تحالف الاقليات … طريق التهلكات

ربما لم يقرأ جيدا الجنرال عون صاحب فكرة تحالف الاقليات في لبنان تاريخ من اتبع هذه النظرية في منطقة الشرق الاوسط في العقود والقرون السالفة لكي يرى مصيره السياسي القادم .
فليس غريبا على رئيس " تكتل التغيير والاصلاح " الذي عاد من المنفى بصك براءة مبرم على اساس فكرة تحالف اقليات ممتد من طهران مرورا بدمشق وصولا الى لبنان والذي سيكون رأس حربتها وغطاؤها المسيحي الجنرال عون الذي لا يرى نصب عينيه عدوه الاول سوى دماء رفيق الحريري وورثة الحالة الحريرية التي سرقت منه وهج انتصاره بتحرير لبنان فهو قالها علنا بأن ليست دماء رفيق الحريري من أطلقت ثورة الارز بل شهادته في الكونغرس الاميركي ومساهمته في اصدار القرار 1559 الذي كان من اولى نتائجه خروج الجيش السوري من لبنان .
فبعد عودته الى لبنان كانت اولى خطوات الجنرال امضائه وثيقة التفاهم مع حزب الله والتي كانت مبرمجة سلفا من خلال اتفاقه المبرم في باريس بينه وبين اميل اميل لحود وميشال المر كشرط مبدأي لعودته من منفاه ومن ثم اطلق هجومه على وليد جنبلاط الذي يعتبر الركن الاساسي في تحالف الاقليات الدرزية أما مسيحي 14 آذار فلا يعطيهم اهمية كبيرة لانه يعتبر نفسه الزعيم الاول والاوحد بالنسبة للمسحيين وبخاصة الموارنة أما حزب الله فهو يمثل القوة الشيعية الاكبر وخاصة ان حركة أمل تدور في هذا الفلك .
ومع تبدل الموازين الاقليمية لصالح المحور الايراني – السوري واستدارة وليد جنبلاط الذي يطبق نظرية الوقوف الى جانب الاقوى في مرحلة زمنية معينة ولو تطلب ذلك استدارة كلية في المواقف والمبادئ اكتملت ركائز هذا التحالف والتي كانت اولى ثماره اسقاط حكومة سعد الحريري أي ابعاد السنة عن المشاركة في السلطة لكي يصبح لبنان فعلا يدور في محور الايراني – السوري الذي يمثل محور حكم الاقليات في الشرق الاوسط .
ولكن مع قيام الثورات العربية وانتفاضة الشعوب في الدول العربية انتفاضة الاكثرية الصامتة والمقموعة والمسلوبة الارادة والمضطهدة من أنظمة الاستبداد والقهر لم تكتمل فرحة اصحاب هذه النظرية فبعد ان هللوا للثورات في مصر وتونس واليمن وليبيا وتحدثوا عن فجر شرق أوسط اسلامي ظنا منهم ان هذه الشعوب التي كانت ترضخ لحكم انظمة راضخة لقوى خارجية سوف تقبل ان تكون هذه الشعوب خاضعة لقوى خارجية كايران والغرب .
ومع وصول هذه الثورات الى سوريا فسبحان مغير الاحوال من حال الى حال حين نسمع على السنة اتباع هذا المحور الترحم على انظمة كنظام حسني مبارك وبن على والقذافي لماذا ؟ لان هذه الثورات نجحت في أخذ هذه الدول نحو الحداثة والديمقراطية العربية التي من شانها ان تعيد العرب الى واقع دورهم الطبيعي في منطقتهم الام " الشرق الاوسط " لكي يعودوا روادها واصحاب كلمة الفصل بها بعد ان دخلها الاغراب واصبحوا يريدون ان يتدخلوا بشؤونها الداخلية .
وليس غريبا من جنرال الرابية رافع راية حقوق المسحيين في الشرق وزعيمهم بعد رحلاته المتكررة الى سوريا وخطبه بمسحييها كمكافأة له على جهوده ان نسمع منه على اذاعة الدنيا السورية توجيهاته للجيش العربي السوري بالقضاء سريعا على الثوار الارهابيين حسب زعمه وبرفضه لحكم أصولي وهذه كلمة اصولية التي اصبحت فزاعة يستخدمها اتباع محور الاقليات لتخويف الاقليات في المنطقة من ثورات الشعوب المطالبة بحريتها وديمقراطيتها .
أفليس من الطبيعي ان تحكم الاكثرية؟ ولا نتحدث هنا عن لبنان بل عن العالم العربي بشكل عام وأليس على الاقليات ان تنسج علاقات المودة والاحترام والمحبة مع الاكثرية بدل ان تحيك المكائد وتثير النعرات والفتن ؟ فعلى الاقليات وخاصة في لبنان ان تستذكر التاريخ وترى نعمة اتفاق الطائف التي اعطاها حقوق تحميها على مر العقود .
 

السابق
هل كل ثائر متجدد؟
التالي
العميل عطوي مهندس قُتل خاله وجده بتهمة العمالة