لا خوف على لبنان… حالياً

رغم كل التعقيدات المحيطة بلبنان، الى الارتباكات والارتكابات في الداخل، تبدو حفلة الزجل اللبنانية كـ"الحمّام المقطوعة ميّتو" وفق القول اللبناني المعروف، اذ ان الحروب الكلامية الدائرة حالياً لا تقدم ولا تؤخر في مسار الأمور المرتبطة، سلباً أم إيجاباً، بتطورات المنطقة العربية.

في هذه المرحلة يزداد خوف اللبنانيين من ان يتحول بلدهم ضحيةً كونَه الحلقةَ الأضعف على الدوام، وقد ينزلق الى هذا الوضع في كل لحظة.

ورغم التخوف لدى كثيرين من القيادات، والذي لا يعدو كونه اجراءات احتياط حتى تاريخه، يبدو الوضع اللبناني الداخلي ميالاً الى الاستقرار وذلك لأسباب عدة:

– ان المجتمع الدولي الذي يراقب التطورات المتسارعة يدرك جيداً ان الخاصرة اللبنانية ضعيفة وان تحريكها هو الأسهل، لذا يفضل عدم فتح جبهة جديدة في الوقت الحاضر، وابقاء الوضع على ما هو.
– ان الدول العربية الداعمة لقوى 14 آذار تفضلها معارضة سلمية، لأن الشارع ليس في مصلحتها، وأي تفلت سيجعل من لبنان ورقة خاسرة في يدها، ويسجل خروجها من اللعبة جزئياً.

– ان النظام السوري مازال يمسك بخيوط اللعبة في الداخل، ومازال قادراً على الإمساك بأمن النظام، وهو لا ينحو الى التلاعب بالوضع اللبناني، لأنه سيزيد من مواجهته مع المجتمع الدولي، وسيكون معرضاً لعقوبات هو في غنى عنها.
– ان "حزب الله" الذي يملك وحده تقريباً ذراعاً أمنية عسكرية، يراقب الوضع عن كثب، ويعلم جيداً ان المتغيرات السورية ستؤثر فيه حتماً، وان كل تلاعب بالوضع القائم قد يفجر هذه المرة الصراع السني – الشيعي من دون رجعة، وان الاصطفاف المسيحي المؤيد للحزب لم يعد بالصلابة التي كان عليها سابقاً، خصوصاً بعد تخوف من خطوة الرئيس بري بالتنازل عن وزير شيعي فاتحاً الباب أمام التلاعب بالحصص.

– ان الحكومة الجديدة ستضع كل ثقلها لتجنب الوقوع في الفشل الذي يريده لها خصومها، وستكون أحزاب 8 آذار مجبرة على دعم خطواتها وتفكيك الألغام في طريقها، وأبرزها تحدي الوضع الأمني، قبل الاقتصادي – الاجتماعي.
– ان قرب صدور القرار الاتهامي، وفق معلومات وتوقعات، يستدعي تحصين الوضع الداخلي لاستيعاب ارتداداته المرتقبة، خصوصاً اذا ما ذكر، الى لبنانيين، عدداً من السوريين.

– ان الجيش اللبناني، وقد سمع كلاماً أميركياً، بل انتقاداً لقدرته على ضبط الحدود الشمالية دون غيرها، سيمضي في ضبط الوضع الداخلي والحفاظ على الهدوء، ولو بطريقة الأمن بالتراضي، لأن صدقيته اليوم على المحك، ولأنه مازال قبلة أنظار الكثيرين في الداخل والخارج.
هذه المعطيات مجتمعة تفضي الى خلاصة مفادها ان "معارك" باب التبانة وجبل محسن كانت سحابة صيف وليست حرباً مفتوحة.

السابق
السفير: الأسـد يرســم خـريطـة طريـق للإصـلاح قبـل نهـايـة العـام: تغييـر الدسـتور … وتوسـيع العفـو … والحـوار عنـوان المرحـلة
التالي
الجمهورية: الحريري عائد لقيادة المعارضة وحمل لواء المواجهة وميقاتي يستبق البيان الوزاري بتطمينات للمجتمع الدولي