الحياة: جنبلاط يستغرب توقيت القرار الاتهامي ويشدد على تلازم الاستقرار والعدالة

علّق رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط على صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري، مشدداً على «تلازم الاستقرار والعدالة»، وداعياً «في هذه اللحظة السياسية الحساسة، كل القوى السياسية للترفع عن الصغائر والنظر الى الأمور بمنظار المسؤولية الوطنية والابتعاد من كل ما من شأنه ان يفاقم الاحتقان»، كما دعا الى «ترك الأمور تسير بهدوء، والحكومة تقوم بواجباتها، والقضاء يقوم بواجباته، والقوى السياسية تقوم بواجباتها، والمؤسسات الأمنية تقوم بواجباتها لتفادي الوقوع في المحظور».

وأكد جنبلاط في مؤتمر صحافي عقده في كليمنصو امس «أهمية الحوار والابتعاد من كل ما من شأنه أن يفاقم الاحتدام السياسي». وقال: «أما وقد صدر القرار الاتهامي في توقيت سياسي كما كان منتظراً، بعد أيام من تأليف الحكومة الجديدة التي راهن كثيرون على عدم تشكيلها وأثناء مناقشتها لبيانها الوزاري، وقبل مثولها أمام المجلس النيابي. أما وقد انسجم مضمون هذا القرار مع ما كان قد سرب مراراً وتكراراً في وسائل إعلام عربية وأجنبية عدة، دير شبيغل، لوفيغارو وCNBC وغيرها، أيضاً كما كان متوقعاً، فلا شك اننا أمام مرحلة جديدة تتطلب التحلي بالمسؤولية والوعي والعقلانية والهدوء».

وأضاف: «في الشكل، ومع تزامن مريب حصل لحظة تسليم القرار الاتهامي الى القضاء اللبناني وتسريب الأسماء المعنية الى وسائل الإعلام، فإن البيان الوزاري للحكومة، كما تصريحات رئيسها كانت واضحة لناحية الالتزام بالتعاون مع المحكمة الدولية وهو معاكس تماماً لما روجته المعارضة في كل المرحلة السابقة من ان الحكومة تريد وضع لبنان في مواجهة المجتمع الدولي. وبصرف النظر عن النواحي الشكلية هذه على أهميتها، يبقى الأساس هو التلازم الحتمي بين الاستقرار والعدالة، فبقدر أهمية العدالة لأنها الملاذ الوحيد لكل الشهداء والضحايا بقدر ما أن الاستقرار والسلم الأهلي هو العنوان الأسمى لأي مستقبل».

واستشهد جنبلاط بمقولة الرئيس رفيق الحريري: «لا احد أكبر من بلاده»، معتبراً ان هذه العبارة «معبرة جداً وصادقة». وتابع: «لقد كان الرئيس الشهيد ملتزماً بالعيش المشترك والسلم الأهلي والوحدة الوطنية وهو لم يميز يوماً بين اللبنانيين، وكان حريصاً كل الحرص على الاستقرار في لبنان، وأثبت ذلك في العديد من المحطات التي وقف فيها موقف رجال الدولة عندما كان في السلطة أو في المعارضة، مؤكداً انه من الذين يتخلون عن مصالحهم الفئوية الخاصة لحساب المصلحة العامة».

وقال: «اليوم نكرر ما قاله الرئيس الشهيد لا أحد أكبر من بلاده، وهذه القاعدة أكثر ما تنطبق على وضعنا الراهن في هذه المرحلة، ولو كان الرئيس الحريري موجوداً بيننا اليوم ومرت البلاد في حال مشابهة، لكان اتخذ موقفاً ينسجم مع هذه الرؤية ويجنب البلاد الفتنة». واعتبر ان «توجيه الاتهام لأفراد كما حصل، لا يمكن أن يوجّه الى جهة أو حزب أو طائفة، لأن ذلك سيكون بمثابة منزلق خطير يضرب ليس السلم الأهلي والوحدة الوطنية فحسب، بل يهدد كل أسس الوحدة الإسلامية من لبنان الى كل المنطقة».

وأكد جنبلاط أن «تحقيق العدالة بالنسبة الى رفيق الحريري ورفاقه الشهداء لا يكون بجر البلاد الى التوتر والانقسام ولا يكون بالسقوط في فخ لعبة الأمم التي كنا أول من حذر منها وأول من نبه الى رفض الكيدية والانتقام والثأر، بما يؤكد التلازم بين الاستقرار والعدالة».

وأكد أن «السلم الأهلي فوق كل اعتبار والانجرار الى التوتير والسجال الإعلامي يولد العنف الذي بدوره يجر الى العنف وهذا يدخل البلاد في دوامة من الصراعات لا تنتهي، ويدفع باتجاه مغامرات مستحيلة، كما أثبتت كل التجارب التي بات من الضروري التعلم منها»، مذكراً بأنه كان «أول من دعا الى اعتماد الحوار كسبيل وحيد لمعالجة كل المسائل الخلافية، وأعيد التأكيد اليوم على هذا المطلب، وهو الوحيد الكفيل بتجنيب البلاد مخاطر الانزلاق الى الاقتتال والفتنة والتوتر، آخذين في الاعتبار ما شهده لبنان والمنطقة العربية من متغيرات وتحولات كبرى تحتم علينا كلبنانيين الالتفات الى سبل توحيد رؤيتنا ورص صفوفنا في مواجهة كل الانعكاسات المحتملة على الساحة اللبنانية».

وسئل جنبلاط عما اذا كان متخوفاً من فتنة في لبنان خصوصاً ان هناك بعض الأصوات ولا سيما في تيار «المستقبل» تقول انه في حال لم يتم تسليم المتهمين فسيكون هناك توتر كبير بين السنّة والشيعة في لبنان، أجاب: «لم أسمع هذا الكلام، واذا كان صدر فهو كلام غير مسؤول، ففي النهاية نريد العدالة والاستقرار. والعدالة والاستقرار يجب ان يكونا عنوان المرحلة المقبلة، وكما قال الشهيد الراحل رفيق الحريري «ما من أحد أكبر من بلاده» علينا أن نكون بحجم التحدي، العدالة والاستقرار».

وعن تسريب القنوات الاسرائيلية اسماء المتهمين في وقت سابق لصدور القرار، رد جنبلاط: «سبق وذكرت ان قنوات عدة هي التي سربت هذا القرار الظني من «دير شبيغل» الى «لوفيغارو» وسابقاً الى بعض الصحف العربية وبعض التصريحات الإسرائيلية، لذلك علينا أن نكون جداً حذرين وأن نحكّم العقل وأن نسير في هدوء في موضوع تثبيت العدالة والاستقرار».

وعما اذا كان القرار الذي صدر قضائياً فعلاً أم انه مسيس، أجاب: «لا أستطيع أن أجيب».

وجدد دعوته الى أن «يكون التخاطب السياسي عقلانياً، فوق العاطفة وفوق التجييش، وفوق الذين يريدون من هنا أو هناك أن يجعلوا من لبنان ساحة تجاذب أو تصفية حسابات إقليمية ودولية حتى لا ندخل في لعبة الأمم كما سبق وذكرت».

وأضاف: «برأيي ليس هناك فتنة، ولماذا نضع دائماً هاجس الفتنة، وما أقوله ان الحوار ضروري وأساس. وأعتقد ان البيان الوزاري الذي سيصدر الأسبوع المقبل وسيناقش في مجلس النواب يتضمن دعوة الى الحوار، وليس هناك مهرب الا العودة للحوار، لأننا ما زلنا نستكمل بناء الدولة».

وعن المترتبات من المجتمع الدولي ومجلس الامن على لبنان في حال رفضت الحكومة تنفيذ القرار الظني، قال جنبلاط: «خلافاً لما كانت تتوقعه المعارضة والإشاعات والتسريبات، ولم يكونوا يريدون حتى أن تشكل الحكومة، ثم قالوا اننا سنعجز عن تشكيل الحكومة، وعندما برزت ملامح تشكيل الحكومة، فجأة تزامن هذا الأمر مع صدور القرار الظني، وهو أمر غريب، كما أذكر انه في العام الماضي وفي مثل هذا الوقت، كنا نقول بأن القرار الظني سيصدر في أيلول، وكنا آنذاك قد دخلنا في ما يسمى «س-س» وأتى آنذاك (خادم الحرمين الشريفين) الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس (السوري) بشار الأسد سوية الى لبنان، ثم قالوا ان القرار الظني تأجل الى تشرين، ثم تأجل الى غير تشرين، فالغريب انه عندما تشكلت هذه الحكومة صدر القرار الظني».

وأضاف: «لكن هذه الحكومة في بيانها الوزاري الذي سرب في الصحف وسيناقش في مجلس النواب، التزمت القرارات الدولية ولن تضع لبنان في مواجهة القرارات الدولية، كما أذكر انه ليس بالصدفة او قد تكون صدفة، انه على مشارف تشكيل الحكومة أو تشكل الأكثرية الجديدة، كانت هناك إشارة اقتصادية هي البنك اللبناني – الكندي، لكن حاكم مصرف لبنان وبالتعاون مع الدول الأجنبية استطاع ان ينقذ الاقتصاد اللبناني، إذاً هناك عوامل عدة أتت لمنع هذه الأكثرية الجديدة من تشكيل الحكومة الملتزمة بالقرارات الدولية».

وعن وجود لائحة اتهام ستطاول سوريين، قال: «لم أسمع أي شيء عن هذا الموضوع، واهتمامي هو في الشأن الداخلي اللبناني والوحدة الوطنية».

السابق
البناء: نصرالله يعلن موقف حزب الله اليوم وجنبلاط يؤكّد على العدالة والسلم الأهلي العدو يربط توقيت القرار الاتهامي بتأليف الحكومة والوضع في سورية
التالي
المدعى عليه، يوجّه التهمة الى نفسه!