العرقوب: أرض بلا حقوق… ولا نواب

العرقوب. كم نسمع اسم هذه المنطقة، التي تحتضن مزارع شبعا وتلال وكفرشوبا، على ألسنة الساسة اللبنانيين وغير اللبنانيين، عندما يكون هناك حاجة للمتاجرة بقضيتها الوطنية والعربية – عنينا قضية احتلال مزارع شبعا وكفرشوبا – بينما تغيب كليا عن فكر هؤلاء الساسة الذين لام يرَ وجوههم معظم أهالي المنطقة .

فمنطقة العرقوب هي منطقة خالية من كل معالم الانماء والحداثة . هناك مستشفيات لأهالي المنطقة، لكنها مجرد أبنية لا وظيفة لها، مثل مستشفى الامير زايد في شبعا، التي كلف تشييدها ثلاثين مليون دولار وجهّزت بأحدث الاجهزة التقنية والطبية وشغلت معداتها وعين حراس لها، لكنها لم توضع في الخدمة بعد، ولم يعين مجلس ادارة لها بسبب الخلاف السياسي عليها.

أما مستشفى حاصبيا فشهد خلافا اداريا استدعى توقفه عن العمل لفترة من الزمن، وما زال ومستشفى مرجعيون غير مؤهل، ما يدل على وجود معاناة صحية حقيقية لابناء العرقوب، ووزارة الصحة ربما لا تعرف ان هنالك منطقة اسمها العرقوب. اما القطاع الزراعي الذي تعتمد عليه هذه المنطقة بشكل اساسي فهو يفتقر لادنى اشكال الدعم من قبل وزارة الزراعة، إذ أنّ أبناء هذه المنطقة تأملوا خيرا في البداية لكن سرعان ما تبدلت هذه الآمال؟ هم الذين لا يطلبون أكثر من تسهيل تصريف الانتاج الزراعي، خصوصا الزيتون، ومدّهم بالبذور والاسمدة والاغراس اللازمة .

ونأتي إلى قضية الصرف الصحي التي اصبحت تشكل كارثة بيئية على هذه المنطقة وعلى ابنائها بسبب توجيه المياه الآسنة من المجاري إلى نهر الحاصباني الذي يغذي المنطقة، ما يسبب ايضا في تعجيل القضاء على الثروة السمكية. وهنا يجب على وزارة البيئة التحرك فورا لمعالجة هذه المشكلة.

ناهيك عن واقع التعليم الذي يعتبر جهادا بالنسبة لابناء المنطقة، خصوصا الذين وصولا إلى المرحلة الجامعية. فأقرب جامعة لبنانية إلى لمنطقة تبعد أكثر من مئة كيلومتر، ما يحتّم على الطلاب ترك منطقتهم والإنتقال إلى السكن في المدن، ما يزيد من اعبائهم المادية.

واليوم تشهد هذه المنطقة ظلما جديدا يتمثل في منع أهاليها من الحصول على رخص البناء. فهنالك الكثير من المواطنين الذين منعوا من تشييد منازل لهم، رغم أنهم حصلوا على التراخيص، في حين بني إخوان لهم في الوطن بلا تراخيص في مناطق أخرى وعلى أملاك الدولة: فأين العدل؟

فمنطقة العرقوب التي تعرضت للتدمير والاعتداء أكثر من مرة، وأنشىء مجلس الجنوب من اجل التعويض على أهاليها، لم يحصل اهلها على اي تعويضات، كما لو أنّهم ليسوا من لبنان بل من دولة اخرى.

وحده وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ إلتفت إلينا هنا وقدّم لنا بعض النشاطات الاجتماعية التي كان لها وقع جيد على نفوس أبناء المنطقة، بعد جهد كبير من رئيس اتحاد بلديات العرقوب محمد صعب واعضاء الاتحاد رؤوساء بلديات المنطقة الذين قاموا بمتابعة هذه المواضيع منذ اكثر من اربعة اشهر، وقد تكللت جهودهم ايضا بالتفافة وزير الاشغال العامة غازي العريضي الذي زار المنطقة الاحد 24 نيسان واطّلع على وضع المنطقة المأساوي وافتقارها للمشاريع الانمائية والبنى التحتية، كما وعد بتنفيذ بعض المشاريع، في مقدمتها تعبيد طرق المنطقة من مدخلها في سوق الخان حتى شبعا وبقية القرى، ما ترك انطباعا جيدا لدى ابنائها الذين تمنوا على الوزير ان يبقى على التفافته المقدرة.

ويبقى نواب المنطقة غائبين. جفت حناجر الأهالي من كثرة مطالبتهم ببعض المشاريع الضرورية، والنواب لا يسمعون ولا يلبون، ربما لان اصواتهم غير مطلوبة، فهم – النواب – يصلون إلى المجلس النيابي باصوات أبناء مناطق أخرى، نتيجة نظام انتخابي جائر بحق منطقة العرقوب.

الواقع الحالي بالنسبة للاهالي لم يعد مقبولا، والصوت سوف يعلو اكثر فأكثر حتى تحقيق مطلبها الاساسي، وهو ليس الانماء المتوازن – الكذبة، بل الانماء العادل الصادق. وأهل العرقوب لن يقبلوا بغير الانماء العادل طريقا لهم كي يبقوا صامدين في ارض الصمود، ارض العرقوب .

السابق
ملامح صفقة وراء مقتل بن لادن… تنهي احتلال أفغانستان؟
التالي
النهار عن مصادر سياسية: الداخلية لا تزال عالقة على مجموعة اقتراحات لم يبت اي منها