لبنان متغير بين ثابتين؟

الهدوء في ساحة النجمة خادع. فلا ما فرض المناخ الهادئ في جلسات المناقشة النيابية للبيان الوزاري هو ما ندعيه من صحة ديمقراطية لنظام عليل. ولا النقاش، سواء كان حاداً أو هادئاً، يقدم أو يؤخر في القدر المرسوم للحكومة في مسار البلد. والمسألة ليست تحت أي سقف يدور النقاش بل فوق أي أرض يدور ومن أين يُدار ولأجل ماذا. ونحن على أرض انقسام عميق يتطلع فيه كل طرف الى المرآة متصوراً أنه مركز الكون. والمعركة تتركز على محور واحد أو موضوع واحد يبدو من جهة كأنه الشجرة التي تحجب الغابة، ومن جهة أخرى كأنه الغابة التي يُراد لها أن تحجب الشجرة.

ذلك أن الحكومة ليست مجرد بيانها الوزاري. والمعارضة ليست مجرد مداخلاتها النيابية. فلا معارضة جذرية إن لم تكن الحكومة جذرية. وهما يتصرفان على أساس أن كلاً منهما ذاهب الى النهاية في اتجاه محدد. ومن هنا بدء الحرب بالأسلحة الثقيلة في معركة القرار الاتهامي الصادر عن المدعي العام في المحكمة الدولية. وهي معركة وصلت الى حدها الأقصى بين مَن يراهن على المحكمة ومَن يرفض وجودها، من دون أن يكون ملف القرار في الأيدي لقراءة ما فيه من أدلة ومعرفة مدى كونها هشّة أو دامغة حتى العدالة والاستقرار، وهما وجهان لعملة واحدة باعتراف الجميع، فإن معانيهما ليست واحدة بالنسبة الى الجميع.

والقلة توقفت أمام السؤال التقليدي: ما الذي تفعله الحكومة مع المجتمع الدولي؟ والكل يتصرف كأن الحكومة نسخة عصرية من قصة دكتور جيكل ومستر هايد. الكلام الناعم للدكتور جيكل. والفعل الخشن للمستر هايد. وليس من المعارضة مَن يأخذ بالكلام الناعم لأنه رأى الفعل الخشن سلفاً، وهو يعرف مَن الذي يقرر. وليس في الحكومة مَن يأخذ بمشاعر المعارضة. وليس في الحكومة والمعارضة مَن يشرح للناس لماذا على لبنان أن يكون بلداً موقتاً بين قوى دائمة أو أن يكون متغيراً بين ثابتين هما المحكمة وسلاح حزب الله.

ومتى؟ حين تتغير المنطقة للتخلص من الأنظمة الشمولية السلطوية واستعادة الشعوب لصوتها وكرامتها وحريتها والبدء مما كان عليه لبنان في الماضي. وقمة المفارقات أن نكرر الخطاب القائل: لا أحد أكبر من لبنان، ونحن نرى التركيبة السياسية تتصرف كأن لبنان أصغر من كثيرين سواء كانوا أصحاب وظيفة داخلية أو أصحاب دور خارجي.

السابق
حمادة: أرسلان قاطع الجلسات ولم يمنح الثقة اعتراضا على المراوغـة
التالي
المركزية: زيارات اميركية واوروبية لبيروت استطلاعاً للواقع المستجد