14 آذار، لا تخفي رأسكِ في الرمال!

في 13 آذار الأخير، نزل أقطاب 14 آذار إلى الساحة، رفعوا شعارا عاليا: سنسقط وصاية السلاح ولن نتراجع. وفوجئ الجميع بـ"ثورة أرز" ثانية، انخرط فيها حشد جماهيري خارج من إحباطات السنوات الخمس.

هدأت الأصداء. حمل الجميع طروحاتهم وطموحاتهم ومشوا. عادوا بها إلى قواعدهم، وناموا على أمجاد الانتظار لآلية تحقيق هذا الهدف. ومنذ ذلك الحين، تقوم 14 آذار بتقطيع الوقت. إنّها ليست في ساحة المواجهة. لا هي في السلطة منذ سقوط حكومة الرئيس سعد الحريري، ولا هي فعلا في المعارضة. وعلى الأرجح، إنّها تكتفي بردّات الفعل.

"لكنّ المرحلة تقتضي منك أحيانا أن تكون في مقاعد المتفرّجين"، يقول بعض 14 آذار، وخصوصا عندما يكون عامل الوقت ملائما. فلماذا إحراق الأصابع في مواجهة غير ضرورية، اذا كان الانتصار آتيا؟

هذه المقولة تلقى معارضة شديدة من داخل 14 آذار أيضا، ويقول قيادي عائد من نقاش مع "الرفاق" حول صوابية سياسة الانتظار: جرّبناها خمس سنوات. في البداية انتظرنا الدعم الدولي ليحمل إلينا الانتصار جاهزا، ومرّرنا الوقت بـ"التطبيع" مع سلاح "حزب الله". ثم انتظرنا الفرج من التحقيق الدولي، فالقرار الاتهامي والمحكمة الدولية، ووافقنا على كل التسويات على رغم الاكلاف الباهظة التي دفعناها، حتى فقدنا معظم اوراقنا وانتقلت المبادرة إلى الطرف الآخر.

كنا خائفين دائما من الفتنة المذهبية، واليوم يخيفوننا بالاتهامات بالضلوع في أحداث سوريا. وعلينا أن نكسر عقدة الخوف، ونبادر إلى ملاقاة التغيير. لقد اقتنع فريق 8 آذار بأن إسقاط حكومة سعد الحريري كان آخر انتصاراته. لكنّ فريق 14 آذار لم يقتنع بعد بأنّ ذلك كان آخر هزائمه، وإذا لم يبادر إلى التقاط لحظة الانتصار في العالم العربي، فقد يأتي التغيير على حسابنا، فندفع الثمن في النظام العربي الجديد، بعدما دفعنا الثمن في النظام السابق.

وضعية المتفرّج!

اتجاهان داخل فريق 14 آذار، وعدم حسم هذا التمايز ينعكس على الفريق مزيدا من الانتظار، فيبدو في وضعية المتفرّج. ويدعم ذلك ابتعاد عدد من أقطابه عن المشهد فترات طويلة، لضرورات سياسية أو أمنية.

لا يعني ذلك أن هناك صقورا وحمائم في 14 آذار. لكن هناك من يفضّل خيارا على آخر، وفقا للمعطيات والتجارب التي خاضها من قبل.

"نحن نخفي رأسنا في الرمال"، يقول القيادي عينه، ولا نستكمل معركتنا الواضحة لإسقاط السلاح، تجنّبا للتوتر الداخلي ولإثبات البراءة ما يجري في سوريا. لكن معركتنا تضيع معالمها في الوقت الضائع. ونحن نتواصل دائما، لكنّنا لم نتوصّل بعد إلى توحيد القراءة السياسية للمرحلة في كل مندرجاتها، على رغم دقة المرحلة. ولا يجوز أن تكون الضرورات التي تفرض غياب أركان أساسيين كالرئيس الحريري عن الساحة، مبررا لنا كي نغيّب القرار السياسي داخل 14 آذار.

"أجندة" المواجهة

لكنّ ثمة اجماعا في 14 آذار على أنّ هناك "أجندة" سياسية يعمل فريق 8 آذار لتنفيذها، ولا يجوز الوقوف إزاءها موقف المتفرّج، وهي تقوم على 4 نقاط أساسية:

– استثمار أجواء القلق على الحدود الشمالية.

– إثارة التوتر على الحدو الجنوبية

– انكشاف لبنان سياسيا بتعطيل عملية تأليف الحكومة.

– افتعال إشكالات على غرار ما جرى في مبنى الاتصالات، وما رافقه من استهداف للمؤسسة الأمنية.

وهذه "الأجندة" يواجه بها 8 آذار مؤشرات الانهيار التي تقترب منه، نتيجة التغيير في النظام العربي. وسيكون القرار الاتهامي وانطلاق عمل المحكمة الدولية ضربة إضافية له. وهو يدرك أن أوراقا كثيرة افتقدها اليوم، فهو ليس عاجزا عن فتح جبهة في الجنوب، ويدرك أن المغامرة بنموذج مارون الراس أو مرج الزهور ستقود إلى حرب إقليمية. ويسجل أن دخول السفارة الأميركية على خط المساعدات في الشمال له ابعاد تتجاوز الشأن الإنساني.

لا حبة قمح… ولا دجاجة!

على 14 آذار، وفق القيادي، أن تدرك أنّها منتصرة، وهذا يحمّلها مسؤولية التوازن ما بين الجرأة والمغامرة. وهو إذ يراهن على تفعيل العمل داخل 14 آذار، وخصوصا بعد عودة الرئيس الحريري إلى بيروت، لا يخفي أنّ بعض "الرفاق" يظهرون بعض الارتباك في الوقت الضائع.

يروى أن رجلا كان يعاني مرضا نفسيا. كان يظنّ نفسه حبة قمح، وأنّ هناك دجاجة ستأكله. وبعد جلسات علاج طويلة تمكن المعالجون من اقناع الرجل بأنّه ليس حبة قمح. فأسرعوا إليه فرحين، طالبين إليه العودة إلى منزله.

رفض الرجل الخروج من العيادة. وطلب منهم إقناع الدجاجة أولا بأنه ليس حبة قمح!

القيادي في 14 آذار، وهو ينفخ اللبن بعدما اكتوى فريقه بـ"حليب" السنوات العجاف، يدعو رفاقه إلى الاطمئنان: لسنا حبّة قمح تؤكل… وليس هناك من دجاجة!

السابق
انسوا اخلاء المستوطنات
التالي
تجمع سني – شيعي لدعم المقاومة