تصفية بن لادن… صفقة ثم تعمية؟!

 سيمضي وقت طويل قبل ان تظهر حقيقة التقاطع الاميركي – الباكستاني في مسألة وضع اسامة بن لادن تحت دائرة المراقبة ثم قتله بالطريقة التي أعلن عنها.
ثمة ملاحظتان اساسيتان على هذا الموضوع. الاولى تتعلق بمدى مشاركة باكستان في العملية، والثانية تتصل باختيار التوقيت لتنفيذ العملية التي أثارت دوياً في العالم من اقصاه الى اقصاه.
اما عن مشاركة او عدم مشاركة باكستان، فالأمر لا يحتاج الى اجتهادات كثيرة ولن ينفع اعلان الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري، ان بلاده لم تشارك في العملية ولم تكن تعلم بمكان وجود بن لادن، على الاقل لأن السفير الباكستاني في واشنطن حسن حقاني قال ان بلاده ساعدت في تحديد مكان بن لادن.

واضح ان الحكومة الباكستانية تحرص على اعلان عدم ضلوعها، خوفاً من العمليات الانتقامية التي قد تستهدفها. وواضح اكثر ان واشنطن تحرص على دعم هذه الرواية، فها هو مساعد وزيرة الخارجية الأميركية مارك كيميت، يسارع الى التعمية بالقول ان حرجاً كبيراً سيلحق بالعلاقات مع باكستان لأنها ربما كانت تعلم بوجود بن لادن وساعدته ولم تطلع واشنطن على الأمر. بيد أن الأكثر وضوحاً هو ان المخابرات الباكستانية وربما الاميركية، عرفتا بمكان بن لادن منذ آب من عام 2008 كما أكدت تقارير استخباراتية متقاطعة!

واذا كانت خلافات معلنة قد نشبت بين الطرفين منذ كانون الثاني الماضي، بسبب اختراقات اميركية للحدود الباكستانية من الاراضي الافغانية، فكيف يمكن ان نصدق الآن ان فريق الاغتيال الاميركي اجتاز المسافة من افغانستان الى مدينة ابوت أباد، على تخوم اسلام اباد ونفّذ العملية من دون معرفة باكستان؟

وإذا كانت العملية وقعت في منطقة امنية حساسة جداً لأن فيها منشآت نووية وقواعد صواريخ باليستية، فهل هناك من يصدق رواية تعطيل الاميركيين اجهزة الرادار والمراقبة قبل العملية.
على أساس كل هذا فالارجح ان ثمة صفقة وانها تتصل بالتوقيت المدروس جداً الذي اختير للعملية:
اولاً: توفير انجاز يعطي باراك اوباما حجة قوية لتعجيل الانسحاب من افغانستان بعدما "تم تحقيق العدالة" كما قال. وليس سراً ان هناك استعدادات جارية بصمت هدفها انهاء الاحتلال الاميركي لافغانستان.
ثانياً: توفير انجاز مثير للرأي العام الاميركي الذي خرج متظاهراً ومهللاً بما يقوي معركة اوباما لتجديد ولايته، وهذا امر واضح تماماً.

ثالثاً: المساعدة في تعبيد الطرق امام ثورات التغيير في الدول العربية ودفعها في اتجاهات الديموقراطية والدولة المدنية، وذلك من خلال إضعاف التيارات الاسلامية المتشددة وعزل الحركات السلفية الجهادية التي تحاول، على ما تعلن بعض الانظمة المترنحة ولو بأسلوب مبالغ فيه، أن تملأ الفراغ بعد انهيار هذه الانظمة.
 

السابق
الراي: لبنان المرتاح لشطب بن لادن غير مرتاب من تداعيات على أرضه
التالي
نقطة تحول أفغانية