حناجر وأنامل و”بخاخ”…سيسقط النظام!

 لم يكن سلاح مجموعة من الفتيان السوريين في درعا الذين أطلقوا شرارة الاحتجاجات في سورية, بنادق أو رشاشات, بل "بخاخ" يطلقون منه رصاص كلماتهم على الجدران تعبيرا عن رفضهم للنظام.يتسلل "الرجل البخاخ" في ظلمات الليل لكتابة شعارات مناهضة للنظام خوفا من أن يقع في قبضة الأمن, وهو أصبح صداعا يؤرق ما يصفه الثوار ب¯ "الشبيحة" ورجال الأمن في كل شبر من أرجاء سورية.
ولعل أشهر "رجل بخاخ" حير السلطات السورية هو محمد راتب النمر الحمصي, الذي شيعت جنازته الثلاثاء الماضي ومعه عشرة شباب بعضهم من أصدقائه.
وتتكرر حكاية "الرجل البخاخ" في العديد من المدن السورية, ففي دمشق, اختفى "البخاخ" أحمد الخانيجي خريج كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية, في ظروف غامضة من منطقة "باب شرقي" بتاريخ الثامن من الشهر الجاري بعد أن شوهد مطارداً من أفراد من "الشبيحة" الذين كانوا يحملون السكاكين.بحسب تقرير بثته قناة "العربية"اول من امس.
بعد "بخاخ" أطفال درعا قامت أجهزة أمن العصابة الحاكمة في دمشق بإصدار قانون يمنع بيع "البخاخ اللوني" إلا بإعطاء صورة عن هوية المشتري للبائع, ويل لبائع الدهانات إذا باع بخاخا دون هوية.
حناجر تصدح بهتافاتها وأغانيها للحرية, وانامل تكتب على الجدران وعلى القماش أيضا للحرية, هذه الحناجر والانامل هي سلاح انتفاضة شبابنا السوري, الذي يسجل ملحمة, سيتذكرها التاريخ بأنها ابشع تواطؤ دولي عاشته البشرية على شعب يذبح في القرن الحادي والعشرين, وعلى مرأى من العالم, حمص تعيش على وقع المجازر والرصاص يخترق كل شيء أمامه أطفالاً ونساء, شيباً وشياباً, ودباباتهم تدك جدران المنازل, دبابات تواجه "الرجل البخاخ" محمد راتب النمر الحمصي, حمص كانت المحطة التي حاولت فيها العصابة الحاكمة أن تختبر مخزونها التطييفي, فاوعزت لزعران الاحياء التي تقطنها غالبية علوية لكي تعتدي على الاحياء الأخرى من المدينة, لكي تستبيح كل شيء, معتقدة أن الزمن لايزال زمن حماة عام 1982 ومجزرة الأب فيها, حمص الاربعاء نفسه تدفع أكثر من خمسين شهيدا على الأقل المعروفة أسماؤهم, أعتقد أن ما حصل ويحصل في حمص أسقط آخر ورقة توت عن وجهة نظر دعاة الحوار مع القاتل, وحمص أوضحت أن العصابة الحاكمة تمارس كل ما من شأنه أن يبقيها في الحكم, وهذا كلام لم يسقط بالتحليل وتداعي المعارضة السورية, لمؤتمرات انقاذ على أرض تركيا, تركيا التي ابدا ليست محايدة في الصراع, والدليل حلب, حلب التي ينتظرها السوريون, الحناجر باحساسها العفوي والعملي لم تعد تذكر اسم تركيا, ولم تعد ترى العلم التركي, والمعارضة لاتزال تصر على تركيا, قلت لأحد الأصدقاء العزيزين في حزب الاتحاد الديمقراطي في سورية( أي فرع حزب العمال الكردستاني التركي في سورية بزعامة عبدالله أوجلان) أن النقطة الوحيدة التي يلتقي فيها الحزب مع الحكومة التركية هي دعم استمرار نظام العصابة الأسدية فحزب الاتحاد الذي يقول أنه أكثر حزب كردي سوري جماهيرية, لم يخرج في تظاهرة واحدة, ولنلاحظ أن أماكن قوته في عفرين وأحياء حلب الكردية, لم تخرج مظاهرة واحدة تعبر عن موقف مغاير لهذا الحزب, لماذا ذكرت هذا الأمر في هذا السياق? لكي أقول أن هذه الحناجر والانامل لا تواجه العصابة وحسب بل تواجه جهات متعددة, وليس إسرائيل آخرها بالطبع, ولا التواطؤ الدولي المريب, بل تواجه أصدقاء من المفترض أن يكونوا!
كل هذا الذي نكتبه يعرفه شبابنا قبل أن نكتبه, وشبابنا لم يعودوا بحاجة إلى من يثقفهم, بل بحاجة لمن يساعدهم في فضح هذا الذي يجري رغم أن سلاحهم حناجر وانامل, ومع ذلك…ستسقط هذه العصابة. 

السابق
قانون تجريم المقاطعة: إسـرائيل تفقد صوابها
التالي
«ثورة الأرز» .. افتضح زيفها فانهارت؟