لماذا تغيِّب الثنائية الشيعية قضية الصدر؟

– فجأة سكت مهاجمو القذافي ونظامه على أبواب الذكرى الـ32 على اختفائه
– مصدر في "المجلس الانتقالي": مساعدات عسكرية سورية وايرانية للقذافي!
تبدو غائبة حتى الآن الاستعدادات لاحياء ذكرى تغييب الامام موسى الصدر في 28 آب 1978 ومع اقتراب موعدها لم يلحظ اي تحرك اعلامي او قضائي او سياسي بهدف تتبع القضية بعد المستجد من تدهور اوضاع نظام العقيد الليبي معمّر القذافي المتهم بهذه الجريمة. لا بل يمكن القول بثقة ان القضية تبدو كما لو أنها لم تعد قائمة، هي التي شكلت قاعدة الصعود السياسي لحركة امل والشيعية السياسية عموما، وكانت لازمة في برامجها السياسية وشعاراتها، اما اليوم فيبدو ان مطلب كشف مصير الامام الصدر ليس شاغلا القيادة، فكيف بالحكومة؟

وكان النائب وليد جنبلاط سأل الحكومة قبل يومين عن اسباب عدم اعتراف الحكومة اللبنانية بـ"المجلس الانتقالي" الليبي. ويستدعي السؤال، ونحن على مبعدة ايام من الذكرى 34 لاختطاف الامام الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين، سؤالا آخر ومتصلا، هو حيال صمت قيادة حركة امل والرئيس نبيه بري، وقيادة حزب الله والسيد حسن نصرالله تجاه متابعة هذه القضية، والتنسيق مع المجلس الانتقالي من اجل كشف مصير المغيبين، علما ان الدولة اللبنانية كانت، ولا تزال، مقصّرة في متابعة هذه القضية على ما يرد دوما في مواقف قيادة امل كلما جرى تناول هذ الموضوع. فما الذي يمنع اليوم من مطالبة الحكومة اللبنانية بخطوات من قبيل الاعتراف بهذا المجلس، او رفع دعوى قضائية تمهد لكشف الجريمة، ومحاكمة المتورطين فيها؟

الصمت مريب وغير مفهوم اليوم اذا ما قيس بكل ما قيل وكتب من بيانات وما اقيم من مهرجانات، والعهد للامانة وصاحبها. فبعدما ظلت ترتفع الاصوات المطالبة بمعاقبة مرتكبي الجريمة وتحديدا الزعيم معمر القذافي طيلة السنوات الماضية، يخيم الهدوء والسكينة اليوم على من كانت قضية الامام قضيته الاولى. ومع اقتراب ذكراها الـ34 ما الذي سيقوله الرئيس نبيه بري في خطابه السنوي في هذه المناسبة؟ …وهل من جديد سيقال؟ خصوصا ان الاخير كان نجح، وبدعم من حزب الله، في النأي بلبنان عن المشاركة بقمة الرؤساء العرب في ليبيا قبل عامين، وقبلها ساهم موقف امل وتحركها في خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وليبيا وصولا الى اغلاق السفارة الليبية في بيروت. ولكن الصمت اليوم لا يخرقه احد
لا من قبل الحكومة ولا اي مسؤول شيعي في الحكومة او البرلمان.
هذا الصمت يترافق مع معلومات تؤكدها جهات في المجلس الانتقالي الليبي مفادها ان نظام القذافي يتلقى مساعدات عسكرية ايرانية، وهي عبارة عن خبراء عسكريين وذخائر ومعدات، ومساعدات أخرى سورية تصل اليه عبر الجزائر. هذه العلاقات ليست جديدة بين ايران وليبيا وسورية: فهل الجديد اليوم ان هناك ثمنا دفع لسكوت القيادات الشيعية في لبنان عن المطالبة بالامام الصدر وعدم رفع دعوى على القذافي في محكمة الجنايات الدولية؟
الا يطرح تساؤل لماذا يلوذ بالصمت نجل الشيخ يعقوب، النائب السابق حسن يعقوب، في قضية كانت عنوانا اساسيا في اهتماماته السياسية الى ما قبل 3 اشهر؟ كذلك الاجماع الشيعي الرسمي على الصمت والتراجع الغريب والفاضح عن المطالبة والمتابعة في هذا الشأن، ألا يعني اما تغييرا في الموقف من القذافي وتبرئته من الاتهامات في جريمة الاختطاف، او ان ثمنا دفع مقابل هذا الصمت؟ …فما هو؟
يفضح هذا المشهد القدر الذي تعرضت له قضية الامام الصدر للاستغلال السياسي، وفي حالتي المبالغة الخطابية في العداء مع ليبيا، كما درجت العادة في المناسبة السنوية خلال السنوات الماضية، او الصمت غير المفهوم في اللحظة التي يمكن احداث تقدم جدي على صعيد كشف ملابسات هذه الجريمة، خصوصا انه لا الرئيس بري ولا السيد نصرالله كانا في مواقفهما المعلنة يريان في نظام القذافي شيئا ايجابيا او يستحق الذكر بل كان دائما نظاما مجرما في اقل التهم وابسطها.
بعدما غيّب، من يغيّب قضيته اليوم؟ وهل هناك من باع الإمام الصّدر؟ وما هي السلعة التالية؟

السابق
إيرانيان سلبا مصريًا على طريق النبطية
التالي
حزب الله” علّق على بيان “امانة 14 آذار”: لا تكتفي بفبركة الأكاذيب