ماذا لو أحرج بلمار حزب الله؟

في أوساط القاعدة كما في أوساط القادة موحّدة هي القناعة في حزب الله بأنّ من شرب بحر عدوان تمّوز لن يغصّ بساقية القرار الظنّي.

وموحّدة هي القناعة أيضا بأنّ الآتي وعلى عكس ما يتوقّع الخصوم وبعض الحلفاء لن يكون أعظم.

ففي ضاحية بيروت الجنوبية، حيث معقل الحزب هدوء الأعصاب هو السمة المشتركة بين مختلف الشرائح، خصوصا وأنّ ملفّ مقارعة المحكمة الدولية بات بين الأيدي الأمينة للأمين العام، وخصوصا أيضا أنّ تلميحات المقرّبين توحي بأنّ في جعبة السيّد كمّية من المفاجآت في الشكل وفي المضمون، ما بمقدوره أن يواصل خلخلة الأسس التي ارتكزت عليها لجنة التحقيق في عملها ليحوّل تاليا بنيان المحكمة إلى كيان هشّ لا يحتاج إلى أكثر من "نفخة سياسيّة" كي يطير، وإذا كان وجود مكتب للّجنة على أطراف الضاحية قد بقي حتى الأمس القريب سرّا غير معلن، فإنّ ما كان يدور في داخل هذا المكتب من ترغيب وترهيب مبطّنين لبعض المحقَّق معهم هو الأمر الأهمّ بحسب المقرّبين أنفسهم، وهو الأمر الذي إذا ما جاءت ساعة الصفر وأعلِن عنه قد لا يترك لقوى الرابع عشر من آذار "خرم شبك" تنقذ فيه المحكمة من فخّ اتّهامها بالتسييس.

وبانتظار هذه الساعة التي يتمنّى الحزب أن لا يحين وقتها يطرح نوّابه على بساط البحث سؤالا واحدا: كيف يمكن للمحكمة أن توجّه الاتّهام لأربعة أشخاص لم تطلب لجنة التحقيق حتى الاستماع إلى إفاداتهم؟ فبحسب المؤكّد والموثق أنّ الطلبات التي قدّمها المحقّقون الدوليّون للحزب تضمّنت طلب الاستماع إلى إفادات عشرات الرجال والنساء، وأنّ قسما من هذه الطلبات تمّت تلبيته، وقسما آخر لم يلبَّ، لكنّ أسماء مصطفى بدر الدين، أسد صبرا، حسن عنيسي، سليم عياش، لم ترِد في كلا القسمين، وذلك على عكس اسم المسؤول العسكري عماد مغنيّة مثلا، الذي كان مكان إقامته وطبيعة تحرّكاته ودوره في الحزب مثار استفسار دائم من قبل اللجنة، مباشرة حينا، ومداورة أحيانا أخرى، عِلما أنّ المقرّبين أنفسهم، وهم من المتابعين للحراك الداخلي في صفوف الحزب لا يستبعدون أن يكون الاهتمام، أو بالأحرى الاتّهام المفاجئ للأسماء الأربعة الذي بدأته صحيفة الدير شبيغل قبل نحو عامين نابعا من اعتقاد أجهزة الاستخبارات الغربيّة، والتي يؤمن الحزب بأنّها توجّه عمل المحكمة، بأنّ واحدا من هذه الأسماء الأربعة ،وتحديدا مصطفى بدر الدين، قد تقدّم لملء الفراغ في الموقع الأمني الأوّل الذي شغر بعد اغتيال مغنيّة، أي إنّ المطلوب لم يكن يوما رأس من قتل الرئيس رفيق الحريري، بل رأس عماد مغنيّة، ولاحقا رأس من خلفه.

على العموم، فإنّ حزب الله الذي أقفل إلى غير رجعة ملفّ التعاون مع المحكمة يؤكّد بأنّه ليس في وارد تقديم ما لديه من مستندات إلى هيئة قانونيّة لم يعد يعترف بشرعيّتها، لكنه في الوقت عينه يسأل لماذا لا يعمد بلمار، وفيما لو كان جدّيا في عمله، إلى اعتبار ما عرضه السيّد حسن نصر الله من وثائق إخبارا يتحرّك على أساسه.

ربّما أنّ فعل يُحرج الحزب فيخرجه، والخروج من دائرة الشبهة لن يكون أمرا مزعجا.

السابق
سعد يحكي نفسه !!!
التالي
دير شبيغل: حزب الله يعاني شحاً مالياً وقرر مع إيران الدخول في تجارة المخدرات