الإسرائيليون في إيران!

نعلم أن البراغماتية جزء من السياسة، وأن الساسة يتعاملون مع الرأي العام على طريقة «افعل ما نقول، وليس ما نفعل»، ونعلم.. ونعلم، لكن أن يصل إلى حد علمنا اليوم في سياسة المنطقة أن سفنا إسرائيلية؛ تجارية أو خلافه، ترسو في الموانئ الإيرانية، ومنذ سنين.. فهذا أمر آخر!

ومجرد التساؤل عما إذا كانت السلطات الإسرائيلية قد سمحت بذلك أم لا، يعد مضيعة للوقت، خصوصا أن الأمر لم ينفضح في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، التي يفضل زعيم حزب الله ترديد اسمها لوصف الصحف العربية المهنية التي لا تروق له، كما أنه لم يكن سبقا صحافيا كشفته محطة «المنار» التابعة للحزب، أو قناة «العالم» الإيرانية، المشغولتان بمساندة النظام السوري، بل انفضح أمر السفن التجارية الإسرائيلية – التي تزور طهران ومنذ سنوات لدوافع تجارية – من خلال قائمة العقوبات التي أعدتها الخارجية الأميركية ضد الشركات المتعاملة مع إيران. وبالطبع، الآن فهمنا لماذا توجد معابد يهودية في طهران بينما لا يوجد مسجد سني واحد في العاصمة الإيرانية.. فيبدو أن التسامح الديني يتم بمقدار عدد الزوار، والمصالح!
وبالطبع، يجب عدم الانشغال بالعلاقات الإسرائيلية – الإيرانية، سواء الخاصة بالسلاح أو النفط أو خلافه، بل دعونا ننظر إلى تأثير ذلك على عملاء إيران في المنطقة، سواء دول، مثل سوريا التي يردد متظاهروها: «لا إيران ولا حزب الله.. بدنا مسلم يخاف الله»، أو ميليشيات، مثل حزب الله، أو حتى إعلام وجماعات متحدثة باسم الديمقراطية، مثل ما يحدث في العراق أو البحرين، أو الكويت.. وغيرها، أو حتى الوفد الشعبي المصري الذي يزور إيران لأسباب لا نعلمها، ولا نعلم من هو «الحملة دار» السياسي لها.. فبالتأكيد سيكون التأثير سيئا، لكن هل هذا يهم؟

الإجابة بالتأكيد: لا. فالأهم هنا هو المواطن العربي غير الملوث بالتيارات السياسية، وليس أصحاب الهوى الإيراني، خصوصا أن الإيرانيين والمحسوبين عليهم في منطقتنا من حلفاء وعملاء، كثيرا ما يتهمون الأنظمة العربية، أو الإعلام العربي المحترم، بالعلاقة مع إسرائيل، وهذا ما نراه اليوم في الإعلام السوري الذي لا يتوانى عن صياغة الأكاذيب للنيل من الانتفاضة السورية، والتعاطف العربي معها. لذا، فإن الأهم هو تنبه المواطن العربي غير الملوث بآيديولوجيا ليرى كيف تتصرف إيران في المنطقة تحت ذريعة التصدي لإسرائيل بينما تفتح مرافئها البحرية للسفن الإسرائيلية، وما خفي كان أعظم بالطبع!

ومن المهم أيضا أن يلحظ المواطن العربي الفرق بين من يملك علاقات واضحة، ومعلنة، مع إسرائيل وفق اتفاقيات، ومن يهاجم إسرائيل صباح مساء ويفتح لها سواحله في الخفاء، ثم يدعي أنه يدعم الحق الفلسطيني، وأنه مع «المقاومة» في لبنان، وسوريا، من أجل الصمود ضد إسرائيل، ويصف الأنظمة العربية المتمسكة بعروبتها ومصالحها بأنها أنظمة عميلة لإسرائيل، بينما الواقع اليوم يقول إن إيران شريك تجاري، أو أكثر، لإسرائيل في المنطقة!
ولذا، نقول: هل السفن الإسرائيلية تعد فضيحة لإيران؟ الإجابة: لا. فطهران تجاوزت الفضائح بكثير، وإنما هي تنبيه للعرب المخدوعين بإيران! فهل يتنبهون؟

السابق
الأتوار: جدلٌ لبناني في المجهول ولا أحد قادر على المعالجة
التالي
أنتظر لاءات عربية جديدة … إن بقي عرب