كَنْها حَرْبا حَرْبَت روحها!

 أتى مرة بعض الحوارنة إلى بلاد بشارة في القسم الذي اصطلح على تسميته بالساحل حيث يجود التين طعماً ولوناً وحجماً. وكثيراً ما كانت هناك حجرات متبادلة بين العامليين والحوارنة.
فإذا ساء الموسم في حوران أتى الحوارنه إلى جبل عامل والعكس بالعكس. وفي الطريق أدرك هذا البعض من الحوارنه الليل قرب أحد كروم التين الذي غاب أصحابه عنه لسوء حظهم. فقفز أصحابنا عن الحيطان وتسلقوا الأشجار وتعلقوا بأغصانها وأخذوا يزدردون ما تقع أيديهم عليه من التين الناضج وغير الناضج. فلم يكن يسمع غير تكسر الأغصان تحت أقدامهم أو بين أيديهم، وغير حفيف الأوراق التي يتغلغلون ضمنها، وغير شخيرهم ونخيرهم وأصوات مضغهم. وفجأة صاح أحدهم بالذي بجانبه ويكاد يغص بما في فمه: وِلك حمدان! عمْباشل تين بيضوي، ولو عظام بتكرط، وطعمو مانو طيّب! فأجابه الآخر: يعلم الله يا حمدان هذي حربا، فرد أخونا وهو يتابع بلع ما في فمه: كَنْها حربا حربت روحها! وكان ذنب الحرباء آخر ما اجتاز بلعومه.
 

السابق
الأعور: حسم تسمية وزيرنا في انتظار تعديل على نوعية الحقيبة
التالي
هذا كاربو وهذا مو كاربو