علي أو إيلي؟ الزواج المختلط بين الموضة والاقتناع

"بدأت أؤمن بالحب من النظرة الأولى بعدما تعرّفت إلى كريستين منذ 3 سنوات. في إحدى المرّات بينما دخلت متجر والدها الكائن في الشارع العريض في عين الرمّانة، لفتت انتباهي بوقفتها الممشوقة قرب الصندوق وهي تحاسب الزبائن. أصبحت أتعمّد مصادفتها في المحلّ ولو للحظات معدودة، إلى أن تمكّنت ذات يوم من التغلب على خجلي ومصارحتها…". بشيء لا يخلو من التأثر يتذكّر محمد كيف ناضل لسنوات قبل أن ينجح في الفوز بقلب حبيبته التي أصبحت في ما بعد زوجته. ويضيف: "صحيح أنّ لبنان يتغنّى بالانفتاح والعيش المشترك، إلّا أنّ الزواج المختلط لا يزال أقرب إلى الضوء الأحمر من الأخضر".

الحب أعمى…

قد تكون قصّة كريستين ومحمد فريدة في طبيعة المعاناة التي اختبراها، إلّا أنّها تعكس مشكلة الكثير من الشبّان والشابّات الذين يقفون في حيرة أمام الزواج المختلط. منهم من يستسلم لمقولة "الحب أعمى"، فيذهب قدُما في ارتباطه غير آبه بالفوارق الدينيّة، وآخرون يعتبرونه من الخطوط الحمر التي يجب عدم تجاوزها.

يتّفق كريستين ومحمد على أنّ الزواج المختلط لا يحتاج فقط إلى الحب بل إلى الجرأة والشجاعة، فتقول كريستين: "لا شكّ في أنّني سررت لحظة عبّر لي محمد عن إعجابه، لأنني كنت بدوري أترصّده كيف يختار أغراضه عن الرفوف، إلّا أنّني لم أفكّر لحظة أن يكون من دين آخر". وتضيف: "لا أنكر في البداية أنّ شيئا من الإحباط راودني، وفيما بعد عشت في صراع بشأن مواجهة أهلي، لذا لو لم أتمتّع بالشجاعة الكافية، لَما كنت وصلت إلى مرحلة الزفاف مع محمد".

"المجتمع يضخّم القضيّة"

من جهته، يعتبر إيلي "أنّ الحب أقوى من أيّ شيء"، فهو حين التقى بناهد شريكة حياته لم يستسلم للفوارق التي تبعده عنها: "يكفي أنّها من عائلة مهذّبة ومحبّة، في استطاعتها أن تكون أُمّا صالحة لأولادي"، مشيرا إلى أنّ المجتمع اللبناني "يحمّل القضيّة أكتر ما بتستاهل"، فيقول: "إذا تزوّجت من طائفة أخرى لا يعني أنّني تخلّيت عن ديانتي أو نكرت ربّي، فكلّ منّا يحبّ خالقه، ولكن قد يختلف في طريقة التعبير عن هذا الحبّ".

في هذا السياق تعتبر ناهد أنّ "معيار الزواج الناجح لا يكون محكوما باسم طائفة أو مذهب ما، بل في مستوى الاحترام المتبادل بين الشريكين".

في المقابل، تنطلق رنا من تجربتها "المرّة" في الزواج المختلط، "بعد 5 سنوات من زواجي بأحمد تطلّقنا، بسبب اختلاف العادات والتقاليد في ما بيننا والالتزامات العائلية. المؤسف في لبنان أنّ الفتاة لا ترتبط فقط بالرجل الذي اختارته، بل "بالسليلة والطايفة".

القانون… لا يتدخّل

من جهتها، توضح المحامية ميرنا دكّاش "أن لا مادّة في القانون اللبناني تشجّع الزواج المختلط او تمنعه"، مؤكّدة "غياب أيّ عقوبات تفرض على من يتزوّج من غير دينه، "فالقانون بقي على الحياد تاركاً القرار للدين".

في هذا السياق، تلفت دكّاش إلى وجود ثلاثة أنواع من الزواج المختلط: "زواج المصلحة وهو الأكثر انتشارا، لأسباب عدة منها الحصول على الجنسيّة أو الإقامة (في ما لو تمّ بين لبناني وأجنبيّة). الزواج الاضطراري وهو زواج الطلبة أثناء فترة الدّراسة لحالات وظروف معيّنة، وأخيرا الزواج عن اقتناع وحُبّ متبادَل".

موقف الأبناء

تختلف آراء الأبناء في الزواج المختلط، فتعتبر شذى (28 عاما) وهي من أمّ مارونيّة وأب شيعي "أنّ مثل هذا الزواج يشجّع الأولاد على الانفتاح وعدم الانطواء على ذواتهم"، وتضمّ هند (24 عاما) رأيها، قائلة: "والدي من الطائفة السنّية، في حين والدتي كاثوليكيّة، وهذا ما يدفعني على الدوام إلى التقصّي عن مختلف الأديان والطوائف، والانفتاح على ثقافات متنوّعة".

في المقابل، يعتبر عمر (25 عاما)، أنّ أكبر خطأ ارتكبه شقيقه أحمد كان لحظة اقترانه بـ ريتا، "لم يدُم زواجهما طويلا، بعد عامين من الزواج اختلفا على اسم المولود الذي رُزقا به بين إيلي أو علي… ومنذ تلك اللحظة اتّسعت بينهما الخلافات، فرحة العائلتين لم تكتمل، وذهب كلّ منهما في طريقه". ويضيف: "تربّي الحَجّة بهاء حفيدها، ومرّة كلّ أسبوعين يذهب لقضاء العطلة مع والدته".

بين مؤيّد لفكرة الزواج المختلط ومتردّد، يتّفق كثر من الشباب على "أنّ الحب والاحترام" يبقيان صمام أمان لمستقبل زاهر في أيّ علاقة عاطفيّة.

السابق
فتّش عن المادة 3
التالي
السن البيولوجي الحقيقي