هل تتحوّل حماه الى بنغازي سوريا ؟

أكّدت دوائر أميركية ان توجّه السفير الاميركي في سوريا روبرت فورد الى مدينة حماه والمبيت فيها، يحمل رسائل الى النظام بأن أي اقتحام دموي لهذه المدينة "الثائرة" قد يدخل المواجهة في منعطف جديد وخطير، ربما يدفع واشنطن الى اتخاذ سياسات اكثر تشدّدا وحَزما. وأضافت الدوائر الاميركية أن اتصالات أجراها فورد مع فعاليات في المدينة، تهدف الى تبيان حقيقة ما يجري من خلال استطلاع مباشر لحراك يوم الجمعة، مشيرة الى أن تحركات السفير الاميركي تجري تحت نظر السلطات السورية، وهو أبلغ اليها نيّته زياره المدينة وفق الأصول…

التحرّك الأميركي الميداني في حماه تزامنَ مع إعلان رسمي من البنتاغون، يفيد أن مفاوضات تتمّ مع السلطات العراقية، لتمديد وجود القوات الاميركية في العراق، مشكّلا بذلك أوّل إعلان رسمي أميركي يشير الى إمكانية عدم التزام موعد الانسحاب المرتقب نهاية العام الجاري.

ويأتي هذا الإعلان ايضا مترافقا مع زيارة "حميمية" للعراق قام بها نائب الرئيس الايراني محمد رضا رحيمي، أسفرَت عن توقيع مجموعة من الاتفاقات، وتوّجَت بلقاء المرجعية الدينية آية الله السيّد علي السيستاني الذي يعتبر موقفه "مفصليّا" لمستقبل الوجود العسكري الاميركي، وبالتالي النفوذ السياسي في العراق…

وعلى صعيد "أم الدنيا" ومفتاح الثورات العربية، مصر، لفتَ موقف اميركي يكشف عن مباشرة عملية تفاوض بين واشنطن وتنظيم "الأخوان المسلمين" الذي سارع الى العودة بجماهيره الى ساحة التحرير، لتتمظهر أكثر فأكثر ملامح الثورة المضادة، والهادفة الى تقليص نفوذ الجيش، وهو ما يفيد طبعا، وفي شكل اساسي، تنظيم "الأخوان" أكبر الاحزاب على السّاح المصرية وأكثرها تنظيما عَشيّة الانتخابات الرئاسية المرتقبة.

وهنا، كشفت دوائر اميركية ان واشنطن تنظر الى مجمل التطورات في الشرق الأوسط، وتتلمس طريقة انعكاس المتغيرات على النفوذ الايراني، وهي بالتالي ستعيد رسم سياساتها اعتبارا من هذا المعطى. واعتبرت الدوائر الأميركية أن أي تمدّد إضافي لإيران يهدّد مصالحها ومصالح حلفائها، وبالتالي ستواكب ثورات المنطقة عن كثب وبدينامية مرتفعة الوتيرة. ولم تخف الدوائر الاميركية قلقها إزاء تعقيدات الوضع في سوريا، وامكانية تغلغل ايران في السّاح المصرية، من خلال مجموعة سياسات وإغراءات متنوعة، الأمر الذي يفسّر الأسباب التي دفعت بعض دول الخليج الى الإعلان عن حزمة مساعدات مالية كبيرة. واعتبرت الدوائر الاميركية ان مصر في حاجة الى أشهر، إن لم يَكن سنوات، لاستعادة توازنها، وبناء حياة سياسية مرتكزة على الأسس الديمقراطية…

وبناء على ما سبق، ستبقي واشنطن متابعاتها اللصيقة للتطورات بالتنسيق مع حلفائها. واستوقف الدوائر الأميركية فشل المساعي الاسرائيلية – التركية لإعادة العلاقات الدبلوماسية وإزالة التشنّج الناتج عن الاقتحام الاسرائيلي الدامي لسفينة مرمرة التركية قبل نحو عام، كما تمّ تسجيل انحسار التصاريح التركية إزاء الأزمة السورية، وتضييق على اللاجئين داخل الحدود التركية في مسعى لدفعهم الى العودة وسحب أيّ ذرائع لاشتباك تركي – سوري. وتأتي خطوات التهدئة التركية تلك، بعد وصول التوتر والاحتقان الى حافّة الانفجار والمواجهة الاقليمية الشاملة!

ومع تراجع كافة الأفرقاء خطوات لتجنّب هذه المواجهة المدمرة، تبدو حماه اليوم مسرحا لهذه المنازلة. فهل تنجح السلطات السورية في قضم ثورة حماه بالتدرّج، لتقضي بذلك على أبرز معالم الثورة ضدها؟ أم ان التحرّك الاميركي والفرنسي داخل المدينة "المنتفضة" رَسمَ ما يشبه الخطوط الحمر، تمهيدا لتحويل ثالث اكبر المدن السورية الى بنغازي سياسية؟

السابق
هل صيدا مدينة سياحية أم لا !؟
التالي
افتتاح معرض الجنوب التجاري في صيدا