لماذا يريدون هزيمة سورية؟

لماذا يريدون هزيمة سورية؟ لماذا لا يريدون لسورية أن تبقى قلعة للنضال الوطني؟ لماذا يقاصصون سورية بنصائحهم المنتقاة في زمن الشدة؟ لماذا يبغون ويتجبرون وينسون مواطئ أقدامهم الملوثة من كثرة الفساد في أوطانهم؟ لماذا ينكرون دور سورية المقاوم والممانع؟ لماذا باتوا كلهم بلا استثناء أولياء الأمر النصحاء الأذكياء؟ لماذا يرتبك البال لديهم وتنفطر قلوبهم وتدمع عيونهم، حين يُراق نتيجة الدفاع عن الشعب الأعزل المقتول غدراً والمقطعة أجساده بالسواطير، ولا يؤذيهم المشهد حين تقوم به جماعات البلطجة وسواطيرهم المسنونة المهيأة عن سابق تصور وتصميم للذبح والتمثيل بالجثث؟ ترى هل هذا الواقع المؤلم بكل تفاصيله يرضينا نحن الواقفين على خط النار مع سورية وقيادتها الحكيمة دفاعاً عن الحق السليب في فلسطين؟ هل بات دفاع الجيش السوري البطل المشروع عن الشعب الأعزل فعلاً منكراً تتحمله القيادة الرسمية المسؤولة عن أمن المواطن وسلامه وسلامته؟ بئس ما يكتب وما ينشر وما يقال في زمن العسر هذا، بل بئس هذه الحقيقة التي كشفت الوجوه المطلية برماد الوطنية التي لا تشبههم ولا يعرفونها، حين النظر بعين واحدة إلى ما يجري في سورية، من دون التعمق في مجرى المسببات، التي أصبحت مكشوفة للقاصي والداني.

فاليوم اليوم وليس غداً، إذا رفع الرئيس بشار الأسد راية الاستسلام للمشروع الأميركو ـ صهيوني وقبل بشروطهم المعروفة للقاصي والداني، تسقط كل التهم المتداولة عبر الفضائيات المأجورة والوسائل الإعلامية المدفوعة الثمن مسبقاً، ويصبح النظام السوري من أفضل الأنظمة في العالم العربي، ويستمر إلى ما شاء له هؤلاء أن يستمر؟ لكن هل هذا ما يريده الشعب السوري برمته؟ هل هذا ما يريده أحرار هذه الأمة المناضلون الشرفاء؟ هل هذا ما يريده المقاومون الجاهزون لمقاومة العدو الصهيوني؟ حتماً لا! بل هذا ما يريده المتطفلون الذين ينظرون بعين واحدة إلى تفاصيل الأحداث في سورية وتشعباتها، في حين نعتبرها نحن أخطر مؤامرة تتعرض لها سورية.

بعد كل الذي جرى ويجري، هل يجوز ألا نتكاتف جميعاً متناسين كل السلبيات من أجل الدفاع عن سورية وقيادتها الداعمة للمقاومة؟ هل القياس الذي يلجأ إليه البعض هو من أجل مقولة الإصلاح كما يدّعون، أو هو من أجل إسقاط الدولة المرهوبة الجانب من دول العالم قاطبة، هذه الدولة العربية المقاومة التي تجعلنا نرفع الرأس عالياً حين نسمع بآذاننا لا بقلوبنا من أعلى المقامات السياسية والحزبية الغربية عبر أسفارنا والمؤتمرات التي نشارك فيه حتى في واشنطن، حين يتقدمون لتهنئتنا على المواقف البطولية التي تحمل كل الكرامات التي تقوم بها سورية عبر دورها العربي الصامد المشرف.

ليعلم الجميع أننا ما كنا يوماً إلا دعاة تطوير وإصلاح، لكن السؤال الذي يفرض نفسه في الظروف الصعبة، هو: هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ هل سورية اليوم هي ذاتها بالأمس القريب؟ هل في زمن النضال القومي والصراع العربي الصهيوني ننادي بتطبيق الشعارات الأميركية من حرية مزيفة وديمقراطية لعينة تراكيبها قنابل ذكية قتلت الأطفال في قانا وغزه ورام الله وجنين وقتلت شباب فلسطين على الحدود اللبنانية في ذكرى النكبة وفي مرتفعات الجولان بالأمس في ذكرى النكسة، ترى لماذا يتغاضون وينسون هتك أعراض النساء والرجال في سجن أبو غريب في العراق وفي سجن غوانتاناموا؟

هل اغتيال أسامة بن لادن غدراً وسط زوجته وأطفاله في منزله ليلاً (لا فرق إذا كنت معه أو ضده)، ورمي جثته في البحر خلافاً للشريعة الإسلامية ولكل الشرائع السماوية، هو فعل ديمقراطي أو هو أحد أساليب ممارسة الحرية الموعودة؟ لماذا لم ينبس أحد ببنت شفه اعتراضاً، ترى هل خوفاً من ديمقراطية أميركا وعدالتها المنشورة على أغصان الزيتون عبر العالم كله؟ بتنا لا نستطيع التمييز بين الصح والخطأ، بين الوطنية والعمالة، بين مرتكب الفاحشة والمدافع عن أمن المواطن. وهل المطلوب من الجيش السوري أن يقف متفرجاً على ضباطه وعناصره والناس الآمنة تقتل وتذبح ليس لذنب اقترفوه بل من أجل زعزعة الأمن وزرع الفتنة في سورية الصامدة لامدافعة عن كرامة الأمة العربية قاطبة. ترى ألا يكفي هذا الصمود من سورية، في وجه العدو الصهيوني والمشروع الأميركي التفتيتي المرسوم للعالم العربي من الخليج إلى المحيط، كي نقف معها في السراء والضراء؟ أم لا يفي بالغرض موقفها المقاوم الشجاع ضد المطلوب والمرسوم بأقلام صهيونية أميركية الصنع، زبائنها هم هؤلاء الكتبة الذين عرفوا مبادئ الكتابة حين اشترتهم الدول العربية المرهونة بسياساتها للمشروع الأميركي الصهيوني، فانضموا إليها، وتظاهروا على مدى زمن ومن دون أن ندري بانتسابهم إلى الفئات الوطنية الشريفة، لقد أتقنوا أدوارهم الملتبسة، وباتوا يقدمون النصح للقيادة السورية وكأنهم أهل البيت وأصحابه، ونسوا أن صاحب البيت أدرى بالذي فيه، وأن الشعب السوري المناضل هو الوحيد الذي له الحق بمحاسبة القيادة حين تنحني للمشروع الأميركي الصهيوني، لأن أهل مكة أدرى بشعابها، وقد رأينا كما العالم أجمع، جماهير الشعب السوري وهي تغلق شوارع دمشق كلها تأييداً لقيادته المقاومة. ترى ألا يعلم الشعب السوري من باعه واشتراه بثلاثين من الفضة، حتى يقبل البديل الذي ذهب ليعلن من القناة التلفزيونية الفضائية «الإسرائيلية» الثانية سقوط القيادة السورية، هل جماعة «أنطاليا» هي المعارضة الثورية الوطنية التي يؤيدها أولئك المدعوون خطأ أنصار الحركات الوطنية والشعبية؟ هل نسوا أن ثورة مصر وتونس وليبيا والبحرين واليمن تختلف اختلافاً كلياً في الشكل والمضمون عما يحدث في سورية، ولن أدخل في التفاصيل المعروفة من الجميع؟ أجل ما يحدث في سورية هو خيانة عظمى بحق سورية، ومن ينتقد سورية في هذا الظرف الخانق هو شريك في المؤامرة، ومن يقدم النصائح المكتوبة عليه أن ينظر إلى داره ويصحح مساره، فالوقت وقت التعاضد والدعم اللامشروط لمساندة سورية في محنتها ولمساعدتها على دحض المؤامرة والانتصار عليها، وعلى كل من خطط ونفذ وشارك، مهما كانت الوسائل المستعملة؟ أخيراً أقول: إن سقطت الدولة السورية سقطت أمة العرب، فسورية العصية على أعدائها

هي بوابة الأمة وطريقها الوحيد إلى النهضة والانتصار على العدو الصهيوني. ومساهمة شرفاء الأمة في وأد الفتنة التي تتعرض لها سورية هو واجب وطني، ولا مكان في مثل هذه الظروف أو هذه المحنة لمن يقف في الخط الوسطي.

السابق
المستقبل: بريطانيا تطالب الأسد بالتنحي وفرنسا تريد إدانة دولية لدمشق وطهران
التالي
اللواء: السفيرة في باريس تنفي الإستقالة… وجوبيه وهيغ ينزعان الشرعية عن الأسد