الشرق الأوسط: الأكثرية الجديدة تكسر الأعراف وتوزر 5 من الشيعة مقابل 7 من السنة

نجحت قوى الأكثرية الجديدة، وبعد نحو أربعة أشهر ونصف على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتأليف الحكومة اللبنانية في 26 يناير (كانون الثاني) 2011، في إخراج التشكيلة الوزارية إلى العلن، بعد تسوية كبرى انتهت إليها مفاوضات الساعات الأخيرة، وأفضت للتضحية بمقعد وزاري محسوب على الطائفة الشيعية لصالح الطائفة السنية، وبالتحديد لصالح فيصل كرامي نجل رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي.

وأكدت مصادر رفيعة لـ"الشرق الأوسط" مطلعة على تفاصيل الساعات الأخيرة قبل ولادة الحكومة، أن "الرئيس ميقاتي صعد إلى القصر الجمهوري في بعبدا وفي جعبته حكومة (أمر واقع) من 24 وزيرا لا تحظى برضا قوى (8 آذار)"، لافتة إلى أن "المفاوضات الطويلة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في بعبدا أفضت لتعديل التشكيلة التي حملها ميقاتي، فتم توسيعها لتشمل 30 وزيرا، وانتهت إلى تسوية كبرى بتضحية الرئيس بري بأحد الوزراء الشيعة لصالح فيصل كرامي الذي يعتبر مرشح حزب الله وحركة أمل، ولتحل العقدة الأخيرة التي واجهت التشكيل والتي عرفت بعقدة (الوزير السني السادس)".

وقالت مصادر الرئيس بري لـ"الشرق الأوسط": "هذه التسوية ولدت في ساعتها، فنحن، كما الرئيس سليمان، استغربنا طلب الرئيس ميقاتي لموعد مستعجل. وبعد التوافق على تعديل التشكيلة لتشمل 30 وزيرا، رأى الرئيس بري أن التضحية بالمقعد الشيعي ضرورية لحل الأزمة الحكومية؛ لا بل لإنقاذ الوضع السياسي برمته". ولفتت المصادر إلى أنه وبعدما قال الرئيس ميقاتي إنه "لا مكان لفيصل كرامي في تشكيلته، كان لا بد للرئيس بري أن ينقذ الوضع"، وأضافت: "التضحية التي قدمها بري هي بمثابة رسالة من لبنان إلى المنطقة برمتها للقول إن التعبير الإسلامي هو تعبير واحد وأن لا مكان للجاهلية والمذهبية في نفوسنا كلبنانيين". وشددت المصادر على أن "هذه الخطوة لا تعد خرقا للدستور الذي ينص على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين وليس بين السنة والشيعة".

وفي حين أعلن رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان استقالته من الحكومة، لأنه لم يتم تلبية مطلبه بالحصول على حقيبة سيادية، انتقد ما سماه "تكاذب الرئيس ميقاتي ومحاولته إحراج المقاومة في أكثر من مناسبة" وقال: "لا يشرفني على الإطلاق الجلوس على يمينه في حكومة هو يرأسها".

بدورها، أعربت مصادر في المعارضة السنية عن امتعاض سنة "8 آذار" مما آلت إليه الأمور من حيث حصة المعارضة السنية وقالت لـ"الشرق الأوسط": "نحن كمعارضة سنية سنعقد اجتماعا طارئا، فما انتهت إليه التشكيلة لا يلبي طموحاتنا ولا يؤمن حيثيتنا؛ فعلى الرغم من احترامنا لفيصل كرامي، فإنه لا يمثلنا".
وفور إعلان التشكيلة، اتصل الرئيس السوري بشار الأسد بكل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس المجلس النيابي نبيه بري مهنئا وواصفا الخطوة بـ"المهمة" آملا أن يكون لها "انعكاسات على كل العالم العربي".

ميدانيا، عمت فرحة عارمة في مدينة طرابلس مسقط رأس الرئيس ميقاتي وثلاثة من الوزراء، فأطلقت المفرقعات النارية كما أطلقت السيارات أبواقها ابتهاجا. في المقابل، قطع مناصرو الحزب "الديمقراطي اللبناني" وأهالي بلدة الشويفات الطرقات وكذلك الطريق الذي يربط البقاع الغربي بالجنوب عند نقطة الحاصباني، احتجاجا على إسناد وزارة دولة دون حقيبة لرئيس الحزب النائب طلال أرسلان، وقد عمدت عناصر الجيش في ما بعد إلى فتح الطرقات.

وفي أول موقف له بعد التشكيل، أطلق رئيس الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي شعار "كلنا للوطن كلنا للعمل" على حكومته، مؤكدا أنها "ستتمسك بالسيادة واستقلال لبنان وتحرير ما تبقى من أرضنا من العدو الإسرائيلي، وباتفاق الطائف، كما بالعودة إلى الحوار تحت سقف الدستور"، لافتا إلى أن "هذه الثوابت تحفظ وحدة واستقلال لبنان، وتلتزم الدستور والقواعد التي يلتزم بها لبنان".

وشكر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اللبنانيين لمواكبتهم لتشكيل الحكومة العتيدة، وقال: "تحملتم مصاعب التشكيل وتمكنا مع جميع المعنيين وبالتعاون مع فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان من تذليلها، ونتطلع لنيل ثقتكم وثقة ممثليكم في الندوة البرلمانية".

وإذ أكد أن "الحكومة حريصة على المحافظة على العلاقات مع جميع الدول العربية الشقيقة من دون استثناء، وللتعاون الوثيق معها"، شدد على أن "التزامات لبنان العربية والدولية هي من الثوابت في سياسة الحكومة مع تمسكنا بقرارنا ومصلحة بلادنا العليا". وأضاف ميقاتي: "الحكومة هي حكومتكم أينما كنت في الموالاة أو المعارضة أو في الوسطية الفاعلة، وأتمنى أن تكون على قدر آمالكم ومواجهة الأخطار والمصاعب، وهي حكومة كل لبنان وتعمل من أجل كل اللبنانيين، ولا تفريق بين من سيعطيها الثقة ومن سيحجبها، ومستمرون بممارسة سياسة التسامح والانفتاح".
وشدد ميقاتي على أن هذه "الحكومة لم تكن لتبصر النور لولا تضحيات رئيس المجلس النيابي نبيه بري وسعيه الدؤوب للتشكيل".

وكانت مراسيم ثلاثة صدرت عن قصر بعبدا بعد ظهر أمس، قضت بقبول استقالة حكومة الرئيس سعد الحريري، وتسمية النائب محمد نجيب ميقاتي رئيسا لمجلس الوزراء، في حين نص المرسوم الثالث على التشكيلة الحكومية الجديدة.
ووقع المرسومين الأولين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، في حين وقع الثالث الرئيسان سليمان وميقاتي. وقد أذاع المراسيم الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء سهيل البوجي، وقد ضمت الحكومة الجديدة 13 وزيرا جديدا و11 وزيرا من الحكومة السابقة و5 وزراء من حكومات سابقة.

وقد دعيت الحكومة لأخذ الصورة التذكارية يوم الأربعاء المقبل على أن تليها مباشرة جلسة لمجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري.
أما التشكيلة الحكومية فضمت: محمد نجيب ميقاتي رئيسا لمجلس الوزراء، سمير مقبل نائبا له، طلال أرسلان وزير دولة، نقولا فتوش وزير دولة لشؤون مجلس النواب، غازي العريضي وزيرا للأشغال العامة والنقل، علي قانصو وزير دولة، علي حسن خليل وزير صحة، محمد الصفدي وزير مالية، محمد فنيش وزير دولة لشؤون التنمية الإدارية، وائل أبو فاعور وزير الشؤون الاجتماعية، جبران باسيل وزير الطاقة والمياه، حسين الحاج حسن وزير الزراعة، شربل نحاس وزير العمل، فادي عبود وزيرا السياحة، سليم كرم وزير دولة، علاء الدين ترو وزيرا لشؤون المهجرين، أحمد كرامي وزير دولة، ناظم الخوري وزير البيئة، فايز غصن وزير الدفاع الوطني، شكيب قرطباوي وزير العدل، عدنان منصور وزير الخارجية، نقولا نحاس وزيرا للاقتصاد والتجارة، مروان شربل وزيرا للداخلية، فريج صابونجيان وزير الصناعة، وليد الداعوق وزيرا للإعلام، بانوس مناجين وزير دولة، حسان دياب وزير التربية، غابي ليون وزيرا للثقافة، نقولا صحناوي وزيرا للاتصالات، فيصل كرامي وزيرا للشباب.

السابق
1670 مخالفة بناء و230 آلية محجوزة وتوقيف 182 شخصاً
التالي
البيرق: الاسد اتصل بسليمان وبري مهنئا وواشنطن حذرة ووليامز اعتبر الحدث مهما