بين عدالة آتية وفتنة مؤجَّلة…

"وأخيرا" عبارة تختصر ردات فعل مجموعة كبيرة من اللبنانيين تعقيبا على صدور القرار الاتهامي بعد طول انتظار. بين متحمّس لكشف الحقيقة ومتخوف من تداعياتها، يبدو أن للكادرات الشبابية في الأحزاب اللبنانية قراءة خاصة لهذا الملف الساخن.

"القوّات اللبنانية"

يعتبر رئيس مصلحة الطلاب في القوات اللبنانية شربل عيد أنّ "لبنان يعيش يوما تاريخيا بعد الاضطهاد الذي تعرّض له اللبنانيون والاغتيالات التي طاولت قياداتهم ولا سيّما منذ العام 2005"، مرحّبا بصدور القرار الظنّي: "لا شك في أنّنا مع كشف هويّة القتلة على أمل وضع حد لمسلسل الاغتيالات".

ويلفت عيد إلى أنّ مرحلة صدور القرار الظنّي لا تنفصل عن الإنجازات التي حققتها قوى 14 آذار، "لم نكن لنبلغ هذه المحطة الجديدة من الانتصار لولا المطالبة الملحة التي سجّلتها حشود 14 آذار". في الوقت عينه يعتبر عيد أن كشف الحقيقة وحده غير كاف، "البوح بالحقيقة غير شاف ما لم نتمكّن بموجب القضاء من إنزال أشد العقوبات بالقاتل ومحاكمته، حينها نطمئن إلى أنّ القرار لن يبقى مجرّد حبر على ورق".

ويحذّر عيد من محاولة التهرب أو التنكّر لدماء الشهداء: "أي تلكؤ قد تسجله الحكومة في تعاونها لتسليم المجرمين سيجعل منها حكومة القتل بامتياز، وقريبا تصبح معرّضة للمحاكمة، فالشعب اللبناني لن يرحم مَن ينكر الحق والحقيقة".

ويعرب عيد عن أسفه حيال اتهام أحد السياسيين جهات إسرائيلية أميركية بالوقوف وراء المحكمة: "على رغم أنّ العدالة تأخذ مجراها، يبدو أنّ البعض اسرائيليا أكثر من أي إسرائيلي آخر، ويلهو في سوق الاتهامات يمينا وشمالا…" "

"التقدّمي الاشتراكي"

من جهته، رفض الأمين العام لمنظمة التقدمي الاشتراكي ريان الأشقر، اعتبار ما صدر عن المحكمة الدولية مسيّسا أو حتى محقا مئة في المئة: "في المرحلة الراهنة، لا بد من مقارنة القرار الاتهامي بمجموعة من الأدلّة العلمية والعملية والقرائن للتأكد من مصداقيته وجديته قبل إعلان أي موقف". في الوقت عينه يشير إلى أنّ المنظمة ستطلق موقفا خاصا بها في غضون أيام ريثما تتوضح معالم المرحلة الراهنة.

"الكتائب اللبنانية"

من جهته، يعتبر رئيس مصلحة الطلاب في الكتائب اللبنانية باتريك ريشا "أنّ مسألة صدور القرار الاتهامي لها أبعاد كثيرة، فقد تبيّن وجود فريق لبناني يعمد إلى اغتيال شركاء له في الوطن". مستبعدا أنّ يكون "ما حدث صادر عن عناصر غير منضبطين أو عن وجود شباب متحمّسين في حزب الله". ويضيف: "في ما لو ثبتت الاتهامات وتم التأكد من الأسماء التي طاولتها مذكّرات التوقيف، سيتبيّن لنا أنّ القرارات كانت تصدر من أعلى المستويات ومن رأس الهرم في الحزب، وليس على نحو عفوي أو اعتباطي، بل عن سابق تصوّر وتصميم".

ولم يخفِ ريشا قلقَه من وجود مشروع مخطّط من قبل حزب الله كبناء الجمهورية الإسلامية أو السيطرة على لبنان: "لا شك في أن لكل حزب وجهة نظر ورؤية خاصة به تختلف عن نظرائه، ولكن لا بد من محاولة تقريب المسافات ووجهات النظر بين الفرقاء اللبنانيين".ويجد ريشا أن "الكتائب" بدورها معنية بصدور القرار الاتهامي: "إذا تبيّن وجود رابط بين اغتيال الشهيد رفيق الحريري وباقي الشهداء، ولا سيّما بيار الجميل وأنطوان غانم، يحق لنا الطلب من الحكومة اللبنانية رفع ملف الشهيدين بيار وأنطوان إلى المحكمة".

في هذا السياق، لم يخفِ ريشا تخوفه من ألّا تأخذ العدالة مجراها ولا سيما إذا لم يتعاون حزب الله في تسليم العناصر: "لا شك في أنّ مرحلة تطبيق القرار الاتهامي هي الأساس، فالعيون مشدودة لمعرفة هل سيحاسب القتلة أم سيتوافر لهم مخرج معيّن"، غير مستبعد في الوقت عينه أن تقوم خطوات تصعيدية تنديدية و"نزلات على الأرض" للمطالبة بالعدالة.

"حركة أمل"

من جهته، رفض رئيس دائرة الجامعيين في مكتب الشباب والرياضة المركزي لحركة "أمل" محمد مبارك التعليق، مكتفيا بالقول: "عندما يتم تعميم القرار نبني على الشيء مقتضاه".

"المستقبل"

"القرار كان متوقّعا صدوره في أي لحظة"، بنبرة حاسمة لا تخلو من الاطمئنان والغبطة، عبّر منسّق الإعلام في قطاع الشباب في تيار "المستقبل" عبد السلام موسى عن ارتياحه إلى صدور القرار الاتهامي قائلا: "ربما توقع بعضهم صدوره قبل هذه المرحلة، وقد يكون تأخر لأسباب تقنية. في كل الأحوال، لا بد من أن نستبشر خيرا من كشف الحقيقة، ونطالب الحكومة بتطبيق ما قاله الرئيس نجيب ميقاتي وخصوصا بعد الخلاف الدائر على بند المحكمة ومحاولات بعضهم في فريق الأكثرية الجديدة كحزب الله وأمل والتيار الوطني الحرّ التنصّل والتهرّب من التزامات لبنان حيال المحكمة الدولية".

في هذا السياق، يرفض موسى أي تشكيك في مصداقية القرارات الصادرة عن المحكمة: "لا نقبل أن يشكك أحد في قراراتها ونزاهتها، علما أنّ للمتهم حق الدفاع عن نفسه في ظل نظام المحكمة الدولية وخصوصا أننا نتعاطى مع اتهام من أعلى سلطة قضائية هي المحكمة الدولية".

أما عن مدى ثقته بإمكان محاسبة المجرمين، فيقول: "لا مفرّ من إحقاق العدالة التي يجب أن تأخذ مجراها، وما حصل هو البداية وليس النهاية". في هذا الإطار، يشدد موسى على رفض "أي كلام أو تهويل يربط صدور قرار اتهامي بحدوث فتنة في لبنان، لأن من يهوّل بالفتنة بطبيعة الحال هو من يعدّ لها"، مضيفا: "ليس الحديث عن الفتنة إلّا محاولة قديمة جديدة للهروب إلى الأمام وضرب مسيرة العدالة التي نؤكّد ونشدّد أنها الرادع الوحيد لحماية الحياة السياسية والديمقراطية في لبنان".

"الوطني الحرّ"

بعد مجموعة من المحاولات، تعذّر الاتصال بأحد القياديين الشباب في التيار الوطني الحرّ للوقوف على رأيه.

في وقت تبدو أنظار اللبنانيين مشدودة إلى مرحلة ما بعد القرار الاتهامي، تتفق مجموعة من الكادرات الشبابية في الأحزاب اللبنانية على أنّ الحكومة العتيدة في مواجهة أول إختبار لها، أما معيار النجاح أو الفشل فيبدو أشبه بوجهة نظر ترتبط بموقع كل طرف.

السابق
من يطلق النار في بنت جبيل؟
التالي
الضاحية الجنوبية: توجس من الاستهداف وتشديد على درء الفتنة