أوباما يسبق اتهام بلمار وحكم المحكمة!

فاجأ الرئيس الأميركي باراك أوباما الرأي العام اللبناني والعربي من خلال اتهامه "حزب الله" بتنفيذ عمليات اغتيال سياسي، متعهدا امام مؤتمر اللجنة الاميركية للشؤون العامة لاسرائيل "ايباك"، وهي انشط اللوبيات الاسرائيلية وأفعلها في اميركا، مواجهة "هذه المنظمة الارهابية التي تسعى الى فرض ارادتها عبر الصواريخ والسيارات المفخخة …"، ومشددا على ان واشنطن ستمنع ايران من الوصول الى السلاح النووي…

هذه اللغة المتشددة قابلها أوباما بغزل غير مسبوق لليمين الإسرائيلي المتشدد الذي سبق أن شن حملة اعلامية ضده بسبب اشارته الى "حدود 1967" كجزء من التسوية بين اسرائيل والفلسطينيين.

أوباما سعى في الدرجة الأولى امام "ايباك"، الى نيل رضى الناخب اليهودي ودعمه في الانتخابات الرئاسية في العام 2012 وخصوصا بعدما عبرت شخصيات يهودية أميركية اساسية عن نيتها إعادة النظر في دعم حملته، وأبرزها إيد كوتش رئيس بلدية نيويورك السابق الذي دان أوباما في تصريح لـ"رويترز" والملياردير مورتيمر زوكرمان الذي أكد ان هناك قلقا ونفورا في اوساط مناصرين سابقين لأوباما بين اليهود الاميركيين، متوقعا انسحاب نشطاء من حملته، والأهم انحسار الدعم المالي عنه… هذه التصريحات دفعت أوباما الى "تصحيح" مواقفه وخصوصا أن نحو 78 في المئة من الناخبين اليهود صوتوا لمصلحته في العام 2008.

كلام أوباما ضد "حزب الله" وإيران يأتي في الدرجة الاولى من باب طمأنة اليمين الاسرائيلي، والتأكيد له انه يقف الى جانبه في مواجهة ألدّ اعدائه. ولكن في المقابل، توقف عدد من المتابعين عند اتهام الرئيس الأميركي "حزب الله" بالاغتيال السياسي عبر السيارات المفخّخة في اشارة واضحة لا تحمّل اي لبس الى تنفيذ عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في العام 2005، فما الذي دفع أوباما الى اطلاق اتهام كهذا؟ وإلامَ استند ما دام دانيال بلمار لم يعلن بعد قراره الاتهامي؟

مصادر واسعة الاطلاع كشفت أن الرئيس الأميركي، الذي كان بعض مستشاريه ينصحون له قبل اشهر ضرورة محاورة حزب الله ،او على الأقل الجزء السياسي في الحزب أسوة ببريطانيا وفرنسا، يعلم تماما ان اتهاما كهذا من شأنه أن يؤثر سلبا في عمل المحكمة الخاصة بلبنان و"صورتها"، والتي تتعرّض اصلا لحملة تشكيك من "حزب الله" وحلفائه والنظام السوري. ولكن مجموعة مسائل بعضها مستجدّ وبعضها الآخر متراكم دفعته الى اعطاء اشارة الانطلاق في هذه القضية شديدة الحساسية والتداعيات في آن واحد، ومن ابرز هذه المسائل:

– تقارير تؤكد ان "حزب الله" وسوريا، وتحت المظلة الايرانية، سيعمدان الى التصعيد ضد اسرائيل مستخدمين الحشود الفلسطينية لمحاولة عبور الحدود في جنوب لبنان وهضبة الجولان.

– دور اساسي قامت وتقوم به قيادة "حزب الله" في "توثيق" العلاقات السورية – الايرانية ولا سيما الأمنية والعسكرية، ووجود اشارات متزايدة الى ان السيد حسن نصرالله يؤثر جدا في قرارات القيادة السورية.

– رصد نشاط متزايد لمجموعات تابعة لـ"حزب الله" في العراق، تعمل على تدريب أكبر عدد ممكن من المناصرين وكودرتهم تمهيدا لبسط النفوذ وسد الفراغ الذي سيخلفه الجيش الاميركي بعد انسحابه شبه التام في حلول نهاية آب المقبل.

– تقارير من بلدان خليجية تؤكد تغلغل مجموعات من "حزب الله" داخل مجتمعاتها الشيعية، وهي تعمل على تنشيط حركات الاحتجاج، وتواكبها مجموعات أخرى عبر الانترنت.

ـ معلومات متقاطعة تشير الى وجود خطط عملانية اعدها "حزب الله" لمواكبة اي تطور دراماتيكي في سوريا من خلال تشديد قبضته على مفاصل اساسية في لبنان.

– انطباع يسود لدى الأجهزة الأمنية الأميركية بأن "حزب الله" استطاع تعبئة الفراغ الذي خلّفه غياب أبرز قيادييه الأمنيين والعسكريين عماد مغنية. وهناك نشاط لافت للحزب في اميركا وكندا. وهنا لمّحت المصادر واسعة الاطلاع الى دور مباشر لمغنية في التفجير الذي استهدف "شخصية أمنية أميركية رفيعة" كانت موجودة ضمن الموكب التابع للسفارة الاميركية في لبنان منتصف كانون الثاني العام 2008، اي قبل اقل من اربعة اسابيع من اغتيال مغنية في دمشق.

وليس مصادفة ان يسبق هجوم الرئيس الاميركي على "حزب الله" بايام معدودة نشر كبرى الصحف وشاشات التلفزة الاميركية خبر قبول محكمة فدرالية في نيويورك دعوى قضائية اقامها أقرباء ضحايا هجمات 11 ايلول ضد إيران و"حزب الله" وعماد مغنية، باعتبارهم متورّطين في الهجمات، ذلك من خلال توفير التدريبات اللازمة لخاطفي الطائرات وتنقلاتهم، وبعد تنفيذ الهجمات ساعدا عناصر القاعدة في الهروب إلى قواعد آمنة في إيران.

وأكّد محامي ذوي الضحايا ان الدعوى تستند الى معلومات تم الحصول عليها من موظفين سابقين في الاستخبارات الأميركية والإيرانية!

إذاً، المسألة كلها معلومات أمنية واستخباراتية، فهل إلى المصادر نفسها استند أوباما في إعلان اتهامه وأحكامه؟ ام انه، ومن خلال موقعه، يعرف محتوى تقارير بلمار؟

وهل يكون كلامه تمهيدا لاعلان قرار بلمار الاتهامي؟ ام ان الحكم الذي اصدره الرئيس الاميركي يختصر القرار الاتهامي والحكم والاستئناف والتمييز معا؟

والأهم من كل ذلك، اي تأثير لهذه المواقف النارية والمفاجئة في لبنان بإرباكاته الحكومية وتوتراته المذهبية والتأهب الذي يحاصر حدوده مع سوريا شمالا وشرقا، واسرائيل جنوبا؟

السابق
الشرق الاوسط: دعوات للأسد من “أهل بيته” في لبنان للشروع بالحوار
التالي
عضو كتلة المستقبل لـ”عكاظ”: لم نرسل مسلحين إلى سورية