مزحة الـ «تايم»

تكاد مجلة «تايم» الاميركية المرموقة تصبح مثل مجلد «غينيس» البريطاني الشهير للارقام القياسية، الذي يجمع الغرائب والعجائب، اكثر مما يسجل الاكتشافات والاختراعات، ويتحول الى مادة للتسلية والترفيه، وفرصة للضحك والدهشة… وشهادة تعلق على الجدران ولا تحفظها الذاكرة.
منذ منتصف القرن الماضي افتتحت مجلة «تايم» تقليدا سنويا مثيرا اتبعته في ما بعد غالبية الصحف والمجلات الكبرى في العالم، يقضي باختيار شخصية العام التي تستحق ان تتصدر صورتها غلاف المجلة في الشهر او الاسبوع الاخير من السنة، ويكتب مقال او اكثر عن انجازاتها سواء كانت في حقل السياسة او الاقتصاد او الاجتماع او العلم او الفن. كان العالم كله ينتظر ذلك الخيار، الذي لم يكن يقع دائما، اوغالبا، على اميركي او اميركية، ولا كان يجري انتقاء الاسم بناء على اعتبارات قربه من اميركا. في بعض الاحيان، كانت الشخصية المختارة معادية لاميركا او مناقضة لسياستها او حتى لثقافتها.
مع مرور الزمن فقد ذلك التقليد جاذبيته، لاسباب عديدة بينها ان اميركا اولا والعالم ايضا بات يفتقد الى رموز تاريخية مؤثرة، وصار الجمهور ينبهر بشخصيات لافتة تتشكل مثل النجوم لكنها تخبو بسرعة من دون ان تترك اثرا بعيد المدى. كما ان المجلة الاسبوعية لم تعد مرجعا رئيسيا للقارئ الذي توافرت لديها ادوات ووسائط للوصول الى معلومات ومعارف سريعة ومتغيرة لا تحتمل انتظار سبعة ايام للحصول عليها او للقراءة عنها.
أبت المجلة ان تتخلى عن ذلك التقليد، لكنها عمدت الى الدخول في سباق جديد مع نفسها ومع الزمن ومع القارئ، فقررت ان توسع لوائح اختياراتها وصارت تنشر على مدار السنة وفي مواعيد عشوائية، اسماء شخصيات تعتبرها مؤثرة في اميركا او في العالم، من دون ان تحدد ما اذا كان المقياس سنويا، كما في شخصية العام التي كانت تحظى بمباركة عالمية واسعة او على الاقل لم تكن تثير جدلا حول المجلة وخلفية قرارها… ومن دون ان تفصح ما هي المعايير التي اعتمدتها لاختيار تلك الاسماء بالذات.
وبين اللوائح المتعددة التي باتت المجلة تصدرها منذ سنوات في اوقات مختلفة من العام وتجمع فيها اسماء من جميع القارات والبلدان، لائحة باسماء الشخصيات المئة الاشد تأثيرا في العالم، والتي تبدو مراجعتها انها اختيرت بناء على برنامج بسيط في الكومبيوتر يحدد فقط عدد المرات التي وردت فيها تلك الاسماء في الاخبار والتقارير والتعلقيات المنشورة في «تايم» او ربما في غيرها من وسائل الاعلام الاميركية، ويوفر للمجلة الاسبوعية مادة جذابة للقراءة وللحفظ، اكثر من بقية موادها التي تنتمي الى اسبوع مضى.
لائحة هذا العام لا تقل غرابة عن لائحة العام الماضي او ما قبله. خمسة اسماء عربية بين مئة شخصية مؤثرة في العالم او على الاقل في بلدانها، يتصدرها المصري وائل غنيم، وتضم العراقي مقتدى الصدر واليمني انور العولقي والليبي سيف الاسلام القذافي، ويختمها السيد حسن نصر الله.
وللقارئ الشاطر ان يكتشف لماذا وقع الاختيار على تلك الشخصيات وما الذي يجمع بينها؟

السابق
ولبـــــنان؟
التالي
النهار “: لا قرار سياسياً بهدم المخالفات