج الجسم، وبذلك يعد عنصر وقاية ضد هذا المرض.
ويحتوي الجلاب على كمية عالية من ملح البوتاسيوم والذي يكوّن مع السكريات الموجودة فيه مادة غذائية جيدة لتعويض الجسم عما يفقده من سوائل واستعادة حيويته بعد حالات الإسهال والجفاف.

… والعرق سوس
يساعد على شفاء قرحة المعدة خلال أشهر، له أثر فعال في إزالة الشحطة والحرقة عند حدوثها، يساعد على ترميم الكبد لاحتوائه على معادن مختلفة، مدرّ للبول، ويشفي من السعال المزمن باستعماله كثيفاً أو محلولاً بالماء الساخن، و لذا يفضّل استعماله ساخناً للوقاية من الرشح و السعال و آثار البرد، يجلب الشهية بشربه أثناء الطعام، يسهّل الهضم إذا جرى تناوله بعد الطعام، ويعتبر أفضل شراب مرطب للمصابين بمرض السكر لخلوّه تماماً من السكر العادي، وهو منشط عام للجسم و مروّق للدم، كما يفيد في شفاء الروماتيزم لاحتوائه على عناصر فعالة، كونه يحتوي على الكثير من أملاح البوتاسيوم والكالسيوم وهرمونات جنسية ومواد صابونية، كما يفيد في شفاء الروماتيزم لاحتوائه على عناصر تعادل الهدروكورتيزون ويساعد في تقوية جهاز المناعة في الجسم وينصح بعدم الإكثار من شرب العرق سوس للمصابين بارتفاع الضغط

السابق
عقاب قاس…
التالي
صداقة بين رجل ودب قطبي!