وثائق جديدة في جعبة حزب الـله؟

باستثناء الوقع الأول والمتوقع للكلمات عندما تتحول من تسريبات صحفية الى تهم رسمية فانه يجوز القول انّ ما سمح قاضي الاجراءات التمهيدية للمحكمة الدولية دانييل فرانسين بنشره من بنود القرار الاتهامي بجريمة اغتيال الرئيس الحريري قدم لمعارضي المحكمة فرصة يعتبرونها جيّدة لمواصلة هجومهم عليها، فيما لم يقدم للمؤيدين ايّ مادة جديدة من شأنها اسعافهم في دفاعهم الشرس عنها.

فعامود القرار الفقري – أي الشرح المفصل لخريطة الاتصالات – والذي كان من شأنه ان يشكّل قاعدة مقبولة لعملية الدفاع تلك، فقد كثيراً من وهجه بعد ان تسرّب الى وسائل الاعلام قبل مدة طويلة من صدور القرار، متيحاً للمعارضين فرصة محاولة تهشيمه الى حدّ التحطيم.

في تلك الفترة كان مؤيّدو المحكمة يرفضون التعليق على تسريبات الصحف، وذلك على اعتبارها "مجرد تسريبات" فارتكبوا خطأً تكتيكيّا سمح لخصومهم بقطع أشواط سريعة وسهلة في أذهان الناس لإقناعهم بـ"تفاهة" الاتصالات كدليل من المحتمل ان يستند اليه بيلمار، ويدعمون حجتهم بعملاء شركة ألفا الذين كانوا يتساقطون كأحجار الدومينو الواحد تلو الآخر.

لكلّ ما تقدّم يشعر خصوم المحكمة اليوم بانتصار مزدوج.

فمن زاوية اولى اعتبروا أنّ مضمون القرار "اثبت صحّة ما توقعوه من أنه سيأتي مطابقاً لما أوردته صحيفة دير شبيغل عام 2008 وانه بالتالي، وكما قال امين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله كتب قبل سنوات من اعلانه ولم يكن ينتظر سوى اللحظة السياسية المناسبة لإعلانه"، ومن زاوية ثانية اثبت القرار للقارىء بين سطوره عدم وجود دليل قاطع لدى المدّعي العام الدولي على تورّط الحزب – او عناصره الأربعة على الأقل – في جريمة الاغتيال خصوصا من خلال اعترافه بأنّ كلّ ما لديه هو" ادلّة ظرفية " تضمّ الى جانب رصد حركة الاتصالات إفادات بعض الشهود الذين يبدو انّ بينهم اسماء دسمة احدها مسؤول عسكري سابق وبارز في الحرس الثوري الايراني، علماً أنّ تجربة التحقيق مع شهود الزور من محمد زهير الصدّيق الى هسام هسام قد لا تكون لمصلحة بيلمار. لذلك، وعلى الرغم من انّ الأكثريين الجدد وهم في مجملهم من المشكّكين بالمحكمة يؤمنون بأنّ عاصفة قرارها الظنّي قد مرّت برداً وسلاماً عليهم ، فإنّ الواقعيين منهم يدركون ايضاً أنّ عواصف اخرى ستكون في الانتظار.

ولأنّ الواقعيين هم، ولحسن حظ الأكثرية، قادة دفّتها، فقد بدأوا يحضّرون السفينة لتجاوز العواصف المقبلة.

وإذا كان وجود قرار اتّهامي أكثر تفصيلاً يدين مسؤولين ايرانيين وسوريين، بات أمراً مؤكّدا وفق ما ذكرت دير شبيغل الشهيرة، فإنّه من شبه المؤكّد أيضاً أنه وفي حوزة المحور الحاكم في لبنان دفعة جديدة من الوثائق والمستندات التي ستكون واحدة من إطلالات السيّد حسن نصر الله ساعة الصفر لإعلانها.

وبحسب ما يؤكّد مقرّبون من الحزب فإنّ إعلان ما لديه لا يرتبط بتطوّر عمل المحكمة فحسب، بل يرتبط ايضا وبشكل أساس بتطوّر الأوضاع في سوريا، خصوصا أنّ هذه الوثائق والمستندات هي في مجملها ملفّات صادرَها الجيش الروسي من إحدى الشقق في جورجيا والتي كانت مركزا للاستخبارات الاميركية، وذلك بعد العمليّات العسكرية التي قامت بها موسكو عام 2006. وقد قام الرئيس الروسي ( ديمتري ميدفيديف) بنفسه بالموافقة على تسليمها لنظيره السوري كحافز لدمشق لإقناعها بالموافقة على انشاء قاعدة عسكرية روسية في طرطوس.

وتضمّ هذه الوثائق – بحسب ما ينقل مقرّبون من الحزب – مراسلات وتسجيلات بين الـ"سي اي اي" وعدد من اجهزة الاستخبارات في بعض دول الاعتدال وكلّها تحمل اشارات واضحة الى تورّط هذه الأجهزة في عدد من عمليات الاغتيال التي شهدها لبنان في السنوات الأخيرة.

السابق
تقرير لبروكينغز..استعداد إسرائيل وحزب الله للحرب المقبلة
التالي
أحد المتهمين: يوم الاغتيال كنتُ في مهمة عسكرية