لا تفرط في تقدير نفسك …دع الآخرين يفعلون

«تقدير الذات ركن أساسي من أركان الحفاظ على الصحة العقلية»، يقول الخبراء. ولكن لماذا كلما سعينا جاهدين وراء هذا الشعور، كي ننظر لأنفسنا بعين الرضى، يصبح الأمر أبعد فأبعد؟
أظهرت مجموعة من الدراسات التي نشرت سابقاً أن هوس التقدير الذاتي عندما يتملّك شخصاً يرتدّ عليه بطريقة سلبيّة، إذ يصبح صاحب هذا الهوس شخصا أنانيا يشعر بأنه محور الكون، الأمر الذي يتحوّل، بشكل أو بآخر، إلى خلل في الصحة العقلية لديه.
وأهم ما قدمته الدراسة التي أجرتها مؤخراً مجموعة من الباحثين في علم النفس من جامعة «ميتشيغن» الأميركية، هو أن أفضل وسيلة لتعزيز الثقة بالنفس هي تجاهلها تماماً والتفكير بالآخرين.
وأرجعت جنيفر كروكر، وهي الباحثة المسؤولة عن الدراسة الاهتمام بهذا الموضوع إلى أن «تدني تقدير الذات مرتبط بالاضطرابات والمشكلات الفردية والمجتمعية»، ما يثير القلق من أن يؤدي ضعف الرضى عن النفس إلى سلوكيات عديدة غير مرغوبة.
ولأن العلاقات الاجتماعية التي تربطنا بالآخرين تلعب دوراً مهما في تحديد ما نشعر به حيال أنفسنا، فقد عمل فريق البحث على رصد أكثر من 119 علاقة تجمع بين طلاب جامعيين في سنتهم الأولى، ويتشاركون السكن، علماً بأنهم من الجنس ذاته.
وقد طلب من كل مشارك أن يسجل على مدى عشرة أسابيع أهدافاً تتعلّق برفيقه في السكن، وقد انقسمت الإجابات ضمن محورين، الأول تناول اهتمام من صُنّفوا ضمنه بتحسين صورتهم الذاتية بهدف كسب التقدير، أما الثاني فضمّ من حرصوا جاهدين على إرضاء رفيق سكنهم وتقديم المساعدة له في أمور حياتية وغيرها.
وقد خلصت الدراسة إلى أن أنواع الأهداف التي نضعها نصب أعيننا تتحكم بمستوى تقديرنا لذاتنا، والنتيجة أن من يعطي يشعر أنه يشكل فرقاً في حياة الآخرين وبالتالي يزيد منسوب احترامه لذاته. ومن هنا نسمع أحياناً بما يسمى أنانية العطاء، وهناك مجلدات قد تستفيض في الحديث عن العطاء ودوافعه المنقسمة بين الذاتي والمتجرّد. إلا أن المؤكد وفقا للدراسة أن العطاء واللطف هما تصرّفان معديان، ولا يمكن أن يُقابلا سوى بمثلهما، وبالتالي عندما يصبح المرء في موقع من يُعطى، بعدما يكون قد أعطى، ويُعامل بلطف، في مقابل لطفه، يرتفع تلقائيا تقديره لذاته. «إنها حلقة متصلة ببساطة»، تقول كروكر.

السابق
الامتحانات الرسميّة في قطر: مراقبون لبنانيّون وكاميرات مراقبة
التالي
منيمنة افتَتح معرض تدوير النفايات