12 آب اليوم العالمي للشباب

في 12 آب من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي للشباب، بعدما كرّسته الجمعية العمومية للأمم المتحدة في 17 كانون الأوّل من العام 1999 في قرار يحمل الرقم 54/120. فكيف ينظر الشباب إلى هذا اليوم؟ وهل تختلف الرؤية بين محازبين وآخرين ناشطين في المجتمع المدني؟ وهل هذه المحطة السنوية وحدها كافية؟ وغيرها من الأسئلة التي توجّهت بها "الجمهورية" إلى الشباب في عيدهم العالميّ.

"نختلف بطبيعة العمل"

"كأيّ مناسبة شبابية، 12 آب لا يعنيني فقط، بل يهم كلّ شاب لبناني، فهو محطة وحدَويّة حول قضايا مطلبيّة". هذا ما عبّر عنه المسؤول الإعلامي في منظمة الشباب التقدّمي ظافر ناصر، مشيرا إلى معاناة الشباب في هذه المرحلة الراهنة: "المعضلات عينها يشكو منها ابن الجبل أو ابن بيروت، أبرزها قضيّة السكن، إيجاد فرصة عمل، الضائقة الاقتصاديّة".

يجد ناصر في هذه المناسبة رمزيّة لا تقل أهمّية عن أيّ محطات وطنية أخرى: "هذه فرصة لنا لرَصّ الصفوف، والابتعاد عمّا يفرّقنا كي نرتقي بمستوى العناوين المطروحة والنضال الذي نخوضه لتوفير احتياجاتنا". كما يعتبرها محطة سياسيّة أساسيّة "للدفاع عن الحرّيات والديمقراطية".

لا ينكر ناصر أنّ دور المجتمع المدني يتطوّر في الأعوام الأخيرة، وبدأ يأخذ منحى أساسيّا، في لبنان والخارج، ولكن على حدّ تعبيره "خصال كثيرة يتميّز بها الشاب المحازب عن نظيره الناشط في المجتمع المدني"، فيوضح: "يتكوّن لدى المرء العامل في المجال الحزبي فكر سياسيّ يعمل في ضوئه، وكلّ ما يقوم به يتمحور حول قضية محددة، في حين أنّ المجتمع المدني لا يعمل وفق خلفيّة فكريّة عقائدية بل انطلاقا من مشكلة آنية، محصورة بزمان ومكان". ويضيف: "ينطلق الحزبي من مشروع سياسي لبناء مجتمع ونظام متكامل".

الصورة أوضح

من جهتها، تعتبر مايا العمار في "جمعية كفى"، أنّ اليوم العالمي للشباب لا يحظى بالأهمّية الكافية: "غالبا ما تغيب المناسبة عن أذهاننا، لنتذكّرها صدفة في اليوم المحدّد لها، عِلماً أنّها تعني شريحة تشكّل عصب حياة المجتمعات". أمّا عن مردّ هذا النقص في الاهتمام بهذه المناسبة، فتقول: "هذا مرَدّه إلى المشاركة الضعيفة التي توكل للشباب في تطوير مجتمعهم وتحسينه، قد يكون على وزارة الشباب والرياضة لعب دور أوسع في هذا المجال، أو ربّما قد يكون نتيجة النقص في الترويج الإعلامي".

وفي ضوء خبرتها في العمل مع المجتمع المدني، تجد مايا "أنّ الناشطين في هذا المجال يتسنّى لهم التعامل مع شرائح المجتمع كافّة من دون استثناء، وكذلك يتمكّنون من النظر إلى البلد كلوحة بانورامية شاملة، نظرا إلى أنّهم لا يكونون مقيّدين باصطفافات معيّنة، ورموز حزبيّة".

لا تنكر مايا أنّ الصعوبات التي تواجه شباب المجتمع المدني كثيرة: "قد تكون المشاكل التي تواجهها كفى محمولة مقارنة مع غيرها من المنظمات التي لا تزال تبحث عن نيل ثقة الناس وتأييدهم. وتتابع موضحة: "قد تُتّهم الجمعيات التي تنفّذ مشاريع بتمويل خارجي بأنّها تخضع لأجندات خارجيّة، في حين أنّ الحقيقة ليست كذلك، ولكن أجبرت على الاستعانة المادية الخارجية". وبشيء لا يخلو من الحماسة، تتابع مايا: "عملنا في المجتمع المدني قد يزيد حساسيّة بعض الجهات الدينية التي تخشى من العلمانية وكأنّنا نروّج لها".

وعلى رغم ثقتها الكبيرة بالمجتمع المدني، وما يمكن أن يحقّقه الشباب من خلاله، لا تنكر مايا "أنّ المجتمع المدني قد لا يصنع المعجزات إلّا أنّ في إمكانه أن يتسلّل حيث يصعب على السياسة الدخول". وتضيف: "ولكن في لبنان يصعب تحقيق ما نرنو إليه بعيدا من السياسة التي تدخل في كلّ "شاردة وواردة"، وهنا تكثر التحدّيات أمامنا وفرص تحقيق النجاح".

مجال المناورة أوسع

أمّا بالنسبة إلى نديم يزبك، رئيس دائرة الجامعات الفرانكوفونية في مصلحة طلّاب القوات اللبنانية، فيعتبر أنّ 12 آب "يجب أن يكون محطة تقدير وإحاطة لكلّ شابّ ساهم في تغيير وتطوير مجتمعه نحو الأفضل، مع الإشارة إلى أنّ هذا الموعد لا يلقى الأهمّية الكافية في لبنان". يأسف يزبك للمعاملة التي يحظى بها الشاب اللبناني في دولته، لا سيّما أنّ الخارج يحصد ثمار مجهودهم وتعبهم في وطنهم: "المشكلة تكمن في افتقار الشباب مكوّنات الحياة الأساسية التي من المفترض أن ينعم بها أيّ إنسان، ومنها الكهرباء، الإنترنت، الطرقات، وسائل النقل المشتركة، وغيرها".

على رغم المصاعب التي يواجهها الشاب اللبناني وحيدا، يأبى يزبك الاستسلام: "علينا أن نزرع الأمل في نفوس بعضنا بعضا لنصل إلى ما نطمح إليه من بلد نموذجي، يليق بطموحاتنا". ويضيف: "ما يميّز الشاب المحازب عن غيره، هي قدرته على المناورة والتحرّك الأكبر، والتعبير عن رأيه إلى حدّ قد يدفع الثمن غاليا".

يعتبر يزبك أنّ "المفعول" الذي يمكن أن يحدثه الشاب المحازب أكثر فعاليّة من سواه، موضحا: "من خلال سعيه إلى إيصال حزبه بطريقة ديمقراطيّة إلى الحكم قادر على إحداث الكثير من التغيرات".

في هذا الإطار، لا يتجاهل يزبك دورالعاملين في المجتمع المدني: "لا شك في أنّهم يتمتعون بحماسة كبيرة، ولكن يفتقرون إلى الثقل الذي يؤمّنه العمل السياسي، على سبيل المثال بإمكانك أن تقنع الآخر بفكرة سياسية، وتضمّ بالقرب منك مجموعة تقاسمك الرأي نفسه، في حين قد يصعب ذلك على شاب يعمل في المجتمع المدني".

الحاجة إلى كفّتين

تولي منسّقة برامج الشباب في منتدى التنمية والثقافة والحوار ليندا مكتبي وقعا خاصا لعبارة "اليوم العالمي"، فتقول: "أحب هذه العبارة، وأجد فيها محفّزا للشباب كي يتفاعلوا بعضهم مع بعض، ليس فقط ضمن البلد الواحد، بل على مستوى العالم ككُل، وكذلك الكسب المتبادل للأدوار الجذريّة التي في إمكانهم تأديتها".

إنطلاقا من أهمّية هذا اليوم، الذي تعتبره ليندا " فرصة للتأكيد على أهمية مرحلة الشباب في إحداث التغيرات"، تعتبر هذه المحطة السنويّة، غير كافية، "لا شكّ في أنّ تحديد موعد معيّن مسألة أساسية، ولكن لا يجب اختزال قضايا الشباب في يوم واحد، فاليوم العالمي للشباب، ذكرى لا بدّ منها، إنّما لا يجب حصرها بيوم أو بنشاط واحد فقط".

من جهتها، لا تجد ليندا فرقا بين شباب ناشطين في المجتمع المدني وآخرين في الحقل السياسي، "كلّ منّا يؤدّي دوره وفق حاجاته وما تتيحه له بيئته، أجد أنّنا نتكامل، فالميزان في حاجة إلى الكفّتين ليكتمل"

أيّاً تكن الجهة التي ينطلقون منها للتعبير عن مواقفهم، في هذه المناسبة لا يكفي فقط تذكّر معاناة الشباب وشجونهم، بل الإصرار على ضرورة إشراكهم في صنع القرار. عدوى التغيير تسير كالنار في الهشيم بين الشباب، ولن تترك في دربها ما يزعجها من يباس.

بان كي مون للشباب: "الفرصة في أيديكم لتغيير عالمنا فاغتنموها"

في مناسبة اليوم الدولي للشباب، وجّه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسالة، بعنوان "لنغيّر عالمَنا"، وجاء فيها:

"لنغيّر عالمَنا" هو موضوع اليوم الدولي للشباب هذه السنة، وهو أكثر من مجرّد شعار: إنه نصيحة ينبغي أن يستلهمها الشباب على الدوام. فالغالبية العظمى من أصل بليون شاب في العالم تفتقر إلى ما تستحقّه من تعليم وحرّية وفرص. وعلى رغم تلك القيود، بل بفضلها في بعض الحالات، يحشد الشباب طاقاتهم بأعداد متزايدة في سبيل بناء غد أفضل. وقد حقق الشباب على مدار العام الماضي نتائج مذهلة، حينما أزاحوا الديكتاتوريات ونفخوا روح الأمل عبر المناطق لتعمّ العالم بأسره".

أضاف: "وينعم الشباب بهبتي العقل المتفتح والبصيرة الثاقبة، ويسخّرون طاقاتهم وأفكارهم وشجاعتهم لتذليل طائفة من أشد التحدّيات التي تجابه البشريّة تعقيدا وأكثرها أهمّية. وفي أغلب الأحيان، يدرك الشباب أكثر من الأجيال المتقدّمة في السنّ أنه بمقدورنا تجاوز اختلافاتنا الدينيّة والثقافية لبلوغ أهدافنا المشتركة. لذلك تراهم يهبّون للمدافعة عن حقوق الشعوب المقهورة، بما في ذلك الفئات التي تعاني التمييز على أساس نوع الجنس والعرق والميول الجنسية. ويتصدّى الشباب كذلك للقضايا الحسّاسة بغية وقف انتشار فيروس نقص المناعة البشرية. وكثيرا ما يتزعّمون الحركات المناصرة للاستدامة وأساليب الحياة المراعية للبيئة".

وتابع: "فلا بدّ إذا، أن يواصل المجتمع الدولي العمل معا لتوسيع آفاق الفرص المتاحة للشباب إناثا وذكورا وتلبية مطالبهم المشروعة في الكرامة والتنمية والعمل الكريم. وما الوفورات المحققة من عدم الاستثمار في شبابنا سوى وفورات زائفة، إذ إنّ الاستثمار في الشباب سيعود علينا لا محال بفوائد عدّة عن طريق ضمان مستقبل أفضل للجميع".

وقال: "ويتوّج هذا اليوم نهاية السنة الدولية للشباب، التي تمثل مَعلما بارزا في مسار الدعوة العالمية لصالح شباب العالم ومن جانبهم. ويحدوني الأمل أن تُرسي هذه التجربة الأسس لقطع أشواط أبعد في تسخير مواهب الشباب وطاقاتهم. وفي هذا الصدد، أتوجّه إليهم وأقول: الفرصة في أيديكم لتغيير عالمنا. فاغتنموها".

السابق
غابي ليون: مجلس الوزراء سيبت ايجابا في موضوع الكهرباء الخميس المقبل
التالي
أسواق الأسهم العالمية تخسر 4 تريليونات دولار في أسبوعين