ماذا فعلت الحكومة الجديدة ؟

في الجلسة الثانية للحكومة الجديدة، والأولى في السرايا الحكومية وبرئاسة رئيسها نجيب ميقاتي، اكتملت حكومة "كلنا للوطن كلنا للعمل"، بصدور مرسوم تعيين مروان خير الدين وزيراً للدولة خلفاً للمستقيل طلال إرسلان، وبالإجماع وافقت على تعيين مديرين عامين للأمن العام والدفاع المدني، واطّلعت على زيارة رئيسها للجنوب، وقررت الاعتراف بدولة جنوب السودان
بكل بساطة، شرّعت طريقة كانت تعتمدها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وكانت تعترض عليها المعارضة السابقة، وهي الموافقة على صرف اعتمادات على أساس مشاريع موازنات لم يصدّق عليها مجلس النواب.
ففي منتصف جلسة أمس، وصلت المناقشات إلى بند على جدول الأعمال، هو طلب المديرية العامة لأمن الدولة الموافقة على اعتماد بقيمة 750 مليون ليرة على أساس مشروع موازنة الـ 2011. فاعترض الوزير شربل نحاس لأن مشروع الموازنة ما زال قيد الدرس في اللجان النيابية، وبالتالي لم يصدّق عليه البرلمان. ومع ذلك، تمت الموافقة على هذا البند، واستكملت مناقشة باقي البنود، لكن في نهاية الجلسة، طلب باسيل الكلام وسجل اعتراضه على البند المذكور، ثم انضم إليه الوزير نقولا الصحناوي، فعلّق رئيس الحكومة ورئيس الجلسة نجيب ميقاتي: "هذا البند انتهينا منه وانتهت الجلسة"، إلا أن اعتراض الوزيرين سجّل في محضر الجلسة.
وإذ لفتت مصادر في الأكثرية الجديدة إلى أن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء غداً، يتضمن 4 بنود مماثلة لأربع إدارات مختلفة، انتقدت الموافقة على اعتمادات على أساس موازنة لم يصدّق عليها مجلس النواب، ورأت أن الحكومة الحالية بموافقتها على الاعتماد للأمن العام والاعتمادات الأربعة غداً، تكون قد "استرشدت بتجربة فؤاد السنيورة في إنفاق المال العام، بل أعطتها الشرعية، وبالتالي فتحت الباب واسعاً أمام تكرار المخالفات المالية التي كان يتم إطلاق النار عليها سابقاً".
البند الثاني الذي أثار نقاشاً استمر حوالى ساعة أمس كان تقريراً من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عن حاجة المديرية لتطويع عناصر جديدة "لتحقيق التوازن الطائفي في العديد لتأمين المشاركة الوطنية الكاملة"، والذي تضمن بياناً عددياً بالعناصر الموجود بحسب كل الطوائف والمذاهب، أظهر رجحان كفة المسلمين. وقد دار النقاش بين وزراء رأوا أن من "المعيب طرح تقرير بلغة طائفية ومذهبية في مجلس الوزراء"، وآخرين رأوا أن "المناصفة ضرورية لضمان حسن سير عمل القوى الأمنية". وفي النهاية، تقرر الالتفاف على الموضوع بتغييب الطائفية والمذهبية لغوياً واعتمادها مضموناً، أي بالموافقة على تعزيز عديد قوى الأمن من دون ذكر السبب، والعمل فعلياً على تعزيز عدد المسيحيين.
في ما عدا ذلك، سارت كل الأمور كما كان متوقعاً، في الجلسة التي حضرها مروان خير الدين بعد صدور مرسوم تعيينه بديلاً للمستقيل طلال إرسلان، وغاب عنها الوزير غازي العريضي الذي سافر أمس إلى موسكو مع النائب وليد جنبلاط. فحتى الموضوع الذي كان نجم المواقف والسجالات في الفترة الأخيرة، مر بالإجماع، وبات المساعد الأول لمدير استخبارات الجيش العميد عباس إبراهيم مديراً عاماً للأمن العام برتبة لواء، ومن كان يشغل المنصب الأخير بالوكالة أي العميد ريمون خطار أصبح مديراً عاماً للدفاع المدني. وإلى الاعتراف بدولة جنوب السودان، اتخذ مجلس الوزراء سلسلة مقررات تربوية وتنموية وقبول هبات.
وكان ميقاتي قد استهل الجلسة بإطلاع الوزراء على انطباعاته من زيارته للجنوب، ثم شدد على ضرورة إعطاء الأولوية لحاجات المواطنين وتلبية مطالبهم ضمن الإمكانات المتوافرة "وطالما كنا إلى جانب المواطن فهو سيكون الى جانبنا"، داعياً إلى تفعيل مكاتب المراجعات في الوزارات. وتحدث بعد ذلك "عن مؤشرات إيجابية تدفعنا إلى الارتياح"، ذاكراً منها تزايد حركة وصول السياح والمغتربين، ونجاح الاكتتاب بسندات الخزينة وعودة التوازن إلى السوق المالي تدريجاً "وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن الحكومة توحي بالثقة وأن كل ما قيل عن تأثيرات اقتصادية سلبية على تأليف الحكومة لم يكن سوى كلام سياسي لا أساس علميا له لأن الارقام جاءت لتضع النقاط على الحروف".
وختم بالدعوة إلى "عدم اعتبار التعيينات التي حصلت او تلك التي ستحصل انتصاراً لفريق او هزيمة لفريق آخر، لأنها أولاً ليست كذلك، ولأنها ثانياً يجب ان تصب في مصلحة لبنان".
وسبق الجلسة اجتماع بين ميقاتي والوافد الجديد إلى الحكومة أي الوزير خير الدين، ثم اجتماع آخر مع وزير العدل شكيب قرطباوي. ويلفت في الاجتماع الثاني أنه يأتي بعد قول رئيس الحكومة، خلال استقباله مجلس نقابة المحررين أمس، إن ملف شهود الزور ما زال مفتوحاً "وهناك رأي لمعالي وزير العدل نحن مستعدون للنظر فيه في مجلس الوزراء". وذلك في أول رد غير مباشر على ما حاولت المعارضة تسجيله على الحكومة الجديدة، عبر التساؤلات اليومية: أين ملف شهود الزور الذي أسقطوا الحكومة بسببه؟
وكرر ميقاتي أمام مجلس النقابة احترام لبنان والتزامه بقرار المحكمة الدولية "وما نسعى اليه هو بناء علاقة ثقة بين كل الاطراف من دون تنازل عن دور الدولة وسلطتها". كذلك جدد الالتزام بالقرار 1701، مطالباً بالتزام مماثل من الدول الداعمة لهذا القرار "عبر العمل للتوصل الى وقف دائم لاطلاق النار واستمرار دعم الجيش اللبناني". وأكد أن التعيينات الإدارية مستمرة "بأسلوب هادئ وبعيداً عن الضجيج والتجاذب، وليست هناك سلة كاملة للتعيينات بل تجزئة للقطاعات حتى لا نقع تحت الضغط"، مؤكداً ان الحكومة ليست في وارد اتباع الكيدية او المحسوبية، فالموظف المنتج والمناسب سيكون في المكان المناسب". وقال إن فرع المعلومات "قام بمهمات كثيرة في مصلحة لبنان ولا يجوز إدخاله في زواريب المذهبية والطائفية، ونحن نسعى إلى تحويل هذا الفرع إلى شعبة فاعلة". وشدد على أن النظام المصرفي "سليم مئة في المئة"، معلناً أنه لن يقوم بأي جولة عربية قبل استكمال العديد من الملفات المحلية الأساسية. ووصف العلاقة مع كل الدول العربية وكذلك مع الدول الأجنبية الصديقة بأنها ممتازة "والصورة التي أشيعت في السابق من قبل البعض باتت أكثر وضوحاً".

السابق
كلمة للأمين العام لحزب الله اليوم في حفل التخريج المركزي الثاني لمؤسسة الشهيد
التالي
العطية : لبنان دولة مستقرة ونشجع المصطافين والسياح على زيارته