تعديل السلوك الأميركي

قالتها الولايات المتحدة أكثر من مرة: إنها تريد تعديل السلوك السوري، فماذا يعني ذلك، وما هو التعديل أو التغيير الذي تريد أن يحصل ، ولماذا، ما علاقتها ، ما مصلحتها وما هي دوافعها، وما طبيعة الأساليب والأدوات التي استخدمتها وتستخدمها اليوم لتصل إلى هدف التغيير أو التعديل؟!.

في الإجاية على كل هذه التساؤلات هناك اسرائيل تبرز في كل محاولة للوقوف على تحديد التعديل المطلوب، أو لمعرفة المصلحة والدوافع أو في محاولة تشخيص الأساليب وفرز الأدوات المستخدمة.‏

منذ أتى كولن باول وزير التزوير الأميركي إلى دمشق بشروطه المعروفة- وقبله ريتشارد أرميتاج – التي رفضت مجتمعة رفضاً قاطعاً كان ينبغي على واشنطن ( ببوش أو بأوباما أو بغيرهما) أن تدرك بأن السلوك الذي يجب أن يتغير هو السلوك الأميركي والغربي مع سورية من جهة ومع المنطقة واسرائيل من جهة أخرى وليس السلوك السوري.‏

سورية في كل مسلكياتها كانت وستبقى وطنية قومية، ترفض المساومة وتعرف جيداً كيف تقدم نفسها وتحمي مصالحها وتقيم علاقاتها، والشعب السوري الذي اختار الوطن والسيادة الكاملة وتمكن من اجتياز كل الاختبارات الصعبة التي تعرض لها، واضح جداً أنه حسم خياراته اليوم بالانحياز للوطن والتعبير بوضوح أكبر عن رفضه خطط التخريب والفوضى فضلاً عن رفض مشاريع الفتنة.‏

شعبنا الذي يدرك بوعيه السياسي الوطني أنه سيتعرض لمزيد من الضغط كلما تقدم خطوة في اتجاه إسقاط هذه الخطط والمشاريع يؤمن ويعتقد بحتمية الانتصار ويعرف أنه ما من خيار آخر أمامه في مواجهة سياسات الغطرسة والعدوان التي خبرها جيداً وتمكن غير مرة من تفكيك مفرداتها والوقوف على الحقائق .‏

ماذا تقول الولايات المتحدة ومعها الغرب وبعض الأشقاء، وماذا يفعلون اليوم بعد أن فشلوا بالأمس ، إنهم يتقاسمون المهمة فمنهم من يمول ومنهم من يحتضن ومنهم من يحرض ومنهم من يضغط لتحقيق هدف الوصول بسورية إلى قبول المساومة على مواقفها الوطنية الأصيلة ولاسيما لجهة قبول التخلي عن خط الممانعة والمقاومة ضد الاحتلال.‏

هذا ما أعلنته واشنطن منذ أسابيع قليلة بوقاحة، وهذا ما يشكل المادة الأساسية في حملات التلفيق والتحريض والضخ السياسي والاعلامي الكاذب، ولاشك أن الرد قد وصل إلى واشنطن وجميع الأطراف الأخرى من الشعب السوري الذي رفض ويرفض مشاريع الفتنة وطوق ويطوق في هذه الأثناء ذيولها وآثارها المتبقية بعد أن أسقطها.‏

سواء وصلت الرسالة السورية أم لم تصل ، فإن سورية ستمضي في مشروعها الاصلاحي الأصيل الذي بدأته في العام 2000 ، وربما لن يعنيها كثيراً ما إذا كانت واشنطن وغيرها تبحث اليوم عن أدوات أخرى غير التكفيريين والارهابيين ، وعن عناوين أخرى غير الاصلاح لتحاول مجدداً استهداف سورية التي لن تبدل بوصلتها الوطنية ولن تعدل سلوكها القومي مهما اشتدت التحديات ومهما كبرت التضحيات.‏

السابق
يحق للأسد
التالي
مكانة إسرائيل في الحضيض وأمنها أيضاً