إبحثوا عن المرأة

يدور البحث في أروقة القرار الأممي على أحقية كريستين لاغارد، وزيرة المال الفرنسية، في الفوز بمنصب المدير العام لصندوق النقد الدولي، وبالتالي تعيينها، او منافسها حاكم البنك المركزي المكسيكي، "بالتوافق"، قبل نهاية الشهر الحالي. ولكن خلال البحث، جرى التركيز على الطريقة الفضائحية لشغور المنصب، وعلى اعتبارات الجنس، والجنسية، ومبدأ مداورة القارات، والمقايضة المفترضة بين اوروبا في رئاسة صندوق النقد وأميركا في البنك الدولي، وكذلك حجم مساهمات الدول في الصندوق ونفوذها فيه، ناهيك عن الحصص التي ستنالها هذه الدولة أو تلك من القروض والمساعدات مستقبلاً… أكثر بكثير مما تم التطرق الى مؤهلات لاغارد ومقارنتها بالمرشح الآخر لاختيار الأفضل.

يمكن وصف لاغارد بصاحبة الشعر الفضي والعقل الذهبي، والأعصاب الفولاذية، والطاقة النابضة، والقدرة على القيادة وحل المشكلات. هي "ابنة العائلة" الفرنسية العريقة، المتمتعة بسمعة طيبة، وبسجل حافل من الانجازات والموجودات والمكتسبات. وهي أول امرأة وزيرة للمال في الدول الصناعية، وقد سمتها "فايننشال تايمس" "أفضل وزيرة مال أوروبية" في العام 2009، وتحتل مرتبة متقدمة في قائمة "فوربز" لـ"النساء الأكثر نفوذاً في العالم". وقبل ذلك، كانت لاغارد أول سيدة أعمال تصبح رئيسة لـ"بايكر" وماكنزي" العالمية للمحاماة.

"اوقفوا الجدل، وشمروا عن زنودكم، وأبدأوا العمل" قالتها لاغارد للنخب الفرنسية فور توليها الوزارة، داعية الجميع الى تحويل النظريات افعالاً، والمضي بالاصلاحات الاقتصادية والمالية والضريبية الضرورية، الكفيلة بتفعيل الاقتصاد الفرنسي، وزيادة قدرة فرنسا التنافسية في اوروبا والعالم، والسعي لتوفير المزيد من فرص العمل في القطاعات المنتجة، والتكنولوجيا العالية، والمحتوى الرقمي، والابتكار والتطوير، وغيرها… وبالتالي خفض معدلات البطالة، والحد من هجرة الأدمغة والرساميل الفرنسية الى الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا والصين والهند.
يصح القول إن لاغارد نجحت بتفوق في اختراق عالم السياسة والاقتصاد والمحاماة الذكوري، مما يشكل قدوة للمرأة، وحافزاً لها، ومثالاً على قدراتها التنافسية، مع سعيها للمحافظة على أنوثتها، والتوفيق بين التزاماتها العائلية ومسؤولياتها المهنية. أفلا تستحق لاغارد ان تصبح اول إمرأة تتبوأ منصب المدير العام لنصدوق النقد الدولي، لكفايتها؟
أما الختام، فلبنانياً: لم يتسع صدر الحكومة الجديدة الرحب لامراة واحدة، ربما لضرورات المحاصصة، او لغياب الايمان الفعلي بحقوقها ودورها وقدراتها، او لأن المرأة اللبنانية لم ترض لنفسها الانحدار الى الدرك الذي وصل اليه بعض رجال السياسة في لبنان… وقد يصح القول أن غياب امرأة واحدة يساوي أحياناً حضور ثلاثين رجلاً!

السابق
الاخبار: ميقاتي: الحكومة صُنعت في لبنان
التالي
سيارات لنساء السعودية