مبادرة شبابية لتنظيم أسلاك الكهرباء

انتظر أهالي مخيم برج البراجنة، طويلاً، قراراً يقضي بحمايتهم من صعقات الأسلاك الكهربية في أزقة المخيم، ولم يأت.. انتظروا نهاية اعمال البنى التحتية التي يشهدها المخيم، علّها تقيهم من تلك الأخطار، إلا أن الأيام تمرّ والورشة مستمرة. فبادروا إلى البحث عن حلّ.

وخلال التجوّل في المخيم، تطالع المرء في فضائه أسلاك كهرباء وأنابيب مياه ممدودة بطريقة عشوائية ومتشابكة في عناق مميت، لأن أهالي المخيم يستخدمون أنابيب المياه الحديدية لاستجرار خط سالب للكهرباء، ما يعرّضهم لخطر الإصابة بصعقات كهربائية تتراوح قوتها بين الخفيفة والمميتة.

ولكن، اليوم، اختلف المشهد قليلاً.. فقد بادر شبانٌ إلى رفع الأسلاك التي كانت تجاور رؤوس المارة، وفصلها عن بعضها بواسطة عمود خشبي طويل، لتنظيم وجودها في الفضاء، بحيث تضعف «حظوظ» عشوائية الموت… فكان أبرز المتغيّر في مشهد المخيم هو ظهور السماء الزرقاء كأفق للعين الناظرة إلى أعلى، بعدما كانت الأسلاك تشكل سقفاً بديلاً ليومياتهم.

وبنتيجة تلك المحاولة، لم تعد الأسلاك قريبة من أنابيب المياه، ما يقي السكان بعض شرّ الموت صعقاً!
أتت تلك المبادرة انطلاقاً من المثل الذي يقول «أن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلام». وبموجب «الشمعة»، عمدت مجموعة من الشبان إلى تجميع الأسلاك الكهربائية على شكل حزم، وربطها، بعد فصلها عن خراطيم المياه.
والشبان هم أعضاء في «التجمّع الشبابي لتطوير المخيم – محبّة»، الذي أقدم على المبادرة بهدف «الحدّ من الموت بالصعقات الكهربائية علماً أنها أدّت إلى وفاة أحد عشر فلسطينياً خلال أربع سنوات»، حسبما يشرح أحد أعضاء التجمع.
وقد استمرت الحملة خمسة أسابيع، وشارك فيها خمسون عضواً من التجمع، بحيث شملت أحياء مستشفى حيفا، والصاعقة، وساحة جيش التحرير، وجورة التراشحة، وعيادة «الأونروا».

ويؤكد أحد أصحاب المبادرة سامر الأشقر أن «التجمّع لم يتلق تبرّعات من أي جهة كانت، بل تكفّل بكل نفقات الحملة المشاركون فيها».

ويلفت المصري إلى أن «الفكرة بدأت مع اثني عشر شاباً من المخيم، قرروا غض النظر عن الوعود الكاذبة، وبادروا إلى حلّ المشكلة بأياديهم، فتضاعف عدد المتطوعين حين دعا كل منا رفيقه أو قريبه للمشاركة في الحملة». ويضيف المصري أنه «تمت الاستعانة بالشباب المختصين في موضوع الكهرباء في المخيم نظرًا لخطورة الأمر». ويفيد بأن «الحملة تشمل كل أحياء المخيم، وانطلقت في الأزقة الأكثر خطورة، وما زالت مستمرة حتى الساعة».

لا تعتبر المبادرة التي أقدم عليها أعضاء التجمع كافيةً، إلا أنها قد تساهم في التقليل من حالات الموت صعقاً بالكهرباء. فوحده العمود الخشبي الذي رفعت عليه الأسلاك، اليوم، بات يحمي سكان المخيم من الموت. المشهد لا يبدو جميلاَ من الناحية الهندسية، إلا أن الهدف هنا ليس تجميليًا بل صون للحياة في مساحة لجوء تتحداها يوماً.

السابق
مبنى قصر العدل في النبطية حلاً و معاناة
التالي
كلّ الملل في “لا يملّ”