حملة إسقاط النظام الطائفي: إلى أين؟

«حراك شبابي لبناني يدعو إلى إسقاط النظام الطائفي ورموزه»، صورة مثالية إطارها بناء الدولة، بدل المزرعة الطائفية.. هذه الصورة التي رسمتها أول تظاهرة يوم ٢٧ شباط ٢٠١١، اليوم الذي تجمع فيه نحو ألفي مواطن لبناني تحت الشتاء للمطالبة بإسقاط النظام، تبدو ناقصة الآن مع السؤال الذي يتبادر إلى ذهن من راهن على الحراك ومن تابعه منذ ولادته: إلى أين يتجه هؤلاء الشباب بعد مرور نحو أربعة أشهر على انطلاق حراكهم؟
«الحراك لم يكن موجة أو موضة، وأنا شاركت في كل التظاهرات التي دعا إليها الشباب. إيماني بهم كبير». يقول نزار عاقله، أحد الشباب الذين شاركوا وتابعوا الحراك منذ البداية. نزار الذي أكد أن الحراك سيعطي نتيجة على المدى البعيد، يرى أن ما حققه الشباب جيد حتى الآن، رغم التشاؤم عند البعض. ويشرح: «أعتقد أن التركيز على قانون الانتخاب سيعزز الحالة التي ترجمت ميدانياً على الأرض والتي لن تكون كافية إذا لم نضغط لتحقيق كل المطالب».

مايا مكاريوس، الطالبة الجامعية التي لم تشارك بأي تظاهرة ولكن اكتفت بمتابعة أخبار الحراك، تخالف نزار الرأي. «كنت ضد هذا الحراك منذ بداية انطلاقه، لأنني أعتقد أن الشباب اللبناني اكتفى بالتقاط العدوى التي انتقلت من مصر وتونس ولم يخططوا قبل التظاهر». وتشير مايا إلى ضرورة القراءة بشكل واقعي بحسب وجهة نظرها: «وضع لبنان يختلف عن وضع الدول العربية الأخرى، ومن الصعب جداً إسقاط النظام هنا، لأن الطائفية متجذرة في النفوس وفي نمط العيش اليومي لدى المواطن اللبناني».

أبرز ما اعترض الشباب المشارك والمنظم في هذا الحراك هو آلية العمل، فبعد ارتفاع عدد المؤيدين أصبحت المسؤولية أكبر على عاتق كل من نظّم وشارك وقرّر أن يخلق فسحة أمل جديدة، عبر رفع شعار «الشعب يريد إسقاط النظام الطائفي ورموزه». ولكن بعد فترة الهدوء التي شهدها الحراك مؤخرا ساد التشاؤم عند البعض. لكن هذا التشاؤم لا يلغي إيجابية فسحة الأمل بالنسبة للمواطنين المؤمنين بمفهوم الدولة، بالرغم من الخلافات التي سادت الحراك. نصري الصايغ الذي اعترف بأن ما فعله الشباب قد دفعه لإعادة كتب العلمانية وإلغاء الطائفية إلى مكتبته مجدداً، يؤكد في لقاء جمعه مع شباب إسقاط النظام أن الأهم هو الاتفاق على الشعار العريض: «إسقاط النظام الطائفي». أما الخلاف فهو أمر طبيعي وصحي في أي حراك شعبي شبابي، منطلقا من ذلك لدعوة الشباب إلى عدم القلق.

بلال جابر أحد المشاركين الذين بدأوا بالتفكير بمقاربة جديدة لإعادة إحياء الحراك، يقول إن الأساس هو المواطن والفرد والشعب، وعلينا كشباب أن نحفز المواطن لكي يبتعد عن زعيمه الطائفي. هكذا يسقط النظام الطائفي، فحصار المجلس النيابي، أو السرايا الحكومية جيدة من وجهة نظره، لكنه لا يكفي لتحقيق التغيير الذي يكون عبر التواصل مع الناس، وهم المعنيون أولا بإسقاط النظام الذي يشكل خطرا على جميع المواطنين.
هذا الخطر تؤكد عليه مادونا عدس. الطائفية والتعصب الديني هما اليوم أقوى مما كانا عليه خلال الحرب أو قبلها، لذلك نحن اليوم بحاجة لقوة ضاغطة تتألف من الشباب الذين يشكلون العصب الرئيسي للمجتمع اللبناني، تشرح المساعدة الاجتماعية، داعيةً الشباب إلى عدم خسارة هذا الحراك، لأنه أمل كل شخص يريد العيش الكريم في هذا البلد، على حد قولها.
إلى أين؟ وكيف سيحقق الحراك الهدف المنشود؟ لا بد من الاعتراف بأن هذا الحراك الذي يجمع شبابا مستقلين وحزبين يطرح مع التنوع آراء ووجهات نظر مختلفة. والشكل الذي اتخذته إدارة هذا التنوع والاختلاف في المرحلة السابقة هو ما شكل مصدر قلق بالنسبة إلى المتابعين.. علما أن التنوع بحد ذاته هو مصدر الأمل بنجاح التحرك وإسقاط النظام.

السابق
هيفاء وهبي “تكشف” فساد مصر قبل الثورة
التالي
أسباب غياب الحريري عن الساحة