البناء: تأليف الحكومة على رف الاستهتار السياسي

بات من المؤكد أن موضوع تأليف الحكومة قد وضع على رف الاستهتار السياسي، إلى أجل غير مسمى، وأن الوقائع السياسية اليومية توحي بشكل لا لُبس فيه أن الفراغ سيستوطن الساحة الداخلية، إلى أمد غير قصير، وسيكون له أثره السلبي في كثير من الاستحقاقات الضاغطة سواء في السياسة أو الأمن أو الاقتصاد.

وإذا كانت ساعات الليلة ما قبل الماضية قد شهدت خرقاً محدوداً على مستوى التواصل تمثَّل باللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلَّف نجيب ميقاتي، غير أن ذلك لا يعني على الإطلاق أن محاولات تدوير الزوايا قد نجحت، وأنه أصبح بالإمكان مقاربة ملف التأليف بنمط جديد من التعاطي، ومرد ذلك إلى أن الأمور لا تزال في دائرة المراوحة، وأن عوامل التعطيل الداخلية والخارجية لا تزال هي نفسها متحكمة بمسار هذه الاتصالات.

وفي رأي مصادر سياسية ترصد الحراك الحاصل حول تأليف الحكومة أنه لا يوجد أي مؤشِّر يُعطي انطباعاً بأن الرئيس المكلف يعمل بشكل جدي للوصول إلى توليفة حكومية انطلق في رحلة البحث عنها منذ ما يقارب أربعة أشهر ونيف، وأن الطريقة التي يتعامل بها مع من يتشارك معه في البحث عن الصيغ التوافقية للوصول إلى حكومة تكون على مستوى متطلبات المرحلة، لا توحي بأن هذا الرجل قد وضع المصالح الشخصية جانباً، وقد أدار ظهره للضغوط الخارجية، واتجه ناحية أخذ مصلحة البلد فوق كل اعتبار، بل على العكس تراه يرمي باللائمة على غيره ويحمله مسؤولية التعطيل.

وتسأل هذه المصادر لماذا لم يقدم الرئيس ميقاتي إلى الآن أي صيغة تؤشر الى عزمه الجدي على التأليف؟ ولماذا يقتصر دوره على توجيه الأسئلة الى الفرقاء وينتظر الأجوبة عليها، بدلاً من أن يبادر إلى ابتداع أفكار وصيغ يعرضها على طاولة النقاش فيأخذ ما يؤخذ منها ويعدل ما يعدل ويغض النظر عن النقاط التي تثير الجدل والخلاف.

وتعرب المصادر عن اعتقادها بأن هناك من يذهب نحو تحقيق مكاسب داخلية وطلب رد الخارج من دون الالتفات الى عامل الوقت الذي بات يمثِّل عبئاً ثقيلاً على كاهل اللبنانيين، في هذا الظرف العصيب.
وترى هذه المصادر، أنه في كل يوم يمر، نذهب معه إلى منطقة، يصبح معها تأليف الحكومة بعيداً جداً عن متناول اليد، لا بل إنه من الممكن القول إننا وبالرغم من اقترابنا من عتبة الخمسة أشهر على التكليف ما زلنا في دائرة الصفر ما لم نقل أبعد من ذلك.

وفي تقدير المصادر نفسها أن زيارة جيفري فيلتمان الى بيروت قد فعلت فعلها، على خط التعطيل، وأن ما حمله من رسائل قد أجهض التوافق الذي كان في قبضة اليد حول حقيبة الداخلية، وهو ما يعني أن الطلبات الأميركية هي وراء المطبَّات التي تحول دون ولادة الحكومة.
وتعرب المصادر السياسية عن مخاوفها من أن يؤدي الفراغ الحكومي الى فلتان الأمور على غاربها، خصوصاً وأننا رأينا عينة من المواد التي تسمح بذلك وهي الاتصالات التي أظهرت مدى الانكشاف الذي يعانيه لبنان.
وتؤكد المصادر، أن سحر الاتصالات انقلب على الساحر، بمعنى أن هذا الملف كسر ظهر تيار «المستقبل» ومن يدور في فلكه، حيث انكشف الغطاء عن زيف شعار هذه القوى "العبور إلى الدولة" والذي أصبح «العبور من الدولة، إلى الميليشيات».
وترى أن الأمر لن يطول لكي يدلي تيار «المستقبل» بفعل الندامة، على ما اقترفت يداه في هذا القطاع الذي ساهم إلى حد كبير في تمكين العدو الإسرائيلي من تحقيق العديد من أهدافه الأمنية، من خلاله.

السابق
ريفي يفتقد دعم طرابلس ويعاني أزمة… طائفة
التالي
نتنياهو يغلب أوباما… بلكنة نيويوركية!