المشاعات وهَيبة الدولة

مهما قيل عن ازالة مخالفات البناء على المشاعات والأملاك العامة وأملاك الغير في غير منطقة، يبقى ان حجم تلك المخالفات كبير كبير، لا يمكن معه الدولة ان تستعيد هيبتها وتفرض سلطتها.
وما اقدام النائب عبد المجيد صالح على هدم مبان تخصه وعائلته في صور الا واجهة اعلامية تخفي وراءها كما كبيرا من الفضائح في هذا المجال. هذه الفضائح، وان تكن مشتركة في غير منطقة، الا ان الواقع يؤكد ان طائفة محددة تستأثر بها، من دون الحاجة الى ارقام واحصاءات وشهود العيان.

واذا كان اتهام طائفة ما يعتبر تحريضا، فإنه من الافضل، لعدم التعميم، تحميل الحزبين الرئيسيين القابضين على الطائفة الشيعية، المسؤولية كاملة، لا عن قضم بعض الاراضي، والاستيلاء على اخرى بقوة الشارع، بل مسؤولية تفكيك بنية الدولة وتقويض اساساتها غير المتينة اصلا.

فالمخالفات على طريق المطار كانت بادية امس للمارين الى الجنوب، وثمة ورش بناء لم تتوقف، والامر ليس حكرا على تلك المنطقة، اذ يبلغ عمق الضاحية في حارة حريك وبرج البراجنة والليلكي وحي السلم والمريجة، وقد رفع اصحاب عقارات في تلك المناطق ظلامتهم الى نواب وقيادات سياسية ودينية مرارا وتكرارا.

ثم ماذا عن التعديات على تلك الاملاك في البقاع الشمالي، وفي البقاع الغربي؟ ألم نقرأ قبل مدة بيانا لاهالي لبّايا يشكون فيه مصادرة المشاعات بغطاء بلدي لمصلحة "حزب الله"؟ وماذا عن عقارات في الجنوب تباع عنوة، او يكون مصيرها الاستملاك للمصلحة العامة؟ وقد صودر بعضها لمصلحة المكبات، وكأن القرى ضاقت بأهلها او بعقارات تخص ابناء الطائفة نفسها حتى تصادر عقارات اقليات تعيش هناك او اضطرت الى هجر مسقطها!

عقار من هنا أو آخر من هناك، ليس مهماً بهذا القدر، فالارض تبقى فيما الناس الى زوال وفناء، لكن العبرة تبقى في نية دعم قيام الدولة او عدمها.
ان ازالة تعديات في منطقة الاوزاعي لا تعدو كونها مسرحية، بل ربما حاجة ضرورية تبعد عن المطار، وبالتالي عن المسافرين، خطر الوقوع والموت.

لكن عدم اكمال الخطوة، تحت شعار عدم مواجهة الاهالي، المقاومين، والمحرومين، هو الغاء لكل مقومات الوطن، ودفع لفئات اخرى الى القيام بتجاوزات مماثلة، اللهم الا اذا امسكها احترام الحقوق او الجبن عن ذلك، وبالتالي يصبح الوطن كله مستباحا في الداخل ومن الداخل قبل الخارج.

ان سقوط طائرة كوتونو والطائرة الاثيوبية يثبت بلا شك ان الضحايا لم يكونوا من لون واحد، او مذهب واحد، وانما اصاب الضرر الاكثر المعتدي الاكبر، وربما في ذلك عبرة لمن يعتبر.

السابق
وردة علـى بـحر العـرب
التالي
الناتو في ليبيا: مسؤولية حماية أم تغيير نظام؟