رمضان 2: شهر الخير… الذي يسرقه التجّار

 يكاد أن يكفر المواطن في منطقة النبطية من شدة استفحال الغلاء الذي يرافق الشهر الفضيل، الذي يهل مقيداً بجلباب الاوضاع الاقتصادية السرطانية التي تٌميت المواطن. كفر يتجاوز محدودي الدخل، فكيف بمن لا دخل له، ويعتمد على يوميته، بل تجد المواطن يرتطم بأمواج الغلاء الفاحش الذي يرافق شهر رمضان المبارك.

غلاء يقض مضاجعه ويضعه في مأزقٍ كبير: كيف سيسد رمق شهر قيل إنه كريم وإذ بمعاير الصورة تنقلب، فرمضان الذي كان قبل عشر سنوات يحمل البهجة والسرور إلى قلب المؤمن ها هو يحمل الغصة: "لأننا نخاف،  فهذا الشهر يتطلب الكثير، فيما الإمكانيات ضئيلة، وزادها بلة لهيب الأسعار الذي أشعل جيوبنا، في ظل غياب أي رقابة على الاسعار"، تقول زينب.

غياب يترافق مع جملة أسئلة، من بينها: لماذا يقال رمضان كريم، فيما تنقلب هذه الآية عند التجار وتحول الكرم الى شح؟ بل كيف ولماذا ترفع الاسعار في هذا الشهر بالذات؟ ألأن الناس تتهافت على التموين؟ أو لأنه مصدر ربح كبير للتجار الذين يتظللون بشعار"رمضان كريم".

بحسب توصيف المواطن هيثم حطاب للواقع: "هو كفر الاسعار، نعم الأسعار كفرت في شهر الإيمان، فكيف سيتمكن ذوو الدخل المحدود من شراء حاجيات الشهر الفضيل"، ويتابع: "لو اقتصر الغلاء على الكماليات لما رفعنا الصوت،  ولكن أي سر هذا الذي يحوِل سعر باقة البقدونس من 250 الى 500 ليرة، والخسة من 750 الى 1500 ليرة؟

ولا تتوقف اللائحة عند الخضر بل يقف يوسف مذهولا أمام هول أسعار المواد التموينية، التي أسكتت كلماته وتنادي التساؤل الى الحضور: "هل يعقل غالون الجلاب الذي كنا نشتريه بـ7500 ليرة اضحى اليوم بـ9500 واكثر؟"، ويضيف: "كل شيء ارتفع سعره بين ليلة وضحاها: غالون الزيت الذي اشتريته قبل اسبوع بـ26500 بات اليوم بـ31000 الف ليرة". وهنا يسأل موسى: "كيف ترتفع الاسعار هكذا دون حسيب ولا رقيب؟". ويكمل: "الى ذلك يطرح دخول شهر رمضان خوفا مدموجا بدعاء يتمسك به المواطن، وهو ان يلهم الحكومة بالسيطرة على الاسعار، ويضع حد لتلكؤها: لسعتنا الأسعار. ما اتقاضاه لا يكفيني مونة الشهر الفضيل، وهل تكفي الـ400 الف لشهر رمضان؟ في اي مجتمع نحن نعيش؟ يريد التجار ان يجمعوا ثروة على حسابنا، ونحن من يحمينا؟"، يقول علي شعلان، هو الذي سؤاله يرسم الكثير من علامات الاستفهام، ويتابع: "الى متى سيبقى المواطن يثكل من فحش الاسعار، بدل من أن ينعم بإستقرارها؟".

تلك الصرخات لم تطفئ نور الشهر الفضيل،  الذي يجسد معنى الانسانية والتسامح، واعادة اللحمة بين العائلات، ولم تحل دون إحياء عادات وتقاليد لم تفارق حلول هذا الشهر الفضيل من المسحراتي والقطايف والجلاب، الثالوث الذي مازال حاضرا بقوة في هذا الشهر. شعر تعتبره سهى "من اجمل الشهور لانه يجمع العائلة على مائدة الرحمان، ويعيد الالفة التي أطفاتها إنشغالات الحياة".

في المقابل يتحضر ابراهم لتجسيد المسحراتي الذي يجول في الازقة: "وشخصية المسحراتي ورثتها عن جدي، ولن اتخلى عنها لانها تمجد قيمة الشهر، فكثر ينتظرون مروري لاوقظهم وقت السحور". أما أبو ماجد فهو يواظب على صناعة القطايف منذ زمن طويل، إذ لا معنى لشهر رمضان من دونها، فهي حلوى الغني والفقير على السواء، وغالبا ما يتخذها الصائم حلواه بعد الافطار، فيما تكلل الايام الرمضانية بالسهرات القرانية التي تقام في محافل عدة، الى جانب السهرات الرمضانية التي تبسط حضورها بشكل كبير في مدينة النبطية، التي لبست حلة الشهر الفضيل وإن بشكل خجول على عكس ما كانت ترتديه فيما مضى.

 

السابق
في اليوم الخامس للإعتداءات على المدنيين.. أهالي العديسة وربثلاثين يهدّدون بقطع الطريق إحتجاجات على “حزب الله”
التالي
لبنان تقدم بشكوى ضد اسرائيل لاجتياز دورية مجرى الوزاني